أعلن الروائي السعودي الحائز على جائزة البوكر لعام 2010 عبده خال مقاطعة معرض الكويت في دورته ال 35، التي تنطلق قريباً، بعد إعلان إدارة المعرض منع عرض كتب مؤلفين مصريين. وأكد الروائي خال ل«الحياة» أن مقاطعته لمعرض الكويت «عبارة عن إعلان موقف ضد هذا المنع، الذي يعتبر اختطافاً لمفاهيم حرية الإنسان في أن يقتني أي كتاب يريده»، كاشفاً في الوقت ذاته أن موقفه هذا «سينسحب على كل معارض الكتاب التي تنتهج مثل هذا النهج في منع أي كتاب». وحول عدم مقاطعته لمعارض سابقة، أوضح خال أن الإنسان «عندما يمتلك صبغة معينة، فعليه أن يستخدم هذه الصبغة من أجل الحق، وهذا ما منحني إياه حصولي على جائزة البوكر، والجائزة حمّلتني مسؤولية المنافحة عن الحق بشكل عام، ربما كنت أنافح في السابق صامتاً، لكن علي الآن أن ارفع صوتي». وقال صاحب رواية «ترمي بشرر»: «أعتقد أن المثقفين إذا انتهجوا هذا النهج في المقاطعة فسيستقيم ميزان المعارض، أما إذ تم تفريغ أي معرض من مثقفي العالم العربي، فهذا سيكون ذا اثر كبير، خصوصاً في ظل منع أسماء لامعة في الأدب والفكر العربي لها جهودها الضخمة ومن مختلف التيارات». ولفت إلى أن المتابع لا يفهم ماذا تريد إدارة معرض الكويت من هذا المنع، الذي طاول الجميع ومن دون استثناء وقال: «لا أدري ما هي البوصلة التي تم على أساسها المنع، فبعض الممنوعين كتاب إسلاميون والبعض الآخر سياسيون، وحتى كتاب من تيارات وسطية منعوا كذلك، وهذا يثير علامات استفهام كبرى». وعما إذا كانت وصلته مواقف متضامنة معه من كتاب ومثقفين قال أوضح: «لم يصلني بعد شيء وربما لا يصلني وهذا لا يعنيني كثيراً، كل ما أريده أن تعرف المجتمعات أن التنوع المعرفي ليس مرضاً ولكنه صحة لأي شعب، إنما المرض هو اتباع منهج أو تيار واحد وغياب التعددية الثقافية والفكرية». وأضاف أن الكويت كانت حاملة لمشعل التنوير منذ وقت مبكر في المنطقة، «وأن يحدث من إدارة المعرض هذا الإجراء في منع الكتب هو إجراء تعسفي واختطاف لثقافة البلد، فمن غير المعقول أن يختار عدد قليل جداً من إدارة المعرض لشعب الكويت كاملاً ما يقرأ وما لا يقرأ، ولا يمكن أن تتحول إدارة المعرض إلى محاكم تفتيش في حين ينتظر منها الانفتاح على الآخر بجميع أطيافه، فكيف بها وهي تمنع بيع وتوزيع كتب لأسماء عربية؟». واستغرب الروائي خال موقف إدارة معرض الكويت التي تريد اختصار دولة التنوير الخليجية الأولى والتي مارست دوراً تنويراً منذ الخمسينات والستينات إلى دور تفتيشي قاصر، وهي الدولة التي فتحت قنواتها الثقافية والإعلامية وأسست اللبنة الأولى في دول الخليج لمفاهيم الحرية والعدالة. يصعب أن يكون مآل هذا البلد الاقتعاد في زاوية ضيقة لمنع عرض الكتب في زمن انفتحت فيه كل الحدود على الأفكار والمعتقدات. وطالب خال جميع المثقفين بمقاطعة معرض الكويت إن أصرت إدارة المعرض على منع دخول الكتب المصرية، إذ يرى أن هذا المنع «يخل بمبادئ حرية الإنسان في اقتناء واعتناق ما يريد، وهو الحجر الذي لا يليق بدولة كالكويت». وكانت إدارة المعرض منعت كتاب مصريين من تيارات مختلفة منهم: محمد حسنين هيكل، جلال أمين، جمال بدوي، جمال الغيطاني، إبراهيم أصلان، إبراهيم عبدالمجيد، خيري شلبي، رضوى عاشور، محمد المنسي قنديل، يوسف القعيد، فهمي هويدي، علاء الأسواني، محمد عمارة، فاروق جويدة، عزت القمحاوي، وإبراهيم فرغلي، وآخرون كثيرون. رقابة بائسة وفي السياق نفسه قال الروائي والكاتب الكويتي طالب الرفاعي: «بداية أنا ومجموعة كبيرة من المبدعين والمثقفين لنا موقف معروف من الرقابة، وأن الشعب الكويتي يمتلك القدرة الكاملة في أن يميز بين الغث والسمين، علماً بأننا نتكلم عن رقابة تحترم الآخر وقناعاته، وتنأى بنفسها عن الخوض في مس الذات الإلهية ». وتمنى على معرض الكويت، الذي يعد أحد أهم معارض الكتب العربية تاريخياً، إذ يأتي بعد معرض القاهرة «أن يجد صيغة لتخليص مئات الكتب من كماشة رقابة بائسة، تقف حجرة عثرة دون وصول الكتاب إلى القارئ الكويتي أو القارئ العربي المقيم». وأكد صاحب رواية «سمر كلمات» أن الرقابة «باتت من مخلفات الماضي، لأن الكتب باتت تنتقل عبر الفضاء الالكتروني، ولن تقف أمام أي راغب حقيقي للكتاب»، مشيراً إلى أن «تحركات ثقافية سنوية من المثقفين والمهتمين تطالب بوقف الرقابة، وبالتالي من حق الكويتيين على القائمين على الرقابة، أن يقتنوا الكتاب الذي يرغبون فيه» مشدداً على ضرورة أن تبقى الكويت «منارة وإشعاع تنوير للعالم العربي، كما هو حالها منذ عقود». وقال إن هناك حرية في كل مجال في الكويت، «فلما لا يكون هناك حرية في طرح الكتاب؟ مع أنني ضد الكتب الرخيصة، ولا أحد ينادي بالإباحية ولا الكتب الرخيصة. لكننا نتكلم عن الكتب الحقيقية والإبداعية». وحول اقتصار قائمة المنع على الكتاب المصريين، أشار إلى أن الكويت «لا يمكن أن تتقصد الإساءة لعلاقتها التاريخية والمميزة مع مصر. كلنا أبناء نجيب محفوظ وسواه من الكتاب المصريين الكبار. هناك شيء وراء موضوع المنع، ولكن أتمنى ألا يكون هناك تقصد لمنع كتب الكتاب المصريين». وأوضح الروائي إبراهيم عبد المجيد أن عدداً من كتبه ممنوعة في الكويت مثل «عتبات البهجة» و»برج العذراء». وفي السعودية منعت روايتي «البلدة الأخرى» و «في كل أسبوع يوم جمعة»، معتبراً أن مثل هذا الوضع يخص كتاب كثر، ومشيراً إلى أن «كل بلد حر». لكنه اعتبر أن ما يحصل في الكويت من منع «انجازات للتيار السلفي الرجعي، الذي يحقق خطوات كبيرة في الكويت»، مشيراً إلى أن المثقفين الكويتيين «يعانون من الخضوع لهذا التيار وأفكاره». وأكد وقوف المثقفين المصريين مع المثقفين في الكويت. واستعاد صاحب رواية «لا أحد ينام في الإسكندرية» الدور التنويري والثقافي الذي اضطلعت به الكويت عبر عقود مضت، متطرقاً إلى المطبوعات المهمة التي أسهمت في تشكيل وعي أجيال عربية.