انتهى "المنتدى الاقتصادي العالمي 2001" مساء أمس باحتفال كبير للمشاركين، وسط جدل حام تناول شعارات المنتدى الذي تطوع منظموه لحل قضية "ردم الهوة بين العالمين الصناعي والنامي واستشراف آفاق المستقبل العالمي". وتفاقمت على مدى الأيام الستة الماضية التي استغرقها المنتدى منذ افتتاحه الخميس الماضي حملة الانتقادات والتظاهرات التي كان منتجع دافوس، السويسري الجبلي القريب من الحدود النمسوية، مسرحاً لها. عاود أصحاب المحال التجارية والمطاعم فتح أبوابهم بعدما زال خطر حدوث تظاهرات، في حين أزال أصحاب المنازل السواتر والمتاريس التي كانوا نصبوها عند المداخل والنوافذ. ومن بين أبرز الانتقادات التي ثارت خلال المنتدى الحملة الشديدة التي شنتها المنظمات غير الحكومية التي انتقدت القسوة البالغة التي تعاملت معها السلطات السويسرية مع المتظاهرين المسالمين الذين قمعوا على رغم عدم ارتكابهم أي أعمال عنف. وكانت السلطات الأمنية السويسرية نفذت خلال الاسبوعين الماضيين أكبر حملة أمنية في تاريخ البلاد منذ 30 سنة. وعمدت الى اقفال المعابر الحدودية موقتاً ووضع لائحة باسماء 300 شخص منعوا من دخول البلاد لنشاطهم المناهض للعولمة، وعزلت دافوس من مسافة 45 كلم وشلت حركة السير داخلها لضمان السيطرة على أي تحركات للمتظاهرين. وعلى رغم هذه الاجراءات تجمع حوالى 400 متظاهر في دافوس السبت الماضي حيث قام رجال الشرطة بمطاردتهم بمدافع المياه والقنابل المسيلة للدموع، قبل طردهم باتجاه محطة القطار وابعادهم عن المدينة. ونشبت صدامات وأعمال عنف بين المتظاهرين الممنوعين من الحركة في مدينتي لانغفارت وزوريخ، حيث جرى تحطيم نوافذ المحال واحراق سيارات. وهددت المنظمات غير الحكومية التي تشارك في المنتدى، التي دعاها المنظمون لاظهار عدم اقتصار علاقتهم مع قضايا العولمة على صناع القرار السياسي والاقتصادي وحدهم، بمقاطعة المنتدى السنة المقبلة إذا لم يضمن للمتظاهرين المسالمين حرية الكلمة والتظاهر. وقال الأمين العام لمنظمة العفو الدولية بيار ساني، في مؤتمر صحافي شهد مناقشة حامية للغاية بينه وبين مدير المنتدى كلود سيادجا، ان منظمة العفو الدولية تشعر بالاستياء للطريقة التي عومل بها المتظاهرون. وأرسلت منظمة العفو الدولية ومنظمة غرينبيس ومنظمات أخرى غير حكومية رسائل الى الرئيس السويسري ورئيس المنتدى أول من أمس حددت موعداً في أيلول سبتمبر المقبل للتوصل الى حل مرض، تحت طائلة الانسحاب ومقاطعة المنتدى مستقبلاً. وكان رد مدير المنتدى شديداً اذ رفض الأخذ برأي المؤيدين للتظاهر، في حين حذرت منظمة "بابليك سيتيزين" الأميركية المعنية بمراقبة اتفاقات التجارة من انها لن تشارك السنة المقبلة وكذلك فعلت منظمات أخرى. ومن شأن هذا الأمر ان يزيد الضغوط على المنظمين الذين رأوا بكثير من الامتعاض تنظيم مؤتمر حضره 2700 مشارك من مختلف المنظمات الدولية غير الحكومية في بورتو الليغري حضروا فاعليات "المنتدى الاجتماعي العالمي" المناهض لدافوس الذي يعتبره منظموه بديلاً سيقدم للعالم حلولاً غير الحلول التي يناقشها منتدى دافوس. وفي وقت انقسمت فيه العائلات السياسية السويسرية حيال القمع الذي مارسته قوات الشرطة، وجرى منع متظاهرين حاولوا اقتحام مقر رئيس الشرطة في جنيف بسبب مشاركة قواته في ملاحقة المتظاهرين في دافوس، استمر أمس الجدال حول كيفية تنظيم المنتدى، وسط مخاوف أبدتها السلطات السويسرية من احتمال استمرار الأميركيين في قرارهم منع رعاياهم من التوجه الى دافوس خلال فترة المنتدى، تجنباً لتهديد سلامتهم. ومن شأن القرار ان يؤدي الى افقاد المنتدى صدقيته ويحرمه من مشاركة الأميركيين الذين يعتبرون أكبر وأهم طرف مشارك في هذا الحدث الدولي. وبلغ عدد المشاركين 2332 مشاركاً يضاف اليهم نحو 500 صحافي و650 من العاملين في المنتدى تابعوا على مدى ستة أيام 213 ندوة، تطرق بعضها الى الشرق الأوسط وتناول أغلبها تأثيرات العولمة على التنمية والاقتصاد واتفاقية التجارة الدولية والتطوير الاقتصادي ومشاكل التعليم وتكنولوجيا المعلومات ونماذج الأعمال. وبعد الحديث في الأيام الماضية عن الكتل الاقتصادية الكبرى ومحاولة رصد توجهات التجارة العالمية وتأثيرات ظاهرة العولمة، ومحاولة تفسير التوجهات الثقافية الجديدة في عالم الأعمال وموضوع نماذج الأعمال ومناقشة النمط المعتمد لدى الشركات والأفراد في تنظيم أعمالهم وأنشطتهم الاقتصادية انصب التركيز أول من أمس على مسألة الاعلام وتلخيص مجريات المناقشات والندوات والمحاورات التي تمت. واجمع المشاركون في ندوات تناولت ضرورة تغيير الشركات ثقافتها على أهمية تحقيق تعاون بين قطاع الأعمال والحكومات والمجتمع المدني للتصدي للأزمات والمسائل المعقدة التي تصاحب العولمة، وما حملته من تغيرات للطريقة التي تقاد بها العلاقات بين هذه الأطراف الثلاثة. وقالت كارلتون فيورنيا، الرئيسة التنفيذية لشركة "هيوليت - باكارد" في الولاياتالمتحدة، الى الشركات من مواطنات يخضعن لموجة التحولات التي يشهدها العالم لانهن جزء من المجتمع المدني. وأكدت ان الشركات مدعوة الى الانفتاح على المجتمع المدني، كما هو حال الشركات الأميركية، لا سيما تلك التي تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات، لأن هذه الشركات ترغب في التوسع في الطلب على اليد العاملة الماهرة، في وقت يتراجع عدد خريجي الرياضيات والعلوم في الولاياتالمتحدة بمعدل اثنين في المئة، وهو ما يؤدي الى تبني الشركات برامج تعليم وتدريب تحمل طابع الشراكة الاجتماعية وتخدم في الوقت ذاته مصلحة الانتاج والعمل. وقال بيل غيتس، رئيس شركة "مايكروسوفت" ان التكنولوجيا تحمل معها تحديات جديدة لعالم الشركات بعدما أدخلت كل مناحي الحياة في مجالات تطبيقية جديدة، لم تكن متاحة من قبل، وهو أمر يحتم العمل على مبادرات أخرى لتطوير العلاقات بين الشركات والأفراد.