واجهت مفاوضات طابا مأزقاً امس بعد مقتل مدنيين اسرائيليين في طولكرم، اذ استدعى رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك وفده المفاوض، وجمدت المحادثات مع الفلسطينيين. وكان "الارتياح" الذي عبرت عنه تصريحات الوفد الفلسطيني الى مفاوضات طابا لمداولات الليل والصباح تحول الى تخوف من عودة الوزيرين الاسرائيليين المفاوضين شلومو بن عامي وامنون شاحاك بمواقف أكثر تشدداً، بعد التصريحات التي اطلقها باراك في ما يتعلق بابقاء السيادة الاسرائيلية على كل انحاء البلدة القديمة في القدس، في اطار "ادارة مشتركة" مع الفلسطينيين. ونقلت وكالة "رويترز" عن المفاوض الفلسطيني صائب عريقات ان أفكار باراك "لا تصلح كبداية" بل تشكل مدخلاً لأزمة، رافضاً السيادة المشتركة على المدينة. وقدم الوفد الاسرائيلي في طابا خرائط تظهر للمرة الأولى منطقة غور الأردن جزءاً من الدولة الفلسطينية. وبعدما تبادل الوفدان الاسرائيلي والفلسطيني المديح خلال ايام المفاوضات الثلاثة، حول مدى "جدية" كل منهما في التوصل الى اتفاق، أدلى باراك بتصريحات نفى فيها قبوله اي حل يتعلق بالمدينة المقدسة لا يبقي السيادة الاسرائيلية عليها، وذلك في ما بدا انه "لعبة مكشوفة" تصب في معركته الانتخابية. في الوقت ذاته قتل جنديان اسرائيليان في مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية. ورغم تلك التصريحات، كشفت مصادر فلسطينية قريبة الى مفاوضات طابا ل"الحياة" ان بن عامي وامنون شاحاك اللذين عادا الى طابا بعد اجتماع مشاورات مغلق عقد في وزارة الدفاع الاسرائيلية في تل ابيب برئاسة باراك، طرحا اقتراحا في شأن البلدة القديمة ينص على توسيع مساحة ما اصطلح الاسرائيليون على تسميته "الحوض المقدس"، الذي يضم بالاضافة الى البلدة القديمة اجزاء من مدينة سلوان مدينة داوود بحسب التسمية الاسرائيلية، تحديداً وادي الحلوة الذي استولى المستوطنون على معظم المنازل فيه وأجزاء من جبل الزيتون تضم المقبرة اليهودية هناك. ووفقاً للاقتراح الاسرائيلي تمنح منطقة "الحوض المقدس" مكانة خاصة مع اقامة "سلطة خاصة" في المنطقة لا تسري فيها عناصر السيادة او الحدود. وعلمت "الحياة" ان جوهر الاقتراح الاسرائيلي ينص على ابقاء السيطرة الامنية في هذه المنطقة في أيدي الاسرائيليين فيما يتولى الفلسطينيون السيطرة المدنية عليها. وبحسب اصطلاحات اتفاقات اوسلو تحمل هذه المنطقة مواصفات المناطق المصنفة "ب". وينص الاقتراح ايضا على ان تتعامل "السلطة الخاصة" مع "الترتيبات الأمنية والاحتياجات الانسانية وحرية العبادة لكل الاديان". وعزت مصادر في الوفد الفلسطيني تفاؤلها ب"جدية" الوفد الاسرائيلي الى تقديمه للمرة الأولى اقتراحات مفصلة معززة بخرائط، ليس فقط في ما يتعلق بمنطقة الحرم القدسي وانما ايضا تلك التي اظهرت للمرة الأولى منطقة غور الأردن كجزء من الدولة الفلسطينية العتيدة. لكن المصادر ذاتها اكدت ل"الحياة" ان الاسرائيليين ما زالوا يصرون على وجود عسكري لهم في اطار القوات الدولية التي ستنتشر على طول الحدود مع الاردن. وفي ما يتعلق باللاجئين الفلسطينيين، علمت "الحياة" ان وزير التخطيط والتعاون الدولي نبيل شعث وطاقمه يجريان محادثات منفصلة ومفصلة في شأن حق العودة. وعلم ايضاً ان الاسرائيليين ابدوا استعدادا لزيادة عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين يسمح بعودتهم الى اسرائيل، الى 153 الفاً بدلاً من 100 الف بموجب اقتراح عرض في مفاوضات كامب ديفيد. وابرز الوفد الاسرائيلي للمرة الأولى خرائط تحدد عدد المستوطنات المرشحة للاخلاء، وعددها 80 من اصل 130 مقامة على اراضي الضفة الغربية، فيما جرى حديث عن تنظيف قطاع غزة من المستوطنات. وفي اتصال هاتفي هو الأول من نوعه بين باراك ووزير الخارجية الاميركي كولن باول عرض الأول مستجدات المفاوضات. وقالت مصادر اسرائيلية ان باراك طلب التحدث الى الرئيس الأميركي الجديد جورج بوش، لكنه احيل على باول. وأفادت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية ان محادثات طابا حققت تقدماً سمح للوفدين بالشروع في "صوغ خطوط موجهة لاتفاق اطار" تكون قاعدة متفقا عليها للمفاوضات بعد انتهاء الانتخابات الاسرائيلية. وفي القاهرة، "الحياة"، قالت مصادر سياسية ان محادثات طابا قد تفضي، رغم الفجوات بين مواقف الجانبين وضيق الوقت، الى اعلان مبادئ جديد.