سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
باراك يسعى الى التوقيع على اتفاق جزئي ويطلب دعم مبارك في تأجيل بحث مسألة "السيادة" . اقتراح اميركي ب "السيادة المشتركة" على القدس: الفلسطينيون يرفضونه واسرائيل تنفي الموافقة عليه
أشاعت اسرائيل جوا من "التفاؤل" في شأن امكان التوصل الى اتفاق جزئي مع الفلسطينيين في ضوء ما جاء في "الحل الوسط" الذي قدمته واشنطن والذي قوبل برفض الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي. وأجرى رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك مكالمة هاتفية مع الرئيس حسني مبارك "أطلعه فيها على آخر تطورات المفاوضات" حسب مصادر صحافية اسرائيلية. واشارت هذه المصادر الى ان باراك طلب من مبارك "تأييد ارجاء النقاش في شأن مسألة السيادة على القدس لسنوات عدة" لافساح المجال امام اتفاق جزئي في ظل المعارضة الاسرائيلية الشديدة للسيادة الفلسطينية على القدسالشرقية، وكذلك الاصرار الفلسطيني على سيادة كاملة في المدينة المقدسة. ورأت مصادر سياسية مطلعة في المكالمتين الهاتفيتين اللتين اجراهما الرئيس المصري مع نظيره السوري بشار الاسد والعاهل الاردني الملك عبدالله في اعقاب حديثه مع باراك "مؤشرا ايجابيا" الى احتمال موافقة مبارك على الاقتراح الاسرائيلي. وقالت هذه المصادر ل"الحياة" ان مبارك تشاور مع الزعيمين العربيين في شأن تأجيل حسم قضية القدس لاخراج القمة من الازمة التي تتفاقم يوما بعد يوم قبل عودة الرئيس بيل كلينتون الى موقع المفاوضات. ولاقى مطلب باراك صدى في تصريحات الوزيرين حاييم رامون ويوسي بيلن اللذين طالبا بارجاء حل مسألة القدس "لسنوات". وردد رامون موقفه الثابت بضرورة استثناء القدس من المفاوضات الجارية مع الفلسطينيين و"التركيز على المواضيع القابلة للحل" معتبرا ان "عنصر الوقت يلعب دورا مهما في فض النزاع". "اسطورة وحدة القدس" أما بيلن، فأكد ضرورة "التوصل الى حل مشترك مع الفلسطينيين بمشاركة اطراف أخرى في ما يتعلق بالبلدة القديمة" في القدسالشرقية من دون توضيح طبيعة هذا الحل. وشكك الوزير الاسرائيلي في "اسطورة وحدة القدس"، وقال لصحيفة "يديعوت احرونوت": "من يؤمن بان القدس موحدة ومعترف بها عاصمة لاسرائيل من قبل المجتمع الدولي يؤمن باسطورة ويعيش في الوهم"، معتبرا ان "اجهاض قمة كامب ديفيد بسبب هذه المخالفة للحقيقة سيكون خطأ تاريخيا". كذلك اكد في حديث لاذاعة الجيش الاسرائيلي ان "وحدة القدس الظاهرية يجب الا تمنعنا من التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين ومن تحقيق حلمنا في السلام". واعتبر ان القدس "ليست موحدة حقا"، في اشارة تحديدا الى الاحياء العربية عند حدود مدينة القدس القديمة. وهي المرة الاولى منذ احتلال القدسالشرقية عام 1967 التي يشكك فيها وزير اسرائيلي علنا في مبدأ عدم قابلية القدس للتقسيم. وفي مكالمة هاتفية مع الوزيرة داليا ايتسيك، أوضح باراك أن المفاوضات الجارية "تواجه ساعة الحسم ... ومن الممكن ان يتم التوصل الى اتفاق رغم الصعوبات الكبيرة". وقالت ايتسيك القريبة من باراك ان الاخير أكد لها انه "لن يقبل الاقتراح الاميركي الحل الوسط ما لم يوافق الفلسطينيون عليه مسبقا". ويتضمن الاقتراح الاميركي في شأن القدس سيادة فلسطينية كاملة "على بعض الاحياء العربية" في القدس وسيادة جزئية "على احياء اخرى" أكثر قربا الى البلدة القديمة أي سيادة فلسطينية على احياء مثل بيت حنينا وشعفاط الواقعتين شمال القدس وسيادة جزئية على احياء مثل الشيخ جراح والطور البلدة القديمة. وفي الوقت الذي أكدت فيه مصادر اسرائيلية قبول باراك الاقتراح الاميركي وانتظاره رد عرفات عليه قبل يوم غد، سارع الداد يانيب مستشار باراك الى نفي هذا النبأ من واشنطن. وقال للاذاعة الاسرائيلية ان رئيس الحكومة الاسرائيلي "لم يبحث مثل هذا الاقتراح ولا يدرسه"، مضيفا ان ما تردد عن هذا الاقتراح "مجرد افتراضات". لكن الوزير بلا حقيبة المكلف شؤون الشتات اليهودي مايكل ملكيور اوضح للاذاعة العامة ان باراك وافق على ان تكون للسلطة الفلسطينية "سلطات ادارية معززة مع بعض ظواهر السيادة"، مشيرا الى ان هذه "السيادة المشتركة" لا تشمل المدينة القديمة التي تضم الاماكن المقدسة والتي يبقى وضعها على حاله حتى الان. واضاف ان اسرائيل قد تضم الى القدس عددا من المستوطنات المحيطة بها والواقعة في الضفة الغربية، معتبرا انه في هذه الحال، فان الخطة "لا تهدد سيادة اسرائيل" على القدسالشرقية وانما "تعززها". ولفت الى ان "ما يجري الحديث عنه هو اقتراح يقع في اطار الخط الاحمر لرئيس الوزراء الذي وافق عليه". واضاف: "انه يتعلق بالادارة واشياء اخرى وربما بعلامات السيادة المشتركة في الاحياء العربية خارج المدينة القديمة وفي الاحياء الواقعة على اطراف القدس مثل شعفاط". وقال ان الاقتراح الاميركي يقضي بتجميد الوضع القائم في مدينة القدس القديمة لسنوات الى ان يتم التفاوض على حل دائم. ولاقى الاقتراح الاميركي كما ورد في وسائل الاعلام الاسرائيلية، معارضة فلسطينية واسرائيلية خصوصا في ما يتعلق بمسألة "السيادة المشتركة" على القدس. رد الفعل اسرائيليا واشارت نتائج استطلاع للرأي العام الاسرائيلي الى ان 70 في المئة ممن استطلعت اراءهم من اليهود البالغين يرفضون اي اتفاق مع الفلسطينيين يعلن فيه عن انهاء النزاع يتضمن اعادة جزء من القدسالشرقية للفلسطينيين. وابدى 27 في المئة موافقتهم على ذلك فيما قال ثلاثة في المئة منهم ان ليس لديهم جواب. وقال 61 في المئة انه ليس من الممكن التوصل الى سلام حقيقي مع الفلسطينيين فيما قال 38 في المئة أن الامر ممكن. أما الاحزاب الاسرائيلية المعارضة، فلم تتوقف عن مهاجمة باراك، اذ قال زعيم تكتل ليكود اليميني ارئيل شارون بأنه "يقسم القدس" فيما اتهمه رئيس بلدية القدس الاسرائيلي المتشدد ايهود اولمرت بانه خرق تعهداته في شأن المدينة وقال ان "الذي يخوض نضالا من اجل القدس هو عرفات وليس باراك" ووصف الاخير بانه "تلميذ غر لا يحمل الصفات التكتيكية التي يحملها عرفات". رد الفعل فلسطينيا وأكد الفلسطينيون رفضهم القاطع الحل الاميركي الذي يتعارض والثوابت الوطنية الفلسطينية المتعلقة بالحدود والقدس واللاجئين. واشار ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن حسن عبدالرحمن الى انه لم يتغير شيء في شأن هذه القضية الشائكة التي قال مسؤولون مسبقا انها من الصعوبة الى حد قد تستبعد معه من اي اتفاق نهائي. وأضاف: "لن نقبل اي اقتراح يعطينا اقل من السيادة الكاملة على القدسالشرقية لا مجرد سلطات بلدية. لن يكون هناك اتفاق من دون السيادة الكاملة". واعلنت النائب حنان عشراوي لوكالة "فرانس برس" ان "موقفنا هو ان تقاسم السيادة يعني سيادة اسرائيلية على القدس الغربية وسيادة فلسطينية على القدسالشرقية. لا نريد ان تحتفظ اسرائيل بالغربية وان تشاركنا في الجزء الشرقي وهو جزء من الاراضي المحتلة العام 1967". وذكر مصدر فلسطيني مطلع على سير المفاوضات في كامب ديفيد اول من امس ان عرفات رفض مقترحا اسرائيليا بتأجيل البحث في موضوع القدس لمدة عامين وذلك بعد وصول المفاوضات في هذه النقطة الى طريق مسدود، مؤكدا انه "يرفض تأجيل بحث وضع المدينة المقدسة ولو لثانية واحدة". ووصف أمين سر حركة "فتح" مروان البرغوثي الاقتراح الاميركي بانه "ضرب للسيادة الفلسطينية"، مشيرا الى البنود التي تتحدث عن تحرك حر للمستوطنين عبر طرق تسيطر عليها اسرائيل بالكامل، والسماح لاسرائيل بنشر جيشها متى ارادت في منطقة غور الاردن، وكذلك السيادة الجزئية في القدسالشرقية. أما الدكتور مصطفى البرغوثي حزب الشعب فأكد رفض الفلسطينيين هذه المقترحات، مشيرا الى ان اي اتفاق يشمل بنودها لن يكون ملزما للشعب الفلسطيني. ومن المقرر ان تنطلق مسيرة حاشدة للاجئين الفلسطينيين في مدينة البيرة اليوم للتعبير عن رفض اللاجئين الفلسطينيين الاقتراحات المطروحة لحل قضيتهم والتي لا تتماثل مع الحل الذي نص عليه القرار 194 المتمثل بحقهم في العودة الى ديارهم وتعويضهم عن المآسي التي عانوها بسبب تهجيرهم واقتلاعهم. وقال أحد ممثلي اللاجئين تيسير نصرالله ان اللاجئين الفلسطينيين يشكلون ثلثي الشعب الفلسطيني ولا يمكن تمرير اتفاق من دون حل مشكلتهم.