يواجه الجنرال جوزيف كابيلا امتحاناً صعباً بعد تسلمه مقاليد السلطة في "الكونغو الديموقراطية" زائير سابقاً خلفاً لوالده الراحل لوران ديزيريه كابيلا. ولا شك في ان ابرز عائق يواجه كابيلا الابن 31 عاماً، انه لا يجيد لغة لينغالا المحكية محلياً الى جانب الفرنسية. فهو يتحدث بالسواحلية لغة شرق افريقيا والانكليزية، نظراً الى نشأته خارج الكونغو، في اوغنداوتنزانيا، فيما كان والده منشغلاً ب"النضال" ضد نظام الزعيم الراحل موبوتو سيسي سيكو. وجوزيف هو اكبر اولاد كابيلا العشرة، وهم من امهات مختلفات وبينهم خمسة بنات. ووالدة جوزيف رواندية من اقلية التوتسي. وعلى رغم ظهوره الى جانب والده عام 1995 في حركة التمرد شرق زائير والحملة التي ادت الى اطاحة موبوتو من 1996 الى 1997، ظل جوزيف كابيلا بنظر الكثيرين شخصاً غير لامع وخجول، ربما لعجزه عن اجادة لغة اهل البلاد ومعرفته المحدودة بعاداتهم وتقاليدهم. لكن الاجانب الذين التقوا جوزيف كابيلا اثر توليه مهامه في قيادة الجيش خلال الفترة الاخيرة، خرجوا بانطباع مغاير اذ اعتبروه شخصاً براغماتياً عملياً لا يمتلك العناد الذي اشتهر به والده. وخلافاً لوالده فان جوزيف لا يبدو مرحاً وفضفاضاً، كما انه لا يحمل "عبئاً" عقائدياً، عكس كابيلا الاب الذي نسج معظم علاقاته الداخلية باعتباره "التلميذ النجيب" للزعيم الراحل باتريس لومومبا، علماً ان الفارق كبير بين الرجلين. فكابيلا الاب لم يكن زاهداً مخلصاً لعقيدته مثل لومومبا الذي ضحى بحياته في سبيل ان يقول "لا" للمستعمر الاجنبي، في حين مد الرئيس الراحل يده للقوى الخارجية في بداية التسعينات وراح يغيّر تحالفاته الاقليمية بشكل مستمر، في سبيل الوصول الى كرسي الحكم في كينشاسا والاحتفاظ به. ولا يستطيع جوزيف حالياً الاعتماد على "اصدقاء قدامى" في الدول المجاورة، اذ تلقى تدريبه العسكري الاساسي في تنزانيا، في حين تلقى تعليمه الثانوي في رواندا التي تحولت من حليف سابق لنظام والده الى عدو لدود لهذا النظام. وداخلياً، لم ينسج كابيلا الابن علاقات، الا مع اتباعه والموالين له في الجيش الذي تولى رئاسة اركانه بعد عودته من دورة عسكرية في الصين رفع اثرها الى رتبة "ميجور جنرال" لواء. وكان هؤلاء الاتباع ينظرون الى جوزيف كابيلا على انه شاب ثري ووريث محتمل لسدة الرئاسة. اما بالنسبة الى العلاقات القبلية، فبوسع جوزيف كابيلا الاعتماد على صلات قربى كانت تربط والده ببعض رموز النظام وابرزهم وزير الداخلية غيتان كاكودجي صاحب النفوذ الواسع في قبيلة بالوباكات التي تسيطر على اقليم كاتانغا الجنوبي الغني بمناجم الالماس.