أول الكلام: للشاعر السعودي المبدع/ يحيى توفيق حسن: ولا تحسب الدنيا رَمتْك ببؤسها إذا بتَّ مغلوباً، ولست بغالب فعند اشتداد الخطب، يدنو انحساره وكل الخُطى: مرهونة بالعواقب! وزهَّدني في الناس: أني وجدتهم يسرُّهم نقصي وكشف معائبي وأعجب مَنْ لاقيت خِلاً: محضته وفائي... فأمسى مغرماً بمثالبي!!
1 في ليلة تبدو وحيدة... كنت أقرأ عبارة في رواية أبدع لوحاتها كاتب قال: "إن الوهم: لا يصلح كعلاج لاستئصال الحسرة... ذلك أنَّ بعض الناس: يترك الوفاء، والحب، والذكرى: جرحى في أعماقنا... وربما: قتلى"!! واحترت... هل أحزن فيظنني البعض: مريضاً... هل أقهقه فيصمني البعض بالجنون؟! وتساءلت: ترى... هل هي الأيام، الأحداث، التجارب، المصالح، الرغائب... تلك التي تبلغ فينا حدوداً ما، ثم... تصاب بالعجز؟!! أم تراها: المتغيرات، والصدمات، والفجيعة في اكتشاف ضد ما كان مرئياً لك؟! أم هو الركض المجنون مع الزمن باسم: التغيير، والبحث عن الرفاهية والراحة؟!! وهل هذا التغيير: يُحدث كل هذه التشوهات في عمق النفس الإنسانية إذا ما كرسها صاحبها لمصلحته الخاصة فقط؟!! خفت أن تتلاشى كل هذه الأسئلة، ويحلُّ مكانها: شيء من الوقر، الطنين، الدويّ... ثم لا شيء بعد ذلك إلاّ حصاد الجرح في عمق النفس، وربما... قتل الفرح والأمل!! 2 وكأنني كنت أطرق باب عبلة بالجواء في خواء الوقت، وطبول الصحب الذي يتخلى عنك إذا ما أغضبته... وكأن "عبلة" تدعوني الى الزيارة الأخيرة، أو... العشاء الأخير، وكنت حينذاك في طريقي اليها... يأخذني بدء المساء في ثمالة الحب او حثالته... وينطلق بي الشوق الحزين إلى موعد آخر مع الجرح، أو... الصمت! سألت "عبلة بالجواء" بعد النظرة الأولى: أجيبيني سيدتي... إلى مَنْ أنا قدِمت... هل جاء قدومي الى الماضي الأجمل بأحلامه وتحدياته التي كانت وانتصرنا عليها ذات يوم، أم أن قدومي يأتي الى هذا الحاضر الذي يُعري الأصدقاء ويرمِّد الحبيبة، الرافض لدفء أشواق العشق؟!! دفعتني إلى طرح الأسئلة بتلك الابتسامة غير المؤكدة التي تتموّه بين شفتيها، وبتلك النظرة الهاربة أبداً من الالتقاء بنظرتي... حتى صرت أهذي مردّداً: "وجهها... آهٍ وجهها، هذا الذي لم يقابلني في ملامحه: فرح ولا ترح، بل تمدد هذا التعبير الرمادي في الملامح التي نقابل بها الذين لا نحبهم ولا نكرههم"! 3 أخذني بعد ذلك ليل من الغربة والجسور الممدودة في الفراغ والصمت... لعلني في هذا المسيار أدخل الى بهاء "عبلة بالجواء" ذلك الذي رصدته في عتمة الغياب والصدود، وقد أمضَّني بعاد تفتحها في عمري... أو لعلني أخرج من أقنعة الأصدقاء في زمانهم المادي الجديد وقد فاضت سخريتهم على أنفسهم! وعدت من بهاء عبلة، بعد أن منحتني ذلك "الوقت المستقطع" في اصطلاح الكرة الطائرة، وإذا بي أردد عبارة نسيت قائلها: "لا يخلو من المناورة إلاّ مَنْ إذا تطلّع في المرآة... لم يعد يرى صورته"!! ولن أقول: هو الانكسار... ولن أطرد وراء مثاليات، فليست هناك صفات مستقيمة لدى إنسان هذا الواقع... فقد كان الناس يبدأون بالحياة وينتهون بالموت... ويبدو أنهم اليوم: يبدأون بالموت/ موت الحب، موت القيم، موت الموقف، موت الوفاء... اختصاراً للحياة!!