اختارت المستعربة البلغارية ايرينا تروشانوفا القصص القصيرة للكاتب السوري ابراهيم صموئيل، لتكون موضوع أطروحتها الجامعية في جامعة صوفيا، وهي بعنوان: "الأبعاد الفكرية والفنية في القصص القصيرة للأديب السوري ابراهيم صموئيل". وتضمنت الأطروحة مقدمة، وأربعة فصول وخاتمة وملحقات. تنبع أهمية الأطروحة، بحسب رأي المشرفة عليها مايا تسينوفا من كونها تهتم بأحد الأسماء الجديدة في الأدب السوري المعاصر. وبهذا المعنى ترى أن من هدف الباحثة، ليس في اختيار أديب كلاسيكي معروف، سبق أن قال النقّاد كلمتهم في أدبه، وإنما اختيار أديب معاصر، ويفرض أدبه نفسه حالياً. وعرضت الباحثة مكانة ابراهيم صموئيل في المشهد القصصي السوري، وتناولت روح الحداثة في تقنيته الكتابية، التي تنبثق من تجربة حياتية وجمالية غنية، وترى أن من المنطقي في إطار هذا الاختيار أن تعرض الباحثة المعتقدات الحياتية والإبداعية لابراهيم صموئيل. وهذا ما فعلته بطريقة شيّقة للغاية تاركة الأديب يتحدث عن نفسه كاشفاً عن أهمية بعض التفاصيل البسيطة التي تمنح قرّاءه بعض المفاتيح. وخصّصت الباحثة فصلاً خاصاً للأفكار الأساسية في قصص صموئيل، وهو ينفذ الى العالم الباطني لإبداع يراعي ديناميكية العصر الراهن. ولهذا فهو يفضّل كتابة القصة القصيرة كشكل لهذا الإبداع، الذي يلتقط صوراً تحتفظ بلحظة متوهجة، منقطعة عن الحياة غير المنقطعة. لكن اختيارها يتم بطريقة تجعلها قريبة الى أقصى حد من نفسية الإنسان المعاصر بحاجاته وخلجات روحه. وتتحدث الباحثة ايرينا تروشانوفا عن بدايات تعرّفها على صموئيل وأدبه، وذلك أثناء دراستها اللغة العربية في دمشق، وانطباعاتها الأولى عن هذا الكاتب، ومن ثم اهتمامها بإبداعه الفني وصولاً الى قناعتها النهائية بضرورة أن تكرّس أطروحة تخرجها لإبداعه، وذلك بعد أن قرأت معظم نتاجه المنشور، وبعضاً من مؤلفاته غير المنشورة، وكذلك بعد اطلاعها على جزء كبير من الدراسات المكرّسة لأدبه في الصحافة العربية. وترسّخت قناعتها بأهمية اطلاع القارئ البلغاري على نتاج هذا الكاتب غير المعروف. هاجس الباحثة كما تقول أن تصل الى أقصى الموضوعية في دراستها لمؤلفات صموئيل. وللوصول الى هذا الهدف سافرت مرة أخرى الى دمشق، وأقامت فيها أشهراً لاستكمال ملف دراستها. وفي هذا السياق تشير الى لقاءاتها المتعددة مع الكاتب، وحوارها معه في شكل مفصل عن المسائل التي كانت تهمّها، مما أوضح لها الأبعاد النفسية لشخصيته كشرط ضروري لفهم مؤلفاته على نحو أفضل. وهنا تشير الى الأهمية البالغة لهذه المقابلات، مما دفعها الى تثبيتها كملحق في أطروحتها. ركّزت الباحثة على العوالم الداخلية لشخصيات صموئيل القصصية، التي ترى فيهم أبطالاً "لا يهتمون بالوصول الى الهدف بأي ثمن، بل يهتمون بالطريق الذي يؤدي إليه". ومن الفضائل الكبرى في أدب صموئيل برأيها أنه يبحث في شكل شخصي في مسائل إنسانية عامة مثل: الحياة والموت والحرية والشك والتردّد... ومن خصوصيته برأيها الخزانة الفنية من الأساليب الفنية التي يتعامل بها مثل: الأسلوب الدائري في المعرض، وكثافة التعبير، والتركيز على التفاصيل، ثم النهايات المفتوحة لقصصه. وقد دلّت على ذلك من خلال ترجمة مقاطع من قصص للكاتب.