الكتاب: المعتزلة في بغداد وأثرهم في الحياة الفكرية والسياسية المؤلف أحمد شوقي ابراهيم العمرجي الناشر: مكتبة مدبولي القاهرة 2000 ظهر المعتزلة في مطلع القرن الثاني الهجري في البصرة، التي كانت مجمعاً للعلم والأدب في الدولة الاسلامية مشبعة، الجو بآثار الثقافات الاجنبية، وكانت موضعاً يلتقي فيه اتباع الاديان المختلفة المنتشرة آنذاك. ويشير المؤلف الى ان مؤرخي الفرق اختلفوا على الاصل التاريخي لنشأة المعتزلة، ولكن يبدو ان روح المعتزلة كانت لها جذور في احداث الفتن التي وقعت منذ موقعة الجمل، ومن ثم فإن المعتزلة المتكلمين هم امتداد للمعتزلة السياسيين الذين وقفوا موقف الحياد في النزاع بين انصار كل من علي بن ابي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ثم بين انصار ذرية علي والخلفاء الامويين في ما بعد وان اسم الاعتزال مذهب ذو مباديء لا مجرد انفصال من مجلس الى آخر. وللمعتزلة اصول خمسة هي: التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكانت هذه الاصول وليدة المناقشات التي تقوم بينهم وبين مخالفيهم. قسم المؤلف كتابه الى اربعة فصول، تناول الاول نشأة المعتزلة، وناقش الثاني اثر المعتزلة في الحياة السياسية مع بيان محنة القرآن، واهتم الثالث بدراسة اثر المعتزلة في الحياة الفكرية، بينما اختص الفصل الرابع ببيان اثر المعتزلة في العالم الاسلامي سياسياً وفكرياً. يقرر المؤلف ان المعتزلة فتحوا النافذة التي دخل منها فلاسفة المسلمين الى علوم اليونان، اذ دفعهم الجدال الى استقراء الكتب اليونانية المترجمة الى العربية مباشرة، او عن طريق غير مباشر. وعمل المعتزلة على التوفيق بين الدين الاسلامي وبين الفلسفة اليونانية، وادركوا اثر الادب في اكمال الثقافة وتنوير العقول فأسهموا في النهوض بالادب من حيث المعاني وقوة العقل وتوليد الافكار العقلية. وازدهر النثر في هذا العصر وامتد ليستوعب العلوم الفلسفية. ويشير المؤلف الى ان الاعتزال تركز في زمن الخليفة المأمون في مسألة خلق القرآن التي كانت موضع اهتمام الدولة العباسية بعد ان حمل الخليفة المأمون الناس على القول بخلق القرآن سنة 218 ه - 833م واستمر كل من المعتصم والواثق على النهج نفسه. هذا القول نهي عن الجدال فيه وأخطأ المعتزلة في المحنة لأنهم هدموا اعظم ركن من اركان مذهبهم وهو القول بحرية الفرد في اختيار افعاله في الوقت الذي فرضوا فيه عقيدة خلق القرآن على الناس فرضاً وأرغموهم على ذلك. ويقرر المؤلف ان لهذه المحنة اثراً كبيراً في المشرق الاسلامي سياسياً وفكرياً اذ انتشر مذهب الاعتزال تحت ظل الدولة البويهية في العراق وخراسان وما وراء النهر وكذلك في تونس. ولم يختلف دور المعتزلة في المغرب الاقصى عن دورهم في المغربين الادني والاوسط حين اصبحت دولة الادارسة موطئاً للمعتزلة وكانت قبيلة "اوربة" التي ساندتها تدين بمذهب الاعتزال. وظل المعتزلة في المغرب على اتصال بمعتزلة الشرق الى ان تغلب التشيع بقيام الدولة الفاطمية 296ه/ 900م. وقام السلطان محمود الغزنوي توفي 421ه/ 1030 بمحاربة المعتزلة ما اضطرهم الى اللجوء الى خوارزم ونشروا فيها مذهبهم وكان من علمائهم محمود الزمخشري توفي538ه/1143م.