قال مدير وكالة الطاقة الدولية روبير بريدل في حديث ل "الحياة" أمس إن أسعار النفط لم تبلغ أدنى مستوياتها بعد، على رغم أن سعر البرميل القياسي بات أقل من 13 دولاراً أول من أمس، وهو أدنى مستوى منذ عام 1988. فيما أشار وزير النفط الجزائري السابق نوردين آيت الحسين إلى أن كل المؤشرات الموجودة حالياً تدعو إلى الاعتقاد "أننا نتجه إلى فائض أكبر في أسواق النفط" وان حل أزمة منظمة الدول المصدرة للبترول أوبك سيكون صعباً جداً. وتحدث بريدل عن وضع السوق النفطية الحالية وانخفاض الاسعار، فقال: "من الواضح ان السوق العالمية مليئة بفائض من النفط ساهم في تكوينه اعتدال الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، وعوامل سياسية مثل الحل الأخير للأزمة الدولية مع العراق وتجنّب ضربة عسكرية". وأضاف أن قرار الأممالمتحدة توسيع نطاق القرار 986 وزيادة حصة تصدير النفط العراقي التي لم تدخل حيّز التنفيذ بعد، أثرت بدورها في توقعات المتعاملين في السوق. وتابع "هناك أيضاً قرار أوبك في شأن زيادة السقف والحصص الإنتاجية في كانون الاول ديسمبر من السنة الماضية والأزمة المالية في آسيا، إذ أعادت الوكالة الدولية النظر في الطلب على النفط من دول آسيا لأنه انخفض". وأشار الى أنه في ظل هذه العوامل، بالإضافة الى قرار "أوبك" زيادة الحصص، لم يكن مفاجئاً أن تتحرك السوق النفطية في إتجاه انخفاض الأسعار. وعن التوقعات بالنسبة للسوق، قال بريدل: "أنا أرى فائضاً كبيراً من النفط في السوق حالياً وأرى أن المخزون مليء بشكل غير عادي في هذه الفترة ولا أرى أي مؤشر الى أننا قد بلغنا أدنى مستوى لإنخفاض الأسعار". وعمّا إذا كان قوله يعني انه يتوقع انخفاضاً الى دون 10 دولارات للبرميل، قال بريدل: "نحن نتجنّب دائماً التوقعات حول مستويات السعر، لكن أنا لا أرى أي سبب يقنعني أننا وصلنا الى أدنى مستوى للأسعار". وعمّا يمكن للدول المصدّرة للنفط القيام به لتحسين وضع الأسعار قال بريدل: "إني أمثل منظمة كانت أساساً مجموعة دول صناعية ولا تتوقعي من ناطق باسمها ان يقول ان هناك خللاً في مستوى سعر النفط، لكن أعترف أن هذا المستوى للأسعار يثير مصاعب لبعض الدول، خصوصاً منها تلك التي يعتمد معظم عائداتها على تصدير النفط". وقال إن هذا يبدو واضحاً من خلال اضطرار هذه الدول إلى إعادة النظر في موازناتها في ضوء توقعاتها بالنسبة لأسعار النفط. ومضى يقول: "على رغم أنني أدرك أن هذه المصاعب، فليس من شأني، أن أنصح الدول بما تقوم به". وعمّا اذا كانت وكالة الطاقة الدولية مرتاحة إلى مستوى السعر المنخفض للنفط حالياً قال: "انا لم أقل أننا كنّا مسرورين لسعر بمستوى 24 دولاراً للبرميل ولم أقل إننا مسرورون لمستوى 11 دولاراً للبرميل، فما نقوله إننا على قناعة أن أفضل طريقة عالمية لتنظيم السوق هي أن تكون هذه السوق حرّة وتتكيّف بحرية مع تغيير الأوضاع بعيداً عن التدخل السياسي فيها فليس بإمكاننا التأسف لتدهور السوق نتيجة الفائض الكبير فهذه هي اللعبة الطبيعية للسوق الحرة". وعمّا إذا كانت حرية هذه السوق تلائم قناعة "وكالة الطاقة الدولية" منذ تأسيسها بمعارضة وجود "كارتل" لمصدري النفط تشكله "اوبك" وأن لا حاجة ل "اوبك" إذ أن السوق أصبحت حرّة، قال بريدل: "من الواضح أن احدى المشاكل الحالية ان كارتل أوبك غير فعّال، فإنه يفتقر إلى الإنضباط الداخلي وإلى تماسك قرار الدول الاعضاء باحترام مستوى الانتاج الذي اتفقوا عليه. وهذه ملاحظة، لكن يجب أن نقول إن وكالة الطاقة الدولية ستبدأ بالقلق إذا رأت أن العائدات لم تتوفر للدول النفطية بكفاية لتمويل الاستثمارات اللازمة لإنتاجها من النفط على المدى الطويل لأن الوكالة تحتاج الى تأمين طويل المدى من الامدادات من نفط أوبك". وأوضح أنه إذا وصلت الأمور الى انخفاض الاستثمارات في قطاع النفط فيصبح ذلك مقلقاً، لكن طبعاً هناك وسائل عدة لمواجهة مثل هذه المشكلة منها امكان تعبئة الاستثمارات الدولية اذا كانت ظروف الاستثمار جيدة. وعمّا اذا كان واقع الحال على مستوى الأسعار سيؤدي الى مشكلة في الاستثمار في قطاع النفط في دول "اوبك" قال بريدل: "بما أن الدول المصدّرة للنفط هي قيد اعادة النظر في صادراتها لسنة 1998، فهي تعيد النظر في نشاطها الاستثماري، إذن عليها ان تقرّر ما هي اولوياتها، فمن المحتمل ان يتخذ بعض الدول مثلاً قراراً بتأجيل برامج استثمار لإنتاج مستقبلي ونحن لدينا قلق في هذا الشأن. وهناك خيارات اذا كان بعض الدول يريد الحفاظ على قدرته الانتاجية وتأمين عائدات في المستقبل، فعندها يستطيع توفير الظروف الملائمة للمستثمرين الدوليين". حل صعب على صعيد آخر، توقّع أيضا وزير النفط الجزائري السابق نوردين آيت الحسين استمرار الانخفاض في الاسعار النفطية لأن حل الأزمة داخل "اوبك" سيكون صعباً. وقال: "إن كل المؤشرات الحالية تدل على وجود فائض أكبر من النفط في الاسواق، فتقليديا في الربع الثاني من السنة هناك انخفاض موسمي للطلب على النفط مقارنة مع فصل الشتاء. فالطلب العالمي في الربع الثاني من السنة عادة اقل بحوالى 2 إلى 5،2 مليون برميل في اليوم من الطلب في الربع الاول من السنة. وأضاف ان الصناعة النفطية تبني المخزون في الربيع والصيف وتستخدم المخزون في الخريف والشتاء. وتابع: "بما أن إنتاج أوبك كان أكثر من الطلب طوال سنة 1997، فإن الصناعة النفطية بنت المخزون حتى في سنة 1998 الحالية، علماً بأنه ينخفض عادة في الشتاء، لكن في كلتا السنتين بقي المخزون ممتلئاً في فصلي الشتاء، إذن الصناعة النفطية لن تلجأ الى زيادة مخزونها لأنه ممتلئ فالطلب بالتالي سينخفض". وقال آيت الحسين إنه مع انخفاض الطلب على "اوبك" وامتلاء المخزون واستمرار زيادة انتاج "اوبك" لأن الدول الاعضاء التي تتجاوز حصتها ستستمر في التجاوز، بالاضافة الى توقع كميات نفط عراقية اضافية في الاسواق بعد الاتفاق في شأن توسيع القرار "النفط مقابل الغذاء": "نحن نتجه إلى وضع يرتفع فيه الفائض النفطي".