كشف المدير العام لوكالة الطاقة الدولية روبير بريدل ان وزير النفط الفنزويلي علي رودريغز الذي التقاه الأربعاء الماضي في مقر الوكالة في باريس، بحث معه في الاقتراح الذي كان الوزير الفنزويلي قدمه أخيراً إلى منظمة "أوبك" ويتضمن وضع إطار سعري، أي حد أدنى وسقف لأسعار النفط تتحرك في اطارهما دول "أوبك" لإدارة انتاجها ارتفاعاً أو انخفاضاً، من دون تجاوز الحدين. وكانت فنزويلا طرحت مسألة الاطار السعري عقب اجتماع عقد نهاية آب اغسطس الماضي في كاراكاس بين وزراء نفط السعودية وفنزويلا والمكسيك أكد ضرورة استمرار العمل باتفاق آذار مارس 1999 حتى نهاية الربع الأول من سنة 2000. ومعلوم ان "أوبك" بدأت منذ نيسان ابريل الماضي تخفيضات انتاجية بالتعاون مع مجموعة من دول خارج "أوبك" بمقدار 2.1 مليون برميل يومياً. وقال بريدل انه استمع الى شرح رودريغز، لكنه اوضح ان وكالة الطاقة تعارض "أي ادارة للاسواق" أو تدخل من قبل المنتجين، مشيراً الى انه في كل الاحوال، لم يلق الاقتراح الفنزويلي التأييد بين اعضاء "أوبك". ولفت بريدل الى ان زيارة رودريغز لمقر وكالة الطاقة هي أول زيارة يقوم بها وزير من "أوبك". من جهة اخرى، بحث بريدل مع نائبه بيل رامزي، ممثل الولاياتالمتحدة في وكالة الطاقة، في أو ضاع السوق النفطية والاسعار. وقال رداً على سؤال عن توقعات الوكالة بالنسبة للاسعار وما إذا كانت مستوياتها الحالية ستستمر، "إن ما يحصل حالياً هو انه تم سحب كميات كبيرة من النفط من الاسواق، ونعتقد ان مستوى التزام منتجي النفط بقرارهم خفض الانتاج يصل الى نحو 90 في المئة، ما أدى الى سحب 4 ملايين برميل يومياً من السوق النفطية التي كانت تتوقع توافر هذه الكمية، بالإضافة الى ان اقتصادات دول آسيا التي أدى ضعفها العام الماضي إلى انخفاض في الطلب على النفط، بدأت منذ 4 أشهر تشهد تحسناً في شكل اسرع مما كان متوقعاً". وأضاف بريدل: "اذن عاد النمو في الطلب، ما أثر على أسعار النفط ارتفاعاً". وعن فترة استمرار هذا التوجه في الأسعار، أعرب بريدل عن اعتقاده بأنه "لا تزال هناك كميات مهمة من النفط في المخزون يصعب تحديد مكانها ومستوياتها بدقة. لكننا نعتقد انه بمقارنتها مع الكميات التي كانت موجودة في نهاية 1997، قبل انهيار الاسعار وتدخل المنتجين لرفعها، فإنها لا تزال عند مستويات أعلى من مستوى 1997، أي ان هناك احتياط في المخزون يمكن استخدامه لسد الفجوة المتزايدة بين مستوى الطلب والعرض حالياً". لكن بريدل اضاف انه "إذا كانت أرقام الوكالة دقيقة فإن مستويات المخزون ستنخفض نهاية السنة الجارية الى أقل من المستوى الذي كانت عنده عام 1997". وكشف ان البلدان الاعضاء في الوكالة "اعربت عن قلقها عندما انهارت أسعار النفط، واعترفت بخطر ذلك على أمن الإمدادات وتأثيره على اقتصادات الدول المنتجة التي ترتكز عائداتها في شكل أساسي على النفط". وأقر بأن ارتفاع الاسعار ساهم في ابعاد هذا القلق، لكنه أ ضاف: "يجب ان اؤكد هنا أن وكالة الطاقة الدولية لا تؤيد الطريقة التي اتخذت لرفع هذه الاسعار لأنها لا تؤيد أي تدخل أو ادارة للسوق". من جهته، قالرامزي: "اذا عدنا الى الوراء، الى ما قبل ارتفاع اسعار النفط، ونظرنا الى أسباب انخفاضها الى مستويات متدنية جداً، لرأينا ان سبب ذلك كان سوء الإدارة من قبل كارتيل منتجي النفط الذين قرروا مستويات انتاج غير مناسبة مع الانهيار المالي في دول آسيا، ولم يأخذوا في الاعتبار تأثيرها على الطلب. لذلك فإن ادارة الأسواق من قبل المنتجين، قد تؤدي الى سوء ادارة اخرى يدفع ثمنها كل منتجي النفط والغاز"، في اشارة الى قرار "أوبك" في جاكارتا قبل عامين برفع الانتاج. العراق وسألت "الحياة" بريدل عما اذا كان رفع العقوبات عن العراق سيؤثر على الاسعار والسوق النفطية، فقال انه "من الصعب معرفة قدرة العراق الانتاجية في الأمدين القصير أو الطويل"، مشيراً الى ان انتاج العراق ارتفع في شكل كبير السنة الجارية، فهو عند مستوى 2.8 مليون برميل يومياً الآن. وكان ذلك ممكناً لأن قرار النفط مقابل الغذاء للامم المتحدة يرتكز على تحديد مبالغ مالية من المبيعات النفطية. فالسعر المنخفض اسفر عن كميات أكبر". واضاف انه "اذا تم رفع كل العقوبات عن العراق، فإننا لا نعرف الكميات الممكنة التي قد تأتي من الحقول العراقية المنتجة أو من الحقول الجديدة، كما لا نعرف بأي سرعة يمكن الانتاج من الحقول الجديدة". وقال مسؤول آخر في وكالة الطاقة الدولية عن الموضوع نفسه: انه "اذا حدث هذا الأمر، أي تم رفع العقوبات، فإننا لا نعتقد انه سيؤثر في شكل كبير على السوق النفطية. اذ ان العراق رفع انتاجه في الأشهر الأخيرة وليس لديه فائض كبير في قدرته الحالية يمكنه من رفع مستوى الانتاج بسرعة". الى ذلك، رأى مصدر نفطي غربي مسؤول واسع الاطلاع على سياسات دول "أوبك" ان السبب الاساسي لارتفاع اسعار النفط هو سياسي وليس تقني، مشيراً الى ان التقارب السعودي - الايراني والسياسة الجديدة في فنزويلا التي ينتهجها الرئيس الجديد هيوغو شافيز للتقرب من "أوبك" في مقابل سياسة الحكومة الفنزويلية الماضية في الابتعاد عنها، هما السببان الاساسيان اللذان مكنا "أوبك" من رفع أسعار النفط.