مثقفون يناقشون "علمانيون وإسلاميون: جدالات في الثقافة العربية"    صينيون يطوّرون نموذج ذكاء اصطناعي لأغراض عسكرية    دبي.. رسالة «واتساب» تقود امرأة إلى المحاكمة    معدل وفيات العاملين في السعودية.. ضمن الأدنى عالمياً    آلية جديدة لمراجعة أجور خدمات الأجرة عبر التطبيقات    "الأرصاد": أمطار على منطقة المدينة المنورة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    أمانة القصيم تقيم المعرض التوعوي بالأمن السيبراني لمنسوبيها    هيئة الهلال الاحمر بالقصيم ترفع جاهزيتها استعداداً للحالة المطرية    جمعية البر بالجنينة في زيارة ل "بر أبها"    انطلاق فعاليات "موسم التشجير السنوي 2024" ، تحت شعار "نزرعها لمستقبلنا"    الكلية التقنية مع جامعة نجران تنظم ورشة عمل بعنوان "بوصلة البحث العلمي"    ضمك يتعادل إيجابياً مع الرياض في دوري روشن للمحترفين    الخليج يتغلب على الرائد برباعية في دوري روشن للمحترفين    ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار سقف محطة قطار في صربيا إلى 14 قتيلاً    وقاء جازان ينفذ ورشة عمل عن تجربة المحاكاة في تفشي مرض حمى الوادي المتصدع    أروماتك تحتفل بزواج نجم الهلال "نيفيز" بالزي السعودي    الشؤون الإسلامية في جازان تطلق مبادرة كسوة الشتاء    تن هاج يشكر جماهير مانشستر يونايتد بعد إقالته    الهلال يكتب رقم جديد في تاريخ كرة القدم السعودية    تصعيد لفظي بين هاريس وترامب في الشوط الأخير من السباق للبيت الابيض    الحمد ل«عكاظ»: مدران وديمبلي مفتاحا فوز الاتفاق    الرياض تشهد انطلاق نهائيات رابطة محترفات التنس لأول مرةٍ في المملكة    المذنب «A3» يودِّع سماء الحدود الشمالية في آخر ظهور له اليوم    سعدون حمود للقدساويين: لا تنسوا أهدافي    ماسك يتنبأ بفوز ترمب.. والاستطلاعات ترجح هاريس    ضبط إثيوبي في جازان لترويجه (3,742) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    حائل: إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بوادي السلف    الدفاع المدني: استمرار الأمطار الرعدية على مناطق المملكة حتى الاثنين القادم    البدء في تنفيذ جسر «مرحباً ألف» بأبها    وكيل إمارة الرياض يحضر حفل سفارة جمهورية كوريا بمناسبة اليوم الوطني لبلادها    المملكة تحقق المرتبة 12 عالميًا في إنفاق السياح الدوليين للعام 2023    مجلس السلامة والصحة المهنية يؤكد عدم صحة ما تم تداوله حول ظروف العمل بالمملكة    مبدعون «في مهب رياح التواصل»    أمير المدينة يرعى حفل تكريم الفائزين بجوائز التميز السنوية بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    الطائرة الإغاثية السعودية السابعة عشرة تصل إلى لبنان    ما الأفضل للتحكم بالسكري    مدير متوسطة حي الروضة بجازان يكرم الطلاب المشاركين في معرض إبداع جازان 2025    عن نشر الكتاب: شؤون وشجون    نقص الصوديوم في الدم يزداد مع ارتفاع الحرارة    الدبلة وخاتم بروميثيوس    صيغة تواصل    الدفاع المدني يحذر من المجازفة بعبور الأودية أثناء هطول الأمطار    هاتف ذكي يتوهج في الظلام    أماكن خالدة.. المختبر الإقليمي بالرياض    السل أكبر الأمراض القاتلة    هوس التربية المثالية يقود الآباء للاحتراق النفسي    الأنساق التاريخية والثقافية    نورا سليمان.. أيقونة سعودية في عالم الموضة العالمية    رحلة في عقل الناخب الأميركي    «الرؤية السعودية» تسبق رؤية الأمم المتحدة بمستقبل المدن الحضرية    عمليات التجميل: دعوة للتأني والوعي    المرأة السعودية.. تشارك العالم قصة نجاحها    عن فخ نجومية المثقف    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان ملك إسبانيا إثر الفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق بلاده    مدير هيئة الأمر بالمعروف في منطقة نجران يزور مدير الشرطة    أمير منطقة تبوك ونائبه يزوران الشيخ أحمد الخريصي    لا تكذب ولا تتجمّل!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكد أن مبادرة "المصارحة قبل المصالحة" ستحقق أهدافها . الأمين العام لجامعة الدول العربية عصمت عبدالمجيد ل "الحياة": لا نشارك في مؤامرة صمت ضد العراق ... والكويت لا تقف إطلاقاً في طريق المصالحة
نشر في الحياة يوم 02 - 09 - 2000

دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد إلى تأكيد السيادة العربية على القدس الشرقية، وقال ل"الحياة" إن أية محاولة تنتقص من حدود القدس التاريخية غير مقبولة ومرفوضة، وشدد على عروبة القدس وعلى حق اللاجئين في العودة المستندة على قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، خصوصاً القرار 194. وقال عبدالمجيد في حديث مع "الحياة" قبيل انعقاد مجلس الجامعة في دورته العادية 114 على مستوى وزراء الخارجية: "إن الجامعة لم تتغيب أبداً عن القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية"، كما أنها معنية تماماً برأب الصدع العربي، خصوصاً بعد حرب الخليج. وأكد أن الكويت لا تقف إطلاقاً عقبة في طريق المصالحة العربية، وطالب عبدالمجيد بإنهاء العقوبات المفروضة على الشعب العراقي الشقيق، نافياً مشاركة الجامعة في أي مؤامرات ضد العراق، وداعياً الى عقد قمة عربية"، قال: "إن آلية عقدها ستناقش في مجلس الجامعة الوشيك". وهنا نص الحوار:
لماذا تغيب الجامعة العربية عن قضية الشرق الأوسط ولا نلحظ لها دوراً في التنسيق بين المفاوضين العرب، كما أن خطوات كثيرة تتم قفزاً على دورها؟
- لم تتغيب الجامعة أبداً عن قضايا الشرق الأوسط وخصوصاً القضايا العربية فهي المؤسسة الأم للعمل العربي المشترك، إيماناً بدورها في صون المصالح العليا للوطن العربي والتأثير في الأحداث الدولية ومستجداتها في إطار موقف عربي موحد يحافظ على كيان الأمة العربية.
والجامعة العربية رحبت باستئناف المفاوضات السورية - الإسرائيلية في الخامس عشر من شهر كانون الأول ديسمبر من العام الماضي التي تمت برعاية الرئيس الاميركي بيل كلينتون ومن النقطة التي توقفت عندها في شباط فبراير من العام 1996، وأعربنا عن الأمل أن يؤدي ذلك إلى إخراج عملية السلام من الجمود الذي شهدته طوال مدة الحكومة الإسرائيلية السابقة، وكنا نتطلع أن تسفر اجتماعات واشنطن في الثالث من شهر كانون الثاني يناير الماضي عن خطوات إيجابية تساعد على تحقيق الانسحاب الإسرائيلي الشامل من الاراضي العربية المحتلة، وأن تشهد منطقة الشرق الأوسط للمرة الأولى في تاريخها السلام والأمن والاستقرار، ولكن للأسف الشديد تبيّن أن باراك لا يختلف عن نتانياهو في عمليات التسويف والمماطلة بهدف الحصول على كل شيء والجانب العربي لا يحصل على حقوقه وذلك أمر لا يمكن التسليم به أو إقراره.
وهناك مثل إنكليزي يقول: You can't have your cake and eat it وإسرائيل تهدف الى أن تحصل على الأرض والسلام معاً، وهذا أمر لا يمكن قبوله أو التسليم به، هناك قرارات الشرعية الدولية 242 و338 ومبدأ الأرض مقابل السلام، وعلى إسرائيل أن ترضخ لإرادة المجتمع الدولي. وأود أن أوضح أن جامعة الدول العربية ما هي إلا انعكاس صادق وأمين لإرادات الدول العربية وهي بحكم ميثاقها تلتزم بما تتوصل إليه الدول العربية من قرارات، والأمين العام للجامعة لا يملك من السلطات مثل تلك الممنوحة للأمين العام للأمم المتحدة بنص المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة وفي حدود ميثاق الجامعة العربية، وإرادات الدول العربية تقوم الجامعة العربية بما يوكل إليها من مهام وأدوار.
إلى أي حد وصلت نتائج مبادرتك "المصارحة قبل المصالحة"؟ وهل تقف الكويت ضد انجاحها؟ وهل ينتظر العرب ضوءاً أخضر من واشنطن؟
- قبلت الأطراف العربية بصفة عامة تحقيق هذه المصالحة على أساس المصارحة والمصالحة، وتلقيت ردوداً إيجابية ومشجعة من أكثر من خمس عشرة دولة عربية على المبادرة التي طرحتها في الثاني والعشرين من آذار مارس 1993 وهذه المبادرة ماضية في طريقها، واضحت اليوم الحاضر الغائب بدليل سؤالك عنها، وسوف تحقق أهدافها يوماً، وأنا ليس من طبيعتي اليأس أبداً وعلينا ألا نجلد الذات كلما واجهتنا مشكلات أو عوائق، وإنما ينبغي أن نأخذ من تاريخنا وتجاربنا العظة والعبرة. وأذكرك بنكسة 67 وما واكبها من شعور جارف بالإحباط وصل إلى حد التشكيك في قدراتنا وفي أننا غير مؤهلين لمواجهة العدو، ولكن ما لبث هذا الاحباط أن انهار تماماً بحرب تشرين الأول اكتوبر 1973 وانهيار خط بارليف وظهر التضامن العربي على أروع ما يكون بقوة العزيمة والإرادة العربية التي حققت ما عجزت عنه قوة الغرور والصلف الإسرائيلية وأذكرك أيضاً بمثل قريب، المقاومة اللبنانية الباسلة للجبروت الإسرائيلي واحتلاله لجنوب لبنان وبقاعه الغربي لأكثر من عشرين عاماً، ماذا فعلت المقاومة اللبنانية ومساندة لبنان حكومة وشعباً لها. لقد اجبرت إسرائيل على الهروب من الجنوب اللبناني، لقد ارادت إسرائيل أن يكون جنوب لبنان منطقة أمن Security Zone فأحالتها المقاومة اللبنانية إلى أن تكون IN Security Zone. إذاً علينا أن نثق في انفسنا وفي قدراتنا وألا نستسلم لليأس أو نسلم مقاديرنا لغيرنا.
من هنا أقول لك إن الكويت لا تقف إطلاقاً في طريق المصالحة العربية لأن الكويت تعي تماماً أن رأب الصدع العربي هو في مصلحة الأمة العربية، وأن بناء جسور الثقة والاطمئنان يأتي من خلال المصارحة والمكاشفة، لأنه إن لم نتصارح فلن نتصالح، أما عن سؤالك في أن العرب ينتظرون ضوءاً أخضر من واشنطن، فأجيب على ذلك كما سبق أن ذكرت علينا أن نثق في أنفسنا وأن نؤكد أن قراراتنا العربية والقومية هي في أيدينا وليست في أيدي الآخرين. فالعرب تربطهم ببعض روابط لا توجد في أي أمة في العالم.
لماذا لم ينجح العرب في عقد قمة منذ 1996 وحتى الآن؟ وما دور الجامعة؟
- القمة العربية مهمة جداً والرأي العام العربي طالب بسرعة انعقادها. فالقمة أمر مطلوب وحيوي سواء كانت في لقاءات موسعة أو محدودة وهناك دور رئيسي تقوم به الدول العربية في هذا الشأن، وحتى يحقق عقد القمة الأهداف المرجوة منها لا بد من الإعداد الجيد لها ذلك أننا لا نبغي قمة من أجل القمة. فالهدف من أية قمة ليس مجرد الانعقاد فحسب وإنما الهدف هو أن تخرج القمة العربية بنتائج عملية تعكس نبض الشارع العربي من محيطه إلى خليجه.
والجامعة العربية على رغم أن ميثاقها ليس فيه ما يشير إلى الدعوة الى قمة عربية. فميثاق جامعة الدول العربية يختلف عن ميثاق "منظمة المؤتمر الإسلامي" الذي ينص على عقد قمة كل ثلاث سنوات، وميثاق منظمة الوحدة الافريقية الذي ينص على عقد القمة الافريقية كل سنة ودول الاتحاد الأوروبي كل ستة أشهر. أما في الجامعة العربية فأعلى سلطة فيها هو مجلس وزراء الخارجية العرب. ونحن نثق في تقدير قادة أمتنا العرب في اختيارهم التوقيت المناسب لعقد هذه القمة خصوصاً ونحن على مشارف قرن جديد وفي ظل تحديات العولمة. وطرحت في مؤتمر صحافي عُقد في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية يوم الخميس 10/2/2000، عن مبادرة من جانبي دعوت فيها إلى أن يقوم مجلس جامعة الدول العربية في دورته العادية 113 التي عقدت في بيروت يوم 11/3/2000 الى بحث موضوع تقنين الانتظام الدوري لانعقاد القمة العربية، بمعنى أن يلحق بميثاق الجامعة الحالي ملحق ينص على دورية انعقاد القمة العربية وأن تكون سنوية على غرار القمة الافريقية أو كل ثلاث سنوات على غرار القمة الإسلامية. وقدمت الجمهورية اليمنية اقتراحاً مماثلاً في هذا الشأن وعُرض اقتراح الأمانة العامة لجامعة الدول العربية واقتراح الجمهورية اليمنية على مجلس الجامعة العربية في دورته العادية 113 التي انعقدت في بيروت يوم 11 آذار ووافق اصحاب السمو والمعالي وزراء الخارجية العرب من حيث المبدأ على مبدأ انعقاد القمة العربية بصفة دورية وتم تشكيل لجنة خماسية من مصر، اليمن، سورية، تونس، سلطنة عمان والأمانة العامة للجامعة، تكون مهمتها استطلاع آراء وأفكار ومقترحات الدول الأعضاء في شأن إعداد آلية الانعقاد الدوري المنتظم للقمة العربية وبهدف رفعها للقادة العرب. وقد عقدت هذه اللجنة أولى اجتماعاتها على مستوى المندوبين الدائمين للدول الخمس في 9/4/2000، كما عُقد اجتماع آخر لها يوم الأربعاء 10/5/2000 لبلورة الصيغة المبدئية لهذه الآلية تمهيداً لعرضها على الاجتماع الوزاري للدول الخمس مساء اليوم الثاني من أيلول سبتمبر تمهيداًَ لعرض الأمر بكامله على الدورة المقبلة لمجلس جامعة الدول العربية والمقرر انعقادها في يومي 3 و4 أيلول لاتخاذ القرار المناسب في هذا الشأن.
ما ردكم على اتهام بغداد للجامعة العربية أنها تشترك في مؤامرة الصمت تجاه العراق لإطالة أمد الحصار؟
- أود أن أؤكد في البداية على حقيقة اساسية هي اننا نشدد على ضرورة إنهاء العقوبات المفروضة على الشعب العراقي الشقيق وقبل الرد على اتهام الجامعة أنها تشارك في مؤامرة صمت، فإنني اعتبر انه ليس من مصلحة أحد الدخول في مهاترات أو مغالطات من هذا النوع. فنحن دائماً نؤكد على أن الجامعة العربية حريصة على النظر للأمور بموضوعية تجنباً للدخول في نقاش غير مُجدٍ يعرقل الجهود الذي تُبذل لتحقيق المصالحة العربية وتفعيل العمل العربي المشترك وفتح صفحة جديدة في العلاقات العربية - العربية، وبعثت برسالة الى وزير الخارجية العراقي محمد سعيد الصحاف ارفقت بها جميع البيانات التي صدرت عن الجامعة العربية منذ القصف الاميركي - البريطاني في 16/12/1998 حتى اليوم، وأكدت استعدادنا لحوار هادئ وعقلاني بعيداً عن لغة المهاترات والاتهامات الظالمة. وانني على رغم الهجوم على الجامعة وعلى شخصي فإنني لن أنجر إلى هذه اللغة التي لن تفيد العراق ولن تؤدي إلا الى المزيد من الفرقة والانقسام، وهو ما يتعارض مع مسؤولياتي القومية التي اقسمت يمين الولاء على أن أعمل على صون الأمن العربي، والدفاع عن أمن وسلامة واستقرار دولنا العربية. فالمسألة العراقية أمانة في عنقنا جميعاً ومسؤوليتنا القومية تحتم علينا السعي نحو استعادة العراق الى موقعه الطبيعي ضمن أسرته ومسؤوليتنا القومية تحتم علينا السعي لرفع العقوبات المفروضة عليه، وذلك في إطار احترام الشرعية الدولية. ونحن في الجامعة العربية عبرنا مراراً عن اقتناعنا بضرورة التوصل إلى حل ديبلوماسي للمشكلات العالقة بين العراق والأمم المتحدة، ودعونا إلى الوقف الفوري للقصف الجوي الأميركي - البريطاني لشمال العراق وجنوبه والذي يتم خارج إطار قرارات الأمم المتحدة.
وفي هذا الإطار كان وما زال موقف الجامعة العربية واضحاً تجاه الرفض الكامل لمواصلة الاعتداءات الاميركية والبريطانية على العراق. واصدرت الجامعة العربية كما سبق أن أشرت في هذا الشأن بيانات عدة أولها في 17/12/1998، وآخرها في الثامن من نيسان ابريل 2000 وصفت فيه هذه الغارات أنها غير مبررة وغير مفهومة، كما أنها تشكل خرقاً صارخاً للأجواء العراقية، ولا تساعد في بناء جسور الثقة المطلوبة، كما كانت زيارتي لبغداد في الرابع من شباط فبراير 1998 بتكليف من فخامة الرئيس حسني مبارك باعتباره رئيس القمة العربية الحالية، وكذا الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب الذي دعوت إليه في الرابع والعشرين من كانون الثاني 1999 في الجامعة العربية تصب كلها في خانة البحث عن افضل السبل لرفع المعاناة عن الشعب العراقي ورفع الحصار المفروض عليه، ومعالجة التداعيات التي نجمت عن أزمة الخليج عام 1990، وإجلاء مصير الأسرى والمفقودين الكويتيين وغيرهم، وذلك في إطار قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
كما بعثت برسالة في 28/5/2000 الى الأمين العام للأمم المتحدة وأخرى مماثلة لرئيس مجلس الأمن أشرت فيها الى حرص الجامعة العربية على وحدة العراق وسلامته الاقليمية وأمن دول الجوار وسلامتها أيضاً. وطالبت بالوقف الفوري لما يتعرض له العراق من أعمال تتم خارج إطار قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وأن الاعتبارات الانسانية للشعب العراقي يجب أن تؤخذ في حسبان المجتمع الدولي. واعتقد أن النواحي الآدمية والأحوال الانسانية الصعبة التي يعانيها هذا الشعب يجب أن تكون لها أولوية في التعامل الدولي. وأنه مثلما هناك مشكلة الأسرى الكويتيين والمعاناة التي تتعرض لها أسرهم فإن هناك أسراً عراقية كثيرة تعاني هي الأخرى بسبب العقوبات، وجميع الدول العربية تحرص كل الحرص على ضرورة رفع المعاناة عن الشعب العراقي في اطار التزامه بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بأزمة الخليج، والعمل على إعادة بناء العلاقات العربية على أسس سليمة.
كيف تتم استعادة العراق مرة أخرى الى العمل العربي المشترك؟
- لعل أول بادرة لإنهاء حال الشك واستعادة العراق الى العمل العربي المشترك كانت الزيارة التي قمت بها إلى بغداد في شباط من عام 1998 بتكليف من الرئيس حسني مبارك بوصفه رئيس القمة العربية، ثم إننا نجد أن القمة العربية التي عقدت في سنة 1996، على رغم عدم حضور بغداد إلا أنها نجحت إلى حد كبير في التغلب على الانقسام الذي نجم عن أزمة الخليج، كذلك المبادرة التي اطلقتها عام 1993 والتي تستهدف المصارحة قبل المصالحة وتهيئة الأجواء العربية وتنقيتها. ونجد أن الجامعة العربية تلعب دوراً كبيراً في رفع العقوبات عن الشعب العراقي خصوصاً بعد أن أعلنت الأمم المتحدة في آذار 1999 مقترحاً يقضي بانضمام الجامعة العربية إلى إحدى اللجان الثلاث المكلفة من قبل مجلس الأمن بالتعامل مع القضية العراقية وهي لجنة الشؤون الإنسانية.
وأكدت في رسالة مني إلى الرئيس العراقي في 28 شباط 1999 على أهمية إعادة ترميم جسور الثقة بين بغداد وعواصم دول الخليج العربي، وأعربت عن الأمل أن يكون اجتماع مجلس جامعة الدول العربية يوم 17 آذار 1999 الذي يتولى فيه العراق رئاسة مجلس الجامعة الفرصة المواتية التي قد يجد فيها العراق ما يساعده على استعادة مشاركته بفاعلية مع محيطه العربي وذلك باعتبار أن الجامعة هي المكان الذي لا تناصر فيه طرفاً ضد طرف آخر أو تعادي هذا على حساب ذاك، واقترحت تحركاً ايجابياً من قبل العراق تجاه موضوع الأسرى والمفقودين الكويتيين وغيرهم في العراق. ولا شك في أن تحقيق نتائج ملموسة في هذا الموضوع سيكون له أكبر الأثر في اختراق الجمود الحالي في علاقات العراق مع جيرانه من دول الخليج العربي.
كيف تقوم الجامعة العربية بمسؤوليتها بخصوص أعقد مراحل التفاوض على المسار الفلسطيني، ونعني بها ملف القدس واللاجئين بحساسياته العربية الشائكة؟
- جميعنا يعلم أن إسرائيل تهدف إلى أن تستحوذ على الأرض والسلام معاً وهذا امر لا يمكن قبوله أو التسليم به. هناك قرارات الشرعية الدولية 242 و338 ومبدأ الأرض مقابل السلام، وعلى إسرائيل أن ترضخ لإرادة المجتمع الدولي، ولقد أعلنت أمتنا العربية التزامها بالسلام العادل والشامل كهدف وخيار استراتيجي يستوجب التزاماً إسرائيلياً مقابلاً بالانسحاب من كل الأراضي العربية المحتلة، وأن للجامعة العربية دوراً مهماً في تحفيز المفاوض الفلسطيني ومساندته في الحصول على كل حقوقه المشروعة، وفي المقدمة منها حقه في اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وأود في هذه المناسبة أن أؤكد لك أن جامعة الدول العربية كانت من أولى المنظمات الدولية الاقليمية التي اعترفت بفلسطين كدولة كاملة العضوية في جامعة الدول العربية، وذلك بقرار مجلس جامعتها رقم 3492 في 9/9/1976، وأغتنم هذه المناسبة لأذكّر الولايات المتحدة الراعي الرئيسي لعملية السلام برسالة التطمينات التي بعثت بها الى الرئيس ياسر عرفات في 18/10/1991، والتي أكدت فيها على عدم الاعتراف بضم إسرائيل للقدس الشرقية أو توسيع حدودها أو اتخاذ إجراءات احادية الجانب في قضايا الوضع النهائي ومنها القدس واللاجئين والحدود.
ساندت الجامعة الموقف الفلسطيني القائم على تمسكه بمرجعية عملية السلام والالتزام بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وبخاصة قرارات 242، و338، 252 ومبدأ الأرض مقابل السلام، وسوف أشارك في اجتماعات الألفية الثالثة للأمم المتحدة وسألقي خطاباً أطرح فيه كل القضايا الخاصة بالعالم العربي والشرق الأوسط، وفي مقدمها القضية الفلسطينية ودعم الجامعة لإعلان الدولة الفلسطينية وفقاً لقرار التقسيم الصادر عام 47 رقم 181 وكذلك مسألة القدس، التي هي مدينة لا يمكن تقسيمها أو أن تقع تحت سيطرة إسرائيل. فهي مدينة فيها مقدسات إسلامية ومسيحية وتهم العالم أجمع، ويجب تأكيد السيادة العربية على القدس الشرقية ويجب التأكيد على أن أي أعمال تقوم بها إسرائيل في القدس باطلة وغير قانونية، وهذا يتنافى مع قرارات مجلس الأمن الصريحة والتي صدرت بموافقة الجميع بما فيها الولايات المتحدة.
وأية محاولة تنتقص من حدود القدس التاريخية غير مقبولة ومرفوضة والقدس هي الموضوع الأكثر سخونة فهي حديث المفاوضات بين القادة العرب خصوصاً السعودية ومصر والأردن والمغرب وكل الدول العربية، وأن لجنة القدس التي عقدت في الرباط 28/8/2000 قد أكدت على عروبة القدس وعدم المساس بوضعيتها القانونية والبشرية.
أما بالنسبة لقضية اللاجئين الفلسطينيين فهي واضحة ولا لبس فيها، وتستند على قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وبخاصة القرار 194 الذي يؤكد حق اللاجئين في العودة الى ديارهم وفي الحصول على ممتلكاتهم أو الحصول على التعويض إذا اختاروا عدم العودة. ولقد أكد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات أن الحديث عن التوطين جريمة وأن من حق الفلسطينيين أينما كانت مواقعهم العودة إلى وطنهم وأنه عندما تقوم الدولة الفلسطينية فمن حقها أن تستقبل رعاياها. كما أكد قرار مجلس الأمن رقم 242 على ضرورة تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين.
كانت قضية اللاجئين الفلسطينيين وحق عودتهم الى ديارهم ضمن قرارات مجلس الجامعة في الدورة الأخيرة حيث أكد قرار مجلس الجامعة على حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم والتحذير من أن عدم حل قضية اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان على قاعدة عودتهم الى ديارهم يُبقي هذه القضية بمثابة قنبلة موقوتة تهدد الأمن والاستقرار.
بعد عشر سنوات من وجودك في الجامعة العربية، ما مشكلة العمل العربي المشترك؟ وهل يحتاج ميثاق الجامعة الى تغيير؟ وكيف تكون قرارات الجامعة ملزمة لأعضائها؟
- إن جامعة الدول العربية بصفتها المؤسسة القومية الأم للعمل العربي المشترك، وانطلاقاً من إيمانها الراسخ بأهمية دورها في صون المصالح العليا للوطن العربي فإنها مطالبة بتطوير اساليب العمل العربي المشترك وتحديث أجهزته، وتوفير الإطار المناسب لاتخاذ القرارات المناسبة، وهذا يتطلب العمل على اقامة محكمة العدل العربية للفصل في النزاعات التي قد تنشأ بين الدول العربية بالطرق والوسائل السلمية وأن يكون اللجوء إليها اختيارياً، كما أن الجامعة العربية في حاجة ماسة الى إنشاء آلية لتنظيم الانعقاد الدوري للقمة العربية، وآمل أن يوافق مجلس جامعة الدول العربية في دورته المقبلة على إقرار هذه الآلية بها، التي تسهم كثيراً في معالجة الكثير من مشكلات العمل العربي المشترك. وفي رأيي ان الميثاق الحالي يجب ألا يمس وإنما يمكن إضافة ملاحق له تقوي من بنيانه وتساعد على ما يتمناه المواطن العربي من المحيط الى الخليج، في أن يرى جامعة عربية قوية بإرادة دولها، مؤثرة بحرص امتنا على أن تكون بيت العرب الذي فيه يلتقون ويتحاورون بروح عربية مخلصة وصادقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.