لندن، سنغافورة - "الحياة"، رويترز، أ ف ب - ارتفعت اسعار النفط مجدداً امس الاثنين وراوحت قرب أعلى مستوياتها في 10 أعوام، في الوقت الذي وجه العراق تحذيرات الى الكويت ودول "أوبك"، وفيما قالت المنظمة انها قد تزيد الانتاج لتهدئة الاسواق قبل اجتماعها المقبل في تشرين الثاني نوفمبر. وحذر الرئيس العراقي صدام حسين أول من امس الاحد الدول الاعضاء في "أوبك" من ضغوط "القوى العظمى" على المنتجين لخفض الاسعار المرتفعة. وقال المتداولون في سوق النفط ان الاسواق تراقب عن كثب هذه التطورات، الا انهم أشاروا الى ان التحذيرات العراقية لم تؤدي الى زيادة في التداول. وارتفع سعر خام برنت ظهر امس في العقود الآجلة لتشرين الثاني نوفمبر 77 سنتاً عند 34.75 دولار. وكان سعر خام برنت في العقود الآجلة فتح في بورصة البترول الدولية في لندن على هبوط طفيف متأثراً بخسائر النفط في التداولات الالكترونية في بورصة "نايمكس" الاميركية. الا انه لم يصل الى حد تبديد المكاسب التي حققها الجمعة الماضي. وقال وسطاء ان التداولات الصباحية كانت محدودة وان السوق لا تزال تبدو "متقلبة" الى حد كبير. لكنهم أشاروا الى ان الاتجاه العام لا يزال يميل نحو الارتفاع نتيجة مجموعة من العوامل. وكانت اسعار النفط تراجعت قليلاً صباح امس في بورصة "نايمكس" بعد مرور الاعصار غوردون بعيداً عن آبار النفط في خليج المكسيك الاميركي وتأكيد "أوبك" انها قد ترفع انتاجها مرة اخرى قبل اجتماعها في تشرين الثاني. وبحلول الخامسة والدقيقة العاشرة بتوقيت غرينتش، وصل سعر النفط الخام في عقود تشرين الأول اكتوبر في "نايمكس" الى 35.57 دولار للبرميل، بانخفاض 35 سنتاً بعدما قفز الجمعة الماضي 1.85 دولار ليستقر عند 35.92 دولار. وعلى رغم التراجع الطفيف في "نايمكس"، الا ان سعر النفط لا يزال قرب أعلى مستوياته في 10 أعوام مع استمرار التوتر في الشرق الأوسط، بعدما جددت الصحف العراقية في الأيام الأخيرة مزاعم عن سرقة الكويت للنفط العراقي. وكانت اسعار النفط ارتفعت بشدة إثر الاتهامات العراقية للكويت وبسبب المخاوف من احتمال تعطل انتاج النفط الاميركي بسبب الإعصار غوردون. الا ان الإعصار مرّ عبر شرق خليج المكسيك من دون ان يمس المنطقة الوسطى حيث يتركز معظم الانتاج الأميركي من الحقول البحرية. وأعلن الأمين العام لمنظمة "أوبك" ريلوانو لقمان أول من امس الاحد ان المنظمة سترفع انتاجها 500 ألف برميل يومياً اذا ظلت الاسعار فوق المستوى الذي تستهدفه والذي يراوح بين 22 و28 دولاراً للبرميل. وقال لهيئة الاذاعة البريطانية انه "إذا ظلت الأسعار خلال تشرين الأول عند هذا المستوى المرتفع، وهو اكثر مما نريد، فإننا سنكون حينئذ في موقف يتعين علينا فيه اضافة 500 ألف برميل". واشار الى انه لن تكون هناك حاجة للانتظار للاجتماع المقبل لوزراء "أوبك"، المقرر عقده في 12 تشرين الثاني لزيادة الانتاج. واضاف: "إننا نتوقع تراجع الأسعار ولكن اذا لم تهبط فإننا سنكون مستعدين آنذاك لعرض امدادات اضافية في السوق". يذكر ان دول "أوبك" اتفقت أخيراً على رفع انتاجها الرسمي 800 ألف برميل يومياً ابتداء من تشرين الأول لخفض الاسعار المرتفعة التي أثارت احتجاجات في كل أنحاء أوروبا ومخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي. في لندن، نقلت وكالة أنباء "أوبك" عن أمانة المنظمة ان سعر سلة خامات نفط "أوبك" السبعة ارتفع الجمعة الماضي الى 32.48 دولار للبرميل من 30.91 دولار الخميس. وفي اجتماعها الاسبوع الماضي قالت "أوبك" انها ستستأنف في تشرين الأول العمل بآلية غير رسمية لضبط أسعار النفط في نطاق بين 22 و28 دولاراً للبرميل تم الاتفاق عليها في حزيران يونيو الماضي. وتقضي الآلية بزيادة الانتاج بواقع 500 ألف برميل يومياً اذا ظلت الاسعار أعلى من 28 دولاراً لمدة 20 يوم عمل متواصلة، أو خفض الانتاج بالكمية نفسها اذا انخفضت الاسعار عن الحد الأدنى. من جهته، قال المحلل لورانس ايغلز من مؤسسة "جي ان اي" انه "في الوقت الذي لا يعتقد كثيرون ان الرئيس العراقي صدام حسين سيحاول القيام بأي عمل عسكري ضد الكويت، الا انه يتمتع بسلطة هائلة على الاقتصاد العالمي الشتاء المقبل. ومن شأن أي وقف جديد للصادرات النفطية في تشرين الثاني نوفمبر، على غرار ما حدث العام الماضي، ان يؤثر على الاسعار العالمية في شكل كبير". واضاف ان "صدام" بإمكانه ان يجعل العالم رهينة في يده اذا أراد. واذا أوقف الصادرات فإن سعر 40 دولاراً للبرميل سيكون أمراً وارداً في المناخ الحالي". العراق في بغداد، اتهم الرئيس العراقي الغرب بأنه يريد "تشديد قبضته" على الدول النفطية ليتمكن من شراء النفط بأسعار منخفضة. وقال في تصريحات نقلتها الصحف العراقية امس ان "الدول الكبرى ستعمل على زيادة تشديد قبضتها على دول النفط لعلمها ان العالم يحتاج الى نفط اضافي غير الكميات الموجودة الآن". وذكرت الصحف ان الرئيس العراقي أدلى بهذه التصريحات في جلسة ترأسها لمجلس الوزراء الذي استمع الى تقرير قدمه وزير النفط عامر محمد رشيد عن نتائج اجتماعات المؤتمر الوزاري لمنظمة "أوبك". وقال الرئيس العراقي ان "المضاربات الحالية بأسعار النفط تعني وجود حقائق أهمها ان في العالم من يعلم حقيقة الأمور بأن العالم يحتاج الى نفط اضافي غير الكميات الموجودة الآن بما في ذلك الناس الذين لديهم قدرة انتاج أكثر". ورأى ان "السبب المركزي" للرسوم التي تفرضها الدول الغربية على النفط هو "تقليل الاستهلاك"، مشيراً الى انه "عندما يكون السبب المركزي تقليل الاستهلاك، فمعنى ذلك ان هناك قلقاً من كمية النفط". كما لفت الى ان زيادة اسعار النفط في فصل الصيف بدلاً من الشتاء "معناه ان هناك عوامل اخرى غير العوامل المرئية"، موضحاً ان "هناك من يخزن النفط ثم يطرح الكمية فتهبط الاسعار، أي يلعب لعبة معينة ثم يبدأ الشراء ليزداد مخزونه ثم يبدأ بالبيع عندما ترتفع الاسعار". بريطانيا والإمدادات في لندن، بدأت حكومة حزب العمال البريطاني امس اعداد قانون يلزم شركات النفط بالحفاظ على امداد المحطات بالوقود مهما كانت الظروف، مما يحول دون تكرار الأزمة الخانقة التي أصابت البلاد بالشلل الاسبوع الماضي نتيجة الاحتجاجات على ارتفاع اسعار البنزين. واكدت مصادر رسمية تقارير صحفية "غارديان" وغيرها من الصحف التي ذكرت ان رئيس الوزراء طوني بلير يريد ان توضع هذه الشركات على قدم المساواة مع شركات الخدمات الاساسية مثل الغاز والمياه. وقالت "غارديان" ان بلير أزعجه بشدة نجاح الحصار غير المنظم لمصافي النفط ومستودعات البنزين، وانه يريد اصدار التشريع الجديد قبل نهاية السنة الجارية. من جهتها، أعلنت فنزويلا انها عرضت تعديل عمليات مصافيها ورفع انتاجها من زيت التدفئة الى أقصى درجة ممكنة للمساعدة في تعزيز الامدادات لشمال شرق الولاياتالمتحدة الشتاء المقبل. وقال السفير الفنزويلي لدى واشنطن الفريدو تورو هاردي لقناة "فوكس نيوز" الاحد ان بلاده عرضت ايضاً على الولاياتالمتحدة استخدام مرفأ التخزين التابع لشركة "بتروليوس دي فنزويلا" في جزر البهاماس والذي تصل طاقته الى عشرة ملايين برميل. ومن المقرر ان يجري مسؤولون حكوميون كبار من فنزويلا ووزارة الطاقة الاميركية محادثات في شأن هذه المسألة في واشنطن اليوم الثلثاء. وأشار السفير الى ان عرض فنزويلا من شأنه منع المضاربين من رفع أسعار النفط في العقود الآجلة وتمكين المناطق الواقعة في شمال شرق الولاياتالمتحدة من الحصول على حاجاتها من زيت التدفئة بأسعار معقولة. وكان الرئيس بيل كلينتون قال الجمعة الماضي انه لا يعتقد ان اسعار النفط المرتفعة ستضر بالاقتصاد الاميركي في الأمدين القصير والمتوسط، الا انه على رغم ذلك سيبحث في خيارات للتصدي لارتفاع كلفة الطاقة. ومن الخيارات المطروحة سحب كميات من احتياط البترول الاستراتيجي لمواجهة ارتفاع اسعار النفط. كما ان الادارة الاميركية تستعد لتكوين احتياط لزيت التدفئة حجمه مليوني برميل في شمال شرق البلاد في محاولة للحيلولة دون ارتفاع اسعار زيت التدفئة هناك خلال الشتاء.