الحدث المهم في السينما الفرنسية هذه الأيام، عرض فيلم "ساد" المتحدث عن فصل من حياة الكاتب الاباحي الفرنسي الشهير. والفيلم من اخراج بنوا جاكو، وتمثيل دانيال أوتاي الذي يبدو الوحيد اللافت للنقاد حقاً، في الفيلم. فالفيلم، على رغم الصخب الذي يثار من حوله، لم يلق الاجماع الذي كان متوقعاً له، بل ان مهاجميه يفوقون في عددهم وأهميتهم أولئك الذين يتعادلون معه في شيء من التسامح، باعتباره محاولة تقترب من الجدية وسط تراجع سينمائي فرنسي عام. الكاتب فيليب سولرز، أحد أقطاب حركة الحداثة، الأدبية في فرنسا، منذ سنوات الستين، أدلى بدلوه في النقاش السائد الآن حول الفيلم، خصوصاً أنه كان أصدر في العام 1989 واحداً من "أهم الكتب عن الماركيز الفرنسي الشهير" بعنوان "ساد ضد الكائن الأسمى". وقد بدا واضحاً من تدخل سولرز في النقاش انه لم يعجب بالفيلم كثيراً. لماذا؟ لأن نتاج ساد، كما يقول سولرز في حديث صحافي، أشبه بقارة كاملة، فهو الأدب الأكثر راديكالية الذي انتجه الفكر الفرنسي طوال تاريخه. ومن النافل القول ان أي اقتباس سينمائي له، كان عليه أن يصل الى مستوى الراديكالية نفسه. من هنا فإن أول شيء يلاحظ حين مشاهدة هذا الفيلم هو أن الوصول الى هذا المطلب فيه، مستحيل. و"ساد" هو الحال المثلى التي يبدو فيها العمل الأدبي عصياً على التصوير، لأنه "يحتاج الى تصوير اغتيالات وأفعال وحشية في صورة مباشرة". ويضيف سولرز انه وجد صعوبات كثيرة تحول دون العثور على "ساد" في هذا الفيلم، أو حتى "العثور على الصورة التي يمكننا أن نكوّنها عنه، لدى بطل الفيلم دانيال أوتاي". مثلاً، يضيف سولرز، نحن نشاهد في الفيلم الممثل يكتب بخط جميل، لكننا نعرف أن ساد، وتبعاً للمخطوطات التي بقيت لدينا بخطه، كان يكتب كتابة حيوية صاخبة فوضوية. فإذا أضفنا الى هذا ان الشخصية التي مثلها أوتاي تبدو شخصية بطل شعبي، علينا أن نتذكر أن ساد الحقيقي كان ارستقراطياً كبيراً، ورجلاً شريراً، وكان هذا بالتحديد ما يقلق، لديه، أكثر من أي شيء آخر: "ذلك الترابط لديه بين الارستقراطية والنزعة الاجرامية".