ربما كان الأمر مجرد نتيجة لافتقار هوليوود الى المخيلة التجديدية، وربما كان مجرد حنين الى شيء من الماضي حين كانت أفلام "الكوميديا الموسيقية" والاستعراض شغل عاصمة السينما الشاغل، وبضاعتها الأكثر رواجاً ونجاحاً. وربما كان الأمر، أيضاً، مجرد "موضة" جديدة تحاول أن تبعث شيئاً من المرح والتفاؤل لدى متفرجي بداية الألفية الثالثة، وبداية المئوية الثانية من عمر الفن السابع. وأياً يكن الأمر، من المؤكد أن بين أبرز الظواهر التي تعرفها وتعيشها هوليوود، هذه الأيام، ظاهرة انبعاث السينما الموسيقية الراقصة من رمادها. فهذا النتاج السينمائي الذي برعت فيه هوليوود وشكل جزءاً من تاريخها الأساسي، يعيش اليوم بعثاً جديداً، ولكن ليس في الضرورة على أيدي مخرجين هوليووديين، بل قد يصح القول إن فنانين أجانب من الذين تربّوا على تاريخ السينما الهوليوودية الصاخب ويعيشون حنيناً اليه، هم الذين يقفون وراء هذه الظاهرة الجديدة، التي يمكن أن يسجل لوودي آلن، على أي حال، انه كان أحد نافخي الحياة فيها عبر فيلم طريف حققه قبل سنوات بعنوان "كل الناس يقولون آي لاف يو...". اليوم، إذاً، هناك أفلام عدة تنتمي الى هذا النوع، بعضها بدأ يعرض، وبعضها سيعرض عما قريب، بينما لا يزال البعض الثالث عند مستوى المشروع. ومن الأفلام المعروضة فيلم "راقص في الظلام" للدانمركي لارس فون تراير، الذي سبق أن فاز بالسعفة الذهبية في دورة "كان" الأخيرة، وفيه ابدعت المغنية بيورك في دور عاملة تشيكية مهاجرة. وهناك أيضاً، وخصوصاً، فيلم الانكليزي كينيث برانا المقتبس عن مسرحية شكسبير "خاب سعي العشاق". وفي السياق نفسه نذكر أفلاماً آتية خلال الموسمين المقبلين مثل "احتفظ لي بالرقصة الأخيرة" و"غروف" و"كل شيء عن المامبو" و"الرجل المرافق". وفي هذا الفيلم الأخير يؤدي الممثل والراقص رايان فيليبس دور راقص الباليه الروسي الراحل رودولف نورييف. فإذا أضفنا الى هذا، فيلم "الطاحونة الحمراء" لباز ليرمان و"رقص قذر رقم 2" الذي سيمثله ريكي مارتان، وعلمنا أن جون وو، مخرج العنف الشهير، يفكر في انتاج فيلم جديد عن حكاية "آنسات روسفور" الرومانية الرائعة مثلتها كاترين دونوف وأختها الراحلة فرانسواز دورلياك تحت اخراج جاك ديمي قبل سنين، يصبح في وسعنا الحديث عن ظاهرة صحية وسط تراجع مواضيع الأفلام عموماً.