تتذكر فرقة الباليه الوطنية الاسترالية أحد أبرز مشجعيها وأشهر راقص باليه في القرن العشرين، رودولف نورييف وذلك باستعادة استعراض "دون كيشوت" على مسرح بيت الأوبرا في سيدني هذا الموسم. وتعود قصة نورييف مع سيدني الى العام 1962 عندما اقتحم النجم العالمي المنشق حديثا آنذاك، صالة التمارين في مبنى الأوبرا بحثاً عن صديقه الراقص الدانمركي ايريك بروهن. كان نورييف آنذاك في الثالثة والعشرين من عمره وجاءت "زيارته" الاسترالية بعد شهور معدودة على لجوئه السياسي الى فرنسا، كما كان نورييف التحق بفرقة الباليه الملكية البريطانية، غير أنه انتحل إصابة في قدمه وحصل على اسبوع اجازة كي يأتي الى سيدني لملاقاة بروهن. والواقع ان نورييف كاد يفقد حريته المكتسبة حين وجد الاستخبارات السوفياتية بانتظاره في مطار القاهرة، خلال توقف الطائرة لملء الوقود، ثم ووجه باستغراب سلطات الأمن العام في مطار سيدني إذ كان مسافراً بدون جواز ولا تأشيرة، لكن شهرته سبقته، ليس كراقص فذ وحسب بل كمخترق أهوج للقوانين والأعراف. وبعد عشر سنوات على تلك الزيارة عاد نورييف الى استراليا ليقوم ببطولة واخراج "دون كيشوت"، وفي المناسبة جرى تصوير فيلم سينمائي يعرض حالياً في موازاة الاستعادة التي تقدمها فرقة الباليه على مسرح دار الأوبرا في سيدني. وتقول مارلين راو، احدى ثلاث راقصات عملن مع نورييف في "دون كيشوت" انها لم تشهد في حياتها الفنية فناناً له طاقة نورييف على العمل. "كان عاصفاً، حساساً، ساحراً، رقيقاً، غاضباً، وخصب المخيلة. وكان باحثاً عن الكمال في كل شيء يلمسه أو يعالجه. والرائع فيه أنه كان كريماً في نصائحه وتعليماته حتى مع المبتدئين". الى ذلك لم يكن نورييف سهلاً أو "مهذباً" فحين كان يمرّ في مرحلة عقم إبداعي كان يصيبه السخط العارم فيمزق ملابسه والديكور ويحطم كل ما تطاله يداه. واليوم تقوم نيكول رودس الى جانب لي سنشين ببطولة "دون كيشوت"، وهما من الرعيل الجديد الذي لم يعرف نورييف شخصياً، إلا أن التجربة العميقة التي تركها في سياق نشوء الباليه الاسترالي، لا تزال بصماتها واضحة، وبالتالي ذكراه ايضاً حية في أداء الجيل الجديد.