قال مصدر مأذون في الحكومة المغربية ل"الحياة" ان وزارة المال ستوقع مطلع الاسبوع المقبل اتفاقاً مع "مصرف القرض العقاري والسياحي" لتنفيذ برنامج اعادة هيكلة المصرف، بكلفة 520 مليون دولار، وكانت الحكومة أقرته مع المساهمين الرئيسيين. واضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، ان الاتفاق اشترط لمنح "العقاري والسياحي" امكانات تمويل جديدة تقدر بنصف بليون دولار يشارك في تحصيلها كل من المصرف المركزي وصندوق الايداع والتدبير والخزانة العامة 51 في المئة وصندوق الحسن الثاني للتنمية اضافة الى المساهمين من القطاع الخاص من بينهم "البنك المغربي للتجارة الخارجية" وشركة "سوميد" الاماراتية الاستثمارية. ويمثل الاتفاق ضماناً من الحكومة المغربية للمساهمين المحليين والاجانب ومصدر ثقة للمتعاملين مع المصرف. وكان "القرض العقاري" خسر كل رأس ماله وعجز عن استرداد مبالغ تتجاوز بليون دولار وخسرت اسهمه في بورصة الدار البيضاء العام الماضي نحو 71 مليون دولار. والمصرف عاجز منذ فترة عن مواصلة نشاطه في مجال تمويل مشاريع الاسكان والسياحة. وقال المدير العام للمصرف عبدالواحد سهيل: "ان العقاري السياحي يحتاج الى مبلغ عاجل لا يقل عن 200 مليون دولار لمواصلة نشاطه وتنفيذ التزاماته المالية". غير ان جمعية المساهمين التي يقودها البنك المركزي طلبت من وزارة المال ارغام المصرف على توقيع اتفاق تنفيذ برنامج متوسط المدى لاعادة هيكلته تحت اشراف لجنة تقنية أوكل لها مهمة تدبير النشاط وتفحص الحسابات. وسيسبق الاتفاق أي ضخ للأموال المتوقعة في النصف الثاني من الشهر الجاري. وعقدت لجنة تقصي الحقائق البرلمانية اجتماعها الأول ليل الخميس - الجمعة للبحث في وضعية المصرف في حضور وزير المال فتح الله ولعلو. ومنعت الصحافة من حضور اعمال اللجنة التي احيطت بسرية تامة. وقال رئيس اللجنة المحامي ادريس لشكر من الاتحاد الاشتراكي ل"الحياة" ان اعمال اللجنة "ستستغرق شهوراً عدة وقد تحيل الملف الى القضاء اذا تبين لها اختلاسات أو سوء تدبير أو تلاعبات في أموال المصرف التابع للقطاع العام". واستبعد علاقة مشابهة مع وضعية "القرض الزراعي" الذي وضع 38 من مسؤوليه السابقين في سجن سلا المركزي على ذمة التحقيق من بينهم المدير العام السابق رشيد الحداوي الذي بدأ أول من امس اضراباً عن الطعام لإثارة انتباه الرأي العام الى وضعيته. وتقدر خسائر "القرض الزراعي" بنحو 1.2 بليون دولار كان استخدم بعضها في تمويل صفقاتة خارج النشاط الزراعي وحولت أجزاء منها الى خارج المغرب لشراء عقارات فاخرة. وتتهم النيابة العامة مسؤولي المصرف بسوء التدبير وخيانة الأمانة واختلاس أموال عامة وتزوير وثائق رسمية والتساهل في منح قروض كبيرة من دون ضمانات كافية. وقال مصدر في وزارة المال ل"الحياة" ان موضوع "القرض العقاري والسياحي" يختلف كثيراً عن ملف القرض الزراعي ولا توجد علاقة بينهما، واعتبر ان صعوبات المصرف تعود الى فترة ما بعد حرب الخليج وانتكاس السياحة المغربية التي صادفت مرحلة تميزت باستثمارات ضخمة في القطاع كما تضرر "القرض العقاري والسياحي" بتدني الطلب على الاسكان والمباني منذ منتصف التسعينات. وتقدر ديون "القرض العقاري" على شركات الاسكان العامة بنحو 330 مليون دولار. وحسب خطة الحكومة المغربية لانقاذ المصرف ستمنح الدولة مبلغ 120 مليون دولار للمصرف عبر البنك المركزي وصندوق الايداع والتدبير والبنك الشعبي المساهمان الرئيسيان. وحددت حصة المساهمين من القطاع الخاص بنحو 100 مليون دولار تتقاسمها كل من شركات التأمين "اكسا" و"سيمر" و"سنيا" اضافة الى شركة "سوميد" و"البنك المغربي للتجارة الخارجية". وستضع الخزينة العامة تحت تصرف "القرض العقاري والسياحي" خطوطاً مالية ائتمانية تقدر بنحو 100 مليون دولار اضافية. وستمنح المصارف التجارية من جهتها قروضاً امتيازية بنحو 200 مليون دولار لتمكين المصرف من الحصول على سيولة كافية كماسيستفيد "القرض العقاري والسياحي" من مبالغ اخرى عبر صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية تصل الى 230 مليون دولار لتمويل مشاريع في قطاع الاسكان والتجهيزات الفندقية والمرافق السياحية. وتتوقع وزارة المال ان يستعيد "القرض العقاري والسياحي" عافيته المالية تدريجاً وان يحقق موارد مالية ذاتية اضافية بنحو 50 مليون دولار سنوياً ابتداء من سنة 2001 على ان ترتفع الى 70 مليون دولار سنة 2002.