تبدأ لجنة تحقيق برلمانية الأسبوع الماضي النظر في قضية مصرف "القرض العقاري والسياحي" المغربي بعد أن استكمل تشكيلها. وتضم اللجنة 24 عضواً من عشرة أحزاب سياسية برئاسة النائب ادريس لشكر محامي رئيس فريق الاتحاد الاشتراكي في مجلس النواب. وستبحث اللجنة البرلمانية، التي تعتبر الثالثة من نوعها في المغرب، في الاختلالات المالية التي تواجه مصرف "القرض العقاري والسياحي" الذي قررت الحكومة المغربية مده بنحو 500 مليون دولار من الأموال الجديدة لمواصلة نشاطه بعدما تعذر عليه استرجاع ديون مشكوك في تحصيلها تقدر قيمتها بنحو عشرة بلايين درهم بليون دولار. وكان المصرف خسر العام الماضي نحو 70 مليون دولار في نشاطه المالي، ما أفقد أسهمه في بورصة الدار البيضاء ثلاث أرباع قيمتها قبل عامين. وقال عضو اللجنة النائب أحمد الريح ل"الحياة" إن اللجنة ستبحث في ملفات المصرف كافة وستدرس تقارير مراقبي الحسابات لمعرفة الحالة المالية للمؤسسة بهدف تحديد المسؤولية في الوضعية التي وصل إليها المصرف "العقاري والسياحي"، بما فيها مسؤولية الإدارات السابقة. وأشار ان اللجنة بإمكانها طلب أي تقرير اضافي أو أي وثيقة حسابية ودعوة أي شخصية لها علاقة بالمصرف تعتبر ان حضورها قد يفيد التحقيق بما في ذلك استخدام وثائق حكومية وحسابات شركات العقار ليراك التابعة للقطاع العام التي كانت من أكبر مديني المصرف وبينهما خلافات مالية كبيرة. وتوقع الريح، وهو نائب عن العاصمة الرباط، ان تستغرق أعمال اللجنة، التي ستكون سرية ولن يسمح للصحافة بمتابعتها، نحو ستة أشهر ترفع بعدها تقريراً مفصلاً إلى البرلمان طبقاً لأحكام الدستور للحسم في موضوع المصرف الذي يملك فيه كل من المصرف المركزي وصندوق الايداع والتدبير نحو 51 في المئة من رأس المال، وتملك شركة "سوميد" الإماراتية 10 في المئة و"البنك المغربي للتجارة الخارجية" أربعة في المئة، والحصة نفسها يملكها "المصرف الشعبي" المغربي. ولم يستبعد النائب الريح في المقابل، ان تعرض بعض الملفات على القضاء محكمة العدل الخاصة، في حال تأكيد وجود سوء تدبير متعمد أو تلاعبات خطيرة في أموال المصرف الذي حصل الشهر الماضي على 200 مليون دولار من صندوق الحسن الثاني للتنمية لإنقاذه من الافلاس. وقال الريح: "ان كل الاحتمالات تبقى واردة بانتظار استكمال التحقيق الذي سيخضع للدقة والحياد السياسي التام". واعتبر ان مصلحة الدولة الوقوف على الاسباب الحقيقية التي أدت الى الصعوبات التي يواجهها المصرف ومنها الاطلاع على نوعية المنازعات التي لها تأثير مباشر على التوازن المالي ل"القرض العقاري والسياحي"، ومعرفة نوعية الاجراءات المزمع اتخاذها لاسترجاع الديون التي يقول المصرف ان قيمتها تفوق 900 مليون دولار دون احتساب الفوائد وثلث تلك الديون له علاقة بالأزمة التي كان شهدها قطاع السياحة في المغرب عقب حرب الخليج الثانية في مطلع التسعينات. وتمثل قضية قصر المؤتمرات وفندق المنصور الذهبي في مراكش واحدة من اكبر النزاعات التي يعرضها المصرف "العقاري السياحي" على المحاكم ولها امتداد يعود الى عشر سنوات. وقالت مصادر في لجنة التحقيق ل"الحياة" ان قضية صرف الأموال التي قررت الدولة ضخها في المصرف نحو 500 مليون دولار ستكون من ضمن اختصاص اللجنة البرلمانية بهدف دفع المصرف الى اعتماد الشفافية في منح القروض وتمويل مساكن الفئات المحرومة داخل المجتمع. وكانت بعض قروض المصرف استخدمت في مضاربات عقارية راقية استفاد منها عقاريون مقربون من جهات ذات نفوذ سابقة، وتقدر قيمة تلك المبالغ حسب بعض المصادر الاقتصادية بما يزيد على 300 مليون دولار. ولم تستبعد المصادر متابعة بعض الاشخاص الذين يوجدون خارج المغرب وكانت لهم تسهيلات غير مبررة في تحصيل قروض غير مغطاة. وكانت محكمة الدار البيضاء أدانت الأسبوع الماضي مديرة وكالة تابعة لمجموعة "القرض العقاري والسياحي" توجد خارج المغرب، بتهمة اختلاس مبالغ من الوكالة في الدار البيضاء بقيمة 31 مليون درهم نحو ثلاثة ملايين دولار من خلال استعمال شركة وهمية تابعة لصديق لها قام بتحصيل تلك الاموال عبر كمبيالات مزورة محسوبة لفائدة "المصرف التجاري المغربي" الذي بلغ عن الاختلاس. وتعتبر قضية "العقاري والسياحي" أول ملف مالي يعرض على البرلمان ضمن أربع قضايا لها علاقة بالفساد المصرفي في القطاع العام من بينها موضوع "القرض الزراعي" المعروض على محكمة العدل الخاصة.