يمثل أمام المحكمة الخاصة في الرباط آخر الأسبوع الجاري 32 مسؤولاً سابقاً في "صندوق القرض الزراعي" بتهمة تبذير أموال عمومية واختلاس ما يصل إلى 320 مليون دولار 2.3 بليون درهم في أول محاكمة من نوعها في قطاع المال والأعمال منذ حملة التطهير التي شهدها المغربي عامي 1995-1996. وذكرت مصادر مطلعة ان التهم الموجهة إلى بعض المديرين تشمل خرق قوانين الصندوق عبر التساهل في منح قروض غير زراعية لزبائن مقربين ونافذين بقيمة بليوني درهم نحو 190 مليون دولار من غير المأمول استرجاعها، وعدم التدقيق في الضمانات وتوزيع قروض أخرى لبناء أحواض سفن وتشييد قصور فخمة واقتناء عقارات ومعدات لصالح الصندوق بمبالغ أكبر من قيمتها الحقيقية. ويُقدر اجمالي قيمة القروض التي خسرها "الصندوق المغربي للقرض الزراعي" بنحو 660 مليون دولار، أغلبها قروض مولت مشاريع خارج النشاط الزراعي من دون ضمانات. وقالت مصادر في الصندوق "إن المصرف الزراعي مصر على استرداد ديونه باستعمال الطرق القانونية كافة"، لكن مراقبين قالوا ل"الحياة" إن فتح ملف القرض الزراعي "قد يمتد إلى شخصيات نافذة على رأس مؤسسات عامة كبيرة، بعضها محسوب على تيارات سياسية". ويستعد الصندوق الزراعي، الذي تأسس عام 1959، لتمويل مشاريع الري والانتاج الزراعي ولإسقاط ديون حوالى 200 ألف مزارع صغير تقل قيمتها عن ألف دولار للتخفيف من تأثير الجفاف الذي أضر بالانتاج الزراعي وقلص الناتج القومي السنة الجارية إلى أقل من 3 في المئة. وكانت موارد الصندوق زادت العام الماضي 13 في المئة وبلغت 7.7 بليون درهم نحو 760 مليون دولار، وهو واحد من ثلاث مصارف لا يزال تحت سلطة القطاع العام. ومع بدء البحث في ملف "القرض الزراعي"، أعلنت مصادر نيابية ان البرلمان سيشكل لجنة تحقيق في ملف "القرض العقاري والسياحي" تابع للقطاع العام، لمعرفة أسباب الأزمة التي يعانيها المصرف منذ فترة، وتُقدر خسائره الاجمالية بنحو 450 مليون دولار. وقالت مصادر نيابية ل"الحياة" إنه "لا يمكن السكوت على التلاعب بالأموال العامة التي وجهت أصلاً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية". وأضاف: "علينا أن نكشف ملابسات هذين المصرفين أمام الرأي العام". وتُقدر الديون غير المستردة في "القرض السياحي" ب900 مليون دولار، ما يرفع مجموع القروض المشكوك في استردادها من المصرفين "الزراعي" و"السياحي" إلى 5.1 بليون دولار. وكانت وزارة المال أعلنت الأسبوع الماضي التوصل إلى اتفاق بين المساهمين الرئيسيين في "القرض العقاري والسياحي" لضخ مبالغ جديدة حجمها 500 مليون دولار لإنقاذ المصرف من الانهيار بعدما فقد 70 في المئة من قيمة أسهمه في بورصة الدار البيضاء منذ مطلع السنة 2000. وستمنح الدولة ل"القرض السياحي" أموالاً عاجلة بقيمة 2.2 بليون درهم للإبقاء على نشاطه التمويلي لمشاريع الاسكان. وسيمنح المصرف المركزي وصندوق الايداع والتدبير والخزانة العامة مبالغ أخرى بالقيمة نفسها على أن يرفع كل من السيدين سعيد العتيبة وعثمان بن جلون حصصهما في المصرف تزامناً مع إعادة تأسيس رأس المال الجديد. وتعيش الأوساط الاقتصادية والمالية في المغرب منذ فترة على ايقاع الخسائر الكبيرة المسجلة في مصارف وصناديق القطاع العام، ويُنتظر ان تضم الفضائح "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي" الذي بدأت أول من أمس اجتماعات مجلسه الاداري في الدار البيضاء وسط أنباء عن تجاوزات مالية كبيرة في حساباته. وتُقدر ودائع الصندوق الاجتماعي لدى صندوق الايداع والتدبير بأكثر من بليون دولار 10 بلايين درهم هي عبارة عن اقتطاعات العمال والمستخدمين توجه لتمويل مشاريع عقارية وسياحية راقية.