قال مسؤول معني باللعبة السياسية والنتخابية اللبنانية ان اسم رئيس الحكومة المقبلة غير مرتبط بالانتخابات النيابية، ولا يتوقف مصير أبرز المرشحين إلى توليها على نتائجها، ما دام تقسيم الدوائر الانتخابية انطلق من مقولة إمكان الأخذ من الجميع، خصوصاً الأقوياء، لتعزيز الخط السياسي الواحد. وأبلغ "الحياة" أن لا خلافات سياسية جوهرية بين غالبية المرشحين الذين يؤمنون بدرجات متفاوتة، بالثوابت اللبنانية، وتعزيز العلاقة بين لبنان وسورية وتطويرها. وأشار الى أن البعض قرر أن يتكيف الى حد كبير، وأخذ يتعاطى بإيجابية مع الأسباب الموجبة لتقسيم الدوائر الانتخابية على خلاف البعض الآخر، ومنهم رئيس الحكومة السابق عمر كرامي الذي احيط بمعطيات سياسية فيها الكثير من المبالغة، دفعته الى اتخاذ مواقف عاطفية أدخلته في سجال غير مطروح أساساً مع الوزير سليمان فرنجية ومع آخرين في الشارع الطرابلسي، علماً أن جمع زغرتا وطرابلس في دائرة واحدة يهدف الى قطع الطريق على من يحاول إثارة الحساسية من خلال اللعب على التناقضات المذهبية والطائفية. ولفت الى أن التقسيم الانتخابي في الشمال جاء على قياس كرامي وفرنجية إلا أن الأول أصغى الى الذين وضعوا في تصرفه معطيات سياسية غير واقعية، وبعضهم ممن يحاول النطق باسم جهات رسمية، دغدغوا مشاعره بطريقة دفعته الى تخطي الحسابات المدروسة التي تحفظ له خط الرجعة. وأضاف: "أن هذا البعض ممن تصرف عن خطأ بالإنابة عن الدولة، راح يوهمه بأنه في مقدوره إطاحة الآخرين ممن تتردد أسماؤهم مرشحين الى رئاسة الحكومة الجديدة، وفي مقدمهم وزير الأشغال نجيب ميقاتي، إضافة الى تهميش فرنجية لاعتبارات مستقبلية غير مطروحة الآن، ما شكل حرقاً للمراحل السياسية". وقال: "إن خطأ كرامي الذي نعتبره أساسياً في التركيبة السياسية أوجد من خلال مواقفه خصوماً له، يرفضون من يحاول وضعهم في هذه الخانة، مع أنه في طليعة العارفين الذين يفترض بهم التصرف على أن العودة الى الرئاسة الثالثة لا تشترط مجيء من يحصد أكثر من غيره مقاعد نيابية". وأوضح المسؤول "أن القانون الانتخابي في حد ذاته أفرد ساحات انتخابية لعدد من الأقطاب، ليشعروا فيها بارتياح إلى النتائج، باعتبارهم من اللاعبين الكبار، وإن كانوا يحاولون خوض معاركهم في ساحات ثانوية ويتصرفون حيالها كأنها أساسية بالنيابة عن ساحاتهم الرئيسية". وتمنى "لو نجحت الجهود الائتلافية، وتحديداً في دوائر المتن الشمالي وبعبدا - عاليه، وبيروت والشمال، وإن لم تؤد الى خوض الانتخابات على لائحة واحدة"، مشيراً الى "أن البعض سارع الى قطع الطريق على قيام تعاون انتخابي من خلال "تنظيم الخلاف" عبر خوض المعركة في لوائح غير مكتملة". ورأى أن فرصة التوصل الى ائتلاف "ليست معدومة حتى الساعة، شرط أن تختصر بتمرير تعاون انتخابي من تحت الطاولة، على خلاف إرادة المرشحين أو القوى الفاعلة الداعمة لهم، والمقصود بها سورية التي شجعت على التوافق ونصحت بالابتعاد عن التشنج الانتخابي في مناطق حساسة". وبالنسبة الى بيروت، قال إن المعركة في الدائرة الأولى تكاد تكون محسومة لرئيس الحكومة السابق رفيق الحريري الذي تصرف بواقعية عندما تجاوب معه ممثل "تيار المستقبل" في الشمال النقيب السابق سمير الجسر وقرر عزوفه عن خوض الانتخابات، محافظاً بذلك على علاقاته الجيدة بحلفاء سورية، وكان حرياً بالرئيس كرامي التعامل بإيجابية مع هذه الخطوة التي لا تستهدفه وإنما تسهم في تعزيز التوافق الطرابلسي - الزغرتاوي". وتابع "أن الحريري بادر بإخراج نفسه من المعركة في الشمال على رغم ما لديه من حضور، ظناً منه أن القوة السياسية لا يجوز أن تترجم، في أغلب الأحيان في صناديق الاقتراع، ما دام تقسيم الدوائر كان يهدف إلى عدم تمكين البعض من إلغاء البعض الآخر". وأشار الى أن الحريري الذي يعتبر لاعباً أساسياً ومقرراً فاعلاً في دائرة بيروت الأولى يحاول كرد منه على تقسيم العاصمة خوض المعركة في الدائرتين الثانية والثالثة، من خلال تأليف لائحتين أبقى على المقعد الشيعي في واحد منها شاغراً، لإشاعة مناخ يؤدي الى تنفيس الاحتقان ومنع المواجهة مع "حزب الله". واعتبر أن "خوض الحريري المعركة في الثانية والثالثة، يعتبر ثانوياً قياساً الى خوضها في الأولى، وهذا يعني أن الساحتين فيهما ستسمحان بإيجاد رقعة سياسية واسعة للاعبين المنافسين: رئيس الحكومة سليم الحص ورئيس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية النائب تمام سلام". ورأى أن المعركة الانتخابية في هاتين الدائرتين "تظهر كأنها معركة كسر عظم لكن الاستنفارات الانتخابية الحاصلة لن تقود من خلال نتائجها الى اندلاع "حرب إلغاء". فالنتائج لن تتيح لفريق التغلب على الآخر بالضربة القاضية، والتحالفات التي ستقوم لضمان فوز الأساسيين ستحصر المنافسة بعدد من المقاعد النيابية". ولفت الى أن الحريري ربما أيقن من الآن ان لا علاقة بين احتمال عودته الى رئاسة الحكومة والمقاعد النيابية التي ستحصدها "لائحة الكرامة"، برئاسته، وهذا ما يدعوه الى القبول بالتعايش السياسي مع الآخرين ولو من الموقع المعترض. وقال المسؤول نفسه إن البحث في موضوع رئاسة الحكومة فور الانتهاء من الانتخابات "يوجب علينا تحضير الأجواء المواتية للتعاطي بواقعية مع الترجيحات التي يرتاح إليها الرأي العام ولا ندير لها ظهرنا"، مؤكداً "أن إمكان عودة الحريري ما زالت راجحة وعلينا التعامل معها بانفتاح من دون حسابات ضيقة، إذ ان أي فرصة سياسية لا يمكن إلغاؤها قبل تجربتها وإنجاح الفرصة يشترط إخراجها من دائرة التحدي". وختم "أن رئيس الجمهورية إميل لحود هو الأعلم بواقع الحال ويتطلع الى تجاوز الظروف التي يمر فيها البلد، لأن تجاوزها سيكون لمصلحة الجميع الذين هم أصحاب المصلحة الحقيقية في التغلب على المشكلات التي تواجه بلدهم".