شن رئيس الحكومة اللبنانية السابق عمر كرامي هجوماً عنيفاً على الاجهزة الرسمية، بحجة "تركيب اللوائح الانتخابية والضغط على الناس"، وهاجم منافسين له متهماً إياهم بالرشوة، فيما اتهم رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب وليد جنبلاط وزير الداخلية ميشال المر بأنه "غير محايد"، بعدما اجتمع مع عميد "حزب الكتلة الوطنية" كارلوس إده وبحثا في التعاون الانتخابي بين الحزبين. وجاءت تصريحات كرامي في مأدبة عشاء اقامها ليل أول من أمس "حزب التحرير العربي" الذي اسسه والده. وقال ان "الانتخابات اهم وسيلة للتعبير عن الديموقراطية، اللهم اذا كان الشعب يعبر عن رأيه بكل حرية وإخلاص ووعي. وما نشهده حتى الآن لا يجعلها حرة، من قانون التقسيمات الانتخابية الذي فصل على قياس اشخاص، الى القانون الانتخابي ككل الذي يمنع الرشوة ونحن نرى وأنتم ترون بأم العين وتحت ستار اعمال الخير كيف تشترى ذمم المواطنين وكيف يذلونهم ويستعملون الضائقة الاجتماعية لشراء اصوات وضمائر، فإذا لم تكن هذه رشوة يمنعها القانون، فكيف بالله عليكم تكون الرشوة؟ وكيف في ظل ما نشاهده اليوم تكون هناك انتخابات حرة وشريفة". وأضاف: "كلنا يسمع ويقرأ كيف تؤلف اللوائح في كل لبنان وكيف تفبرك البوسطات والمحادل. ويقولون لنا ان الانتخابات حرة، ومع ذلك نحن الذين لم نعش الا في ظل الكرامة، ولم ينبض قلبنا الا بالعنفوان ولم ينطق لساننا الا بالحق، نحن من مدرسة عبدالحميد، لا يمكن ان ينبض قلبنا ولا ان ينطق لساننا ولا ان يشهر سيفنا الا بما تأمرنا به طرابلس". ورأى كرامي "ان اهم شيء في الانتخابات هو موسم الاشاعات"، مشيراً الى انه المح الى "أمر الاعتكاف وعدم الترشح لكن الماكينة الانتخابية تشتغل". وقال انه فكر بالاعتكاف لأن "من منا لا يعرف ان المال والسلطة ضدنا، وإذا كان تدخل الاجهزة معقولاً فأهلاً وسهلاً ونستطيع تحملها، وإذا زادت وبدأوا يرسلونهم عناصر الاجهزة الى الناس فسيأتي وقت نسمي الأمور بأسمائها، وسنقلب الطاولة على رؤوسهم؟". وأوضح انه لا يشارك في المقابلات التلفزيونية السياسية لأنها "معلبة". لكنه اعتبر ان من غير الممكن تحميل الحكومة الحالية نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد. اما جنبلاط فقال "ان شعار دولة المؤسسات والقانون وشعار السلطة وحيادها ونزاهتها سقط". وأضاف خلال استقباله في المختارة عميد "الكتلة" كارلوس إده: "نحن امام جو مشابه لجو العام 1957" يوم سقط في الانتخابات والده وأقطاب في المعارضة وقال "ان الصداقة السياسية والشخصية والعائلية قديمة بين الحزبين". وأوضح ان "هناك تنسيقاً بين حزبه والحزب الشيوعي اللبناني في البقاع". وعن "حزب الله" قال "صحيح لن نرشح عن احد المقعدين الشيعيين في الضاحية لكن علينا ايضاً ان ندرس حساباتنا والكلام ليس موجهاً الى "حزب الله"، بل الى الدولة، فهي تقول عن نفسها انها محايدة وهذا امر غير جدي او كاذب". وأكد ان معركة الدولة الأساسية "هي تحجيم القوى الوطنية والمستقلة اللبنانية في بعبدا والشوف وعاليه وبيروت، لكننا سنخوض الانتخابات على رغم كل الصعوبات من الأجهزة والبطاقات الانتخابية المزورة ومن بعض المجنسين الذين يدلون بأصواتهم ثلاث مرات وأربعاً". وقال ان وزير الداخلية "ليس محايداً". وأعلن إده "نية التنسيق والتعاون قريباً بين الحزبين خلال الانتخابات خصوصاً في عاليه وبعبدا". وعن ترشيح نفسه قال "انه لم يقرر بعد الترشح وانه سيحدد موقفه النهائي قريباً". وحضر اللقاء نواب "جبهة النضال الوطني" اضافة الى مرشحي الجبهة في الشوف وعاليه وبعبدا. الى ذلك سجلت "الحياة" اللقطات الانتخابية الآتية: يتمهل الفريقان الأساسيان المتنافسان في الدائرة الثانية في منطقة الشمال التي تضم طرابلس وزغرتا والمنية والكورة والبترون في اعلان لائحتيهما الأولى بزعامة الرئيس كرامي، والثانية بزعامة الوزير سليمان فرنجية، فكل من الفريقين المتنافسين ينتظر اتضاح مناورات الآخر في ضم المرشحين وفي عقد التحالفات النهائية من جهة، ويقومان بحسابات دقيقة قبل ضم بعض المرشحين الى لائحتيهما من جهة ثانية، حتى لا تحملا "ثقالات"، نظراً الى ان المنافسة ستكون قوية بينهما، ولا يخلو الأمر من تجاذبات بين المتعاونين في كل من اللائحتين، يسعى الاقطاب الى معالجتها كي تخاض المعركة في حد أدنى من التضامن. الا ان المعلومات تفيد ان الأسبوع المقبل سيكون حاسماً على صعيد اعلان اللائحتين. ومن الواضح ان تحالف كرامي مع النائبة نايلة معوض، وتعاون فرنجية مع النائب احمد كرامي والوزير نجيب ميقاتي، يعني ان لكل من القطبين حليفاً مهماً، في منطقة خصمه. وجاءت زيارة رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري أول من أمس لطرابلس حيث أعلن دعم لائحة فرنجية ضمن محاولة لتجيير الأصوات التي يتمتع بها تياره في الشمال الى تلك اللائحة، بعدما اقتضت الظروف سحب رمز هذا التيار في المدينة نقيب المحامين السابق سمير الجسر، من لائحة التحالف بين فرنجية وأحمد كرامي، في ضوء ترشح الوزير ميقاتي وانضمامه الى نواة التعاون مع فرنجية. وتتوقع الأوساط الطرابلسية ان يقابل دعم الحريري لفرنجية، اعلان كرامي اتفاقه على التعاون الانتخابي مع "الجماعة الاسلامية" من خلال ضم الأمين العام للجماعة عبدالله بابتي الى لائحته، الى جانب معوض وسمير فرنجية مارونيان ومحمد نديم الجسر وسامي منقاره ووسيم عزالدين سنة وانطوان حبيب ارثوذكسي ومرشحين عن المقاعد الارثوذكسية الثلاثة في الكورة ضد النائبين فريد مكاري وفايز غصن والنائب السابق سليم سعاده على اللائحة المنافسة. وفي تقدير المراقبين ان حدة المنافسة ستؤدي الى تبادل الاختراقات بين اللائحتين، على غرار ما سيحصل في دائرة الشمال الأولى بين اللائحة التي اعلنها النائب عصام فارس ولائحة "القرار الحر" غير المكتملة التي يتم تركيبها من جبران طوق وجهاد الصمد ومحمد الفاضل ومحمد يحيى ورياض الصراف وكريم الراسي وبنوا حبيب كيروز، بينما قرر النائب احمد فتفت خوض المعركة منفرداً لوجود اصدقاء له في اللائحة الأولى. وتركز "لائحة القرار الحر" على تسجيل اختراق يتجاوز مقعدين نيابيين. وفي الموقف الانتخابي في الشوف، استبعد مسؤول بارز في معرض تقويمه الوضع على الأرض احتمال الدخول في منافسة جدية مع اللائحة التي يتزعمها جنبلاط. وأكد ل"الحياة" ان خصوم جنبلاط يراهنون منذ الآن على تنظيم صفوفهم لتحقيق اختراق في احد المقاعد المارونية الثلاثة لمصلحة ناجي البستاني، متوقعاً عزوف النائب زاهر الخطيب عن خوض المعركة ما لم تطرأ تطورات غير مرئية في الوقت الحاضر تدفعه الى خوضها، ربما منفرداً. بالنسبة الى دائرة بعبدا عاليه، اعترف المسؤول نفسه بأنها ستشهد أعنف المعارك الانتخابية بين اللائحة المدعومة من جنبلاط واللائحة التي ينتظم فيها "حزب الله" والحزب السوري القومي الاجتماعي و"حركة أمل" اضافة الى النائبين طلال ارسلان وإيلي حبيقة، بعدما تم التوصل الى ايجاد مخرج للأخير الذي يخوض المعركة منفرداً شكلاً، وانما بالتوافق من حيث المضمون مع اقطاب هذه اللائحة. وفي بيروت، رأى مراقبون ان منافسي الحريري، وبعضهم من المحسوبين على الدولة، يحاولون في الدائرة الأولى حشد قواهم لتسجيل اختراق للمقعدين الارثوذكسي والماروني من خلال النائب السابق ميشال ساسين ونقيب المحامين السابق انطوان قليموس، في مواجهة عاطف مجدلاني ونقيب اطباء لبنان غطاس خوري، بعد ان ينجح في اقناع المرشحين الآخرين بالانسحاب. وهم قطعوا شوطاً على هذا الصعيد، في وقت يستمر النائب غسان مطر الحزب السوري القومي الاجتماعي في خوض المعركة بعد ترشيح حزبه له. وفي الدائرة الثانية، ستدور المنافسة بين لائحتين الأولى مدعومة من الحريري والثانية من النائب تمام سلام الذي يتريث في اعلان لائحته، وان كان واضحاً ان تحالفه مع مرشح "حزب الله" النائب السابق محمد البرجاوي اصبح شبه محسوم، اضافة الى ميله الى ابقاء المقعد الارثوذكسي شاغراً، مع امكان ضم رئيس الرابطة السريانية حبيب افرام عن مقعد الأقليات، بينما يتردد اسم النائب جميل شماس عن المقعد نفسه، وإن كان لا شيء نهائياً على هذا الصعيد. اما في الدائرة الثالثة، فالمعركة ستدور بين لائحتين: الأولى برئاسة رئيس الحكومة سليم الحص والثانية مدعومة من الحريري اضافة الى مرشحين منفردين ابرزهم مرشح جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية الأحباش النائب السابق عدنان الطرابلسي الذي تردد انه عقد تعاوناً انتخابياً مع حزب الطاشناق في محاولة لرفع فرصه للفوز. والمنافسة في هذه الدائرة ستنتهي الى تبادل الاختراقات بين اللائحتين الرئيسيتين، اذ يصعب على اي منهما الفوز بمرشحيها كاملين.