صدرت في سلسلة المشروع القومي للترجمة التي يصدرها المجلس الاعلى المصري للثقافة ترجمة كتاب "مصر القديمة: التاريخ الاجتماعي"، تأليف ب. ج تريغر، و ب. ج كمب، ود. أوكونر، وأب.ب لويد. قام بترجمة الكتاب لويس بقطر وراجعه مختار السويفي. ويشير أمين عام المجلس الاعلى المصري للآثار جاب الله علي جاب الله، في تصديره الكتاب الى أنه في العام 1982 صدر عن دار جامعة كمبردج للنشر في انكلترا المجلد الأول من ثمانية مجلدات عن تاريخ افريقيا القديم تحت عنوان THE CAMBRIDGE HISTORY OF AFRICA ونظراً إلى ان المجلد الأول الذي قام بتحريره ج. ديز موند كلارك عالج تاريخ افريقيا، منذ أقدم العصور وحتى 500 ق.م، فكان طبيعياً ان يحتوي على الجزء الأكبر من تاريخ مصر القديمة في فصوله السابع والعاشر والثاني عشر، مغطياً بذلك حقبة زمنية شاسعة تمتد منذ بزوغ فجر الحضارة المصرية في ما يعرف باسم عصر ما قبل الأسرات وحتى نهاية عصر الانتقال الثالث قرب العام 664 ق.م. وكان الجزء الأخير من تاريخ مصر، الذي امتد من 664 ق.م حتى وفاة الاسكندر الكبير العام 323 ق.م، ظهر من قبل في المجلد الثاني من تاريخ افريقيا والذي نشر في العام 1978، أي قبل نشر المجلد الأول بأربع سنوات، وجاء متضمناً تاريخ الشمال الافريقي خلال فترة الاستيطان الفينيقي والاستعمار اليوناني، لذلك اختلف في منظوره ومضمونه عن الفصول الثلاثة الاولى. ومن هنا قام آلان ب. لويد بكتابة الفصل الرابع من الكتاب الذي بين أيدينا لكي ينسجم رؤية وفكراً مع بقية الفصول. ويرى جاب الله ان أهمية كتاب "مصر القديمة: التاريخ الاجتماعي"، تكمن في أنه يعالج نمو المجتمع المصري القديم، ويتتبع تطوره وتعقد أساليب الحياة فيه وتشابك العلاقات التي كانت تجمع أفراده وطوائفه ومؤسساته، ويلمس اطرافاً من صناعته وعمارته وفنونه وآدابه، وذلك منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى بزوغ نجم الاسكندر الكبير على مسرح الاحداث في مصر وغرب آسيا لوهلة، وإن كانت قصيرة في عمر الزمن، إلا أنها كانت عظيمة الأثر في المجرى الحضاري العام. ويذكر أن صدور هذا الكتاب جاء مواكباً لإعادة إصدار موسوعة "مصر القديمة" لسليم حسن ضمن مشروع "مكتبة الاسرة" الذي تنفذه الهيئة المصرية العامة للكتاب. ويلاحظ أن موسوعة سليم حسن ضخمة 16 مجلداً وتتناول مواضيع شتى، في حين ركّز كتاب "المشروع القومي للترجمة" على الزاوية الاجتماعية وان كان العملان يغطيان الفترة التاريخية نفسها. ويذكر أن حسن بدأ في كتابة موسوعته في نهاية الثلاثينات في حين صدرت الفصول الثلاثة الأولى لكتاب "مصر القديمة: التاريخ الاجتماعي" في كتاب تاريخي في سلسلة كمبردج، وهو الجزء الاول من تاريخ كمبردج عن افريقيا. ويشير التمهيد، الذي تصدّر الطبعة العربية، إن مؤلفي الكتاب فضلوا ان يشقوا طريقهم المميز في محاولة كتابة فصول تدور حول قضايا أوسع حيزاً في دراسة الماضي خارج علم المصريات، واضعين في اعتبارهم هدف السلسلة التي ركز مجلدها الأول على تعقب علاقة مصر بالبلاد الافريقية المجاورة. ويدور الفصل الأول من كتاب "مصر القديمة: التاريخ الاجتماعي" حول زمن التكوين في مصر ما قبل الأسرات الملكية المبكرة، ويبدأ من فترة إدخال اسلوب اقتصاد الاكتفاء الذاتي الى وادي النيل، وكان سائداً في جنوب غرب آسيا، ثم يتتبع تطور المجتمعات الزراعية التي أدت الى نشأة مراكز حضرية قليلة، ثم بزوغ الفن الملكي، واخيراً نشأة الدولة السياسية من خلال الصراع الداخلي. ويحلل الفصل الثاني سمات مصر الفرعونية في المرحلة التالية بعد ظهور دولة ناضجة ما زالت معزولة نسبياً عن العالم الخارجي. وتضم هذه الحقبة المراحل المعروفة تقليدياً باسم الدولة القديمة والدولة الوسطى وفترتي الانتقال الاولى والثانية. وتتميز بقضية بالغة الاهمية، ألا وهي حسم الصراعات الداخلية بين القصر الملكي والمقاطعات على المستوى العام. أما على المستوى الفردي فتتسم بحل الصراعات بين خدمة الملك وتراكم الثروات الخاصة. وانتهت هذه الحقبة بفترة قصيرة من السيطرة الاجنبية على مصر الشمالية والامتداد المصري في النوبة. ثم أدى رد الفعل على الحكم الاجنبي الى بزوغ سريع لامبراطورية تشمل النوبة وغرب آسيا. ويغطي الفصل الثالث مرحلة الامبراطورية الدولة الحديثة والتعقيدات التي لحقتها عصر الانتقال الثالث. ومن خلال كم من المصادر أكثر غنى أصبح من الممكن الكتابة من خلال معرفة أعمق عن بنية الحكومة احتوت رجال بلاط أكثر عدداً وكهنة تتزايد سطوتهم. وشهدت مرحلة ما بعد الامبراطورية ظهور توترات سياسية داخلية، باعتبارها العنصر الرئيسي في تلك المرحلة، وظهور مجموعة خارجية جديدة وهم اهل ليبيا الذين مارسوا ضغطاً على شمال مصر. اما الفصل الرابع والأخير، فيقدم صورة عن المجتمع في المرحلة المتأخرة، والقرون الاخيرة من الحكم المصري والحضارة الفرعونية التي يمكن التعرف عليها عندما لم تصبح مصر بعد صاحبة سطوة عسكرية سائدة، وعندما بدأت تعاني مراحل من الهزيمة والخضوع من قبل حكام سودانيين او آشوريين او فرس. وتنتهي هذه الحقبة بغزو الأسكندر الكبير لمصر ودخولها رسمياً في العالم الذي اصبح "هيلينياً".