"مجموعة الملاحظات والابحاث التي أُجريت، في مصر اثناء حملة الجيش الفرنسي"، هو العنوان الكامل للمؤلف الضخم الذي وضعه علماء الحملة الفرنسية، وقام زهير الشايب بترجمة جانب مهم من محتوياته الى اللغة العربية تحت عنوان "وصف مصر"، وقد بدأ صدور مجلدات هذه الترجمة في القاهرة في العام 1976 بتشجيع من وزارة الثقافة المصرية، الا ان تفرغ الشايب لهذا العمل دفع المؤسسة الصحافية التي كان يعمل بها الى فصله بدعوى "تغيبه عن العمل من دون إذن مشروع لمدة تزيد على عشرة أيام"، وتزامن ذلك مع حصول الشايب على جائزة الدولة التشجيعية ووسام العلوم والفنون من الطبقة الاولى العام 1979 تقديراً لمشروع "الترجمة الكاملة" لموسوعة "وصف مصر"، وكان طُبع في إطاره حتى ذلك الوقت المجلدان الاول والثاني ونشر بعض محتوياتهما في مجلتي "الرسالة" و"الاذاعة والتلفزيون" المصريتين. ونوهت لجنة جائزة الدولة التشجيعية ب"دقة الترجمة واهمية الكتاب ومنهج الشايب وطريقته في الترجمة". وكان الشايب نفسه عبر عن تحمسه لترجمة "وصف مصر" بقوله: "إن الهدف من ترجمتي لهذا المؤلف هو أنني أردتُ أن أسهم في ان تستعيد مصر اسمها الذي كادت تفقده باتخاذ اسماء لا تاريخ لها ولا مضمون، وأن اقدم لبلدي عملاً هو من اخص خصوصياتها". وصدرت قبل وفاة زهير الشايب في منتصف الثمانينات سبعة مجلدات من ترجمته ل"وصف مصر"، وصدرت ثلاثة مجلدات اخرى بعد وفاته بإشراف كل من زوجته الكاتبة عفت شريف وابنته منى زهير الشايب من خلال "دار الشايب للنشر" التي انشأتها الاسرة خصيصاً لاستكمال هذا العمل، وقد اصدرت هذه الدار مجلدات عدة تضم لوحات الدولتين الحديثة والقديمة والتي انجزها ايضاً علماء الحملة الفرنسية. وقبل تصديه لترجمة "وصف مصر"، قام الشايب بترجمة كتاب مارسيل كولومب "تطور مصر"، وكتاب اندريه ريمون "فصول من التاريخ الاجتماعي للقاهرة العثمانية". ويعتبر الشايب ايضاً أحد الادباء الذين برزوا في مصر في الستينات، إذ قدم ثلاث مجموعات قصصية هي: "المطاردون"، "المصيدة" "حكايات من عالم الحيوان"، وله رواية عنوانها "السماء تمطر ماءً جافاً"، وهي رواية تسجيلية تتناول وقائع قيام الوحدة المصرية - السورية وانهيارها. كما ترجم مسرحية جان بول سارتر "موتى بلا قبور". وقد طبع "وصف مصر" في فرنسا للمرة الاولى من 1809 الى 1822 في 9 مجلدات كتب على غلافي الاول والثاني منها انه "طبع بأمر صاحب الجلالة الامبراطور نابليون الاكبر"، وظهرت المجلدات الاخرى بعد سقوط نابليون وقد كتب على غلاف كل منها "طبعت بامر من الحكومة". وظهرت للكتاب نفسه طبعة أخرى في فرنسا بدأ العمل فيها في 1821 وانتهى في 1829 وتضمنت 26 مجلداً، بالإضافة الى 11 مجلداً للوحات، واطلس جغرافي. اما عناوين المجلدات العشرة لترجمة زهير الشايب، والتي صدر آخرها في 1992، فهي على التوالى: المصريون المحدثون، العرب في ريف مصر وصحراواتها، دراسات عن المدن والاقاليم المصرية، الزراعة - الصناعات - الحرف - التجارة، النظام المالي والإداري في مصر العثمانية، الموازين والنقود، الموسيقى والغناء عند قدماء المصريين، الموسيقى والغناء عند المصريين المحدثين، الآلات الموسيقية المستخدمة عند المصريين المحدثين، مدينة القاهرة. وقد شرعت "دار الشايب" في طبع مجلدين آخرين هما "القاهرة المملوكية" و"مقياس النيل بجزيرة الروضة". لكن يبدو ان هذين المجلدين سيتأخر صدورهما كثيراً في ضوء التعثر الذي شهدته اخيراً دار الشايب لأسباب مالية. ويبقى ان تتحول وزارة الثقافة المصرية في هذا الصدد من مجرد التشجيع المعنوي الى التشجيع المادي حتى يكتمل مشروع ترجمة "وصف مصر" في القاهرة ويتاح كاملاً بسعر مناسب للدارسين وقراء العربية عموماً