قبل ان يبدأ مؤتمر قمة كامب ديفيد، حرصت وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت على اظهار اهتمام بنظيرها الاسرائيلي ديفيد ليفي وابقت على اتصالها المباشر معه ثنيه عن قراره عدم المشاركة الى جانب رئيس الوزراء ايهود باراك في القمة التي استهدفت انهاء الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي. غير ان ليفي بقي على رفضه مبررا ذلك بان الفلسطينيين غير مستعدين بعد للاتفاق النهائي وان ياسر عرفات يسعى الى اظهار اسرائيل وكأنها الطرف المتشدد "ما يدفع باراك الى تقديم تنازلات مرفوضة في الشارع الاسرائيلي وخصوصا في ما يتعلق بالقدس". وعلى رغم تطمينات اولبرايتواصل ليفي تمنعه وادلى بتصريحات تناقض تلك التي تتناسب ومنصبه كوزير للخارجية وشارح لسياسة الدولة العبرية. ولم تيأس اولبرايت المدفوعة بطلب من باراك فظلت على اتصال هاتفي معه خلال قمة كامب ديفيد وبعدها ساعية الى تشجيعه على مواصلة التحالف مع باراك. وكان آخر الاتصالات قبل التصويت الذي جرى اول من امس في الكنيست حيث التزم ليفي بعدم التصويت الى جانب اسقاط الحكومة واكتفى بالامتناع عن التصويت. ولكنه ابقى على تهديده الذي اعلنه في جلسة الحكومة صباح الاحد وكرره في اللقاء الذي جمعه مع باراك بانه سيقدم استقالته صباح اليوم الاربعاء ان لم يعلن باراك عن العمل على تشكيل حكومة وحدة تضم حزب ليكود اليميني المعارض. وبات واضحا ان حكومة من هذا القبيل غير ممكنة لان ليكود يرفضها وباراك يريدها بناء على خطوطه السياسية القائمة على انجاز اتفاق مع الفلسطينىين يتضمن تنازلات في القدس ومنطقة غور الاردن والمستوطنات، ما يتعارض ومواقف ليكود. وكان واضحا ان باراك في كلمته امام الكنيست، التي حمل فيها ارييل شارون زعيم ليكود مسؤولية فشل المساعي لاقامة حكومة وحدة، انما كان يوجه الحديث الى ليفي ليبين له ان رفض الوحدة لم يأت منه. ويظل احتمال تقديم ليفي استقالته واردا اليوم، لذا سعت واشنطن مجددا الى استمالته فدفعت سفيرها في تل ابيب مارتن انديك، اليهودي الخبير في الشؤون الاسرائيلية، الى طلب لقاء مع ليفي امس بعد اجتماع مطول عقده انديك مع باراك. وبدأ اللقاء بشرح الرؤية الاميركية لما دار في كامب ديفيد، وطمأن انديك جليسه ليفي الى حرص الولاياتالمتحدة على امن اسرائيل ومصالحها الحيوية ورفاهية سكانها في حال السلم والحرب. وقال انديك ان الواقع الدولي والاقليمي يلزم اسرائيل بتقديم تنازلات في القدس مقابل انهاء الصراع مع الفلسطينيين وبالتالي مع العالم العربي وان واشنطن تسعى لدى صانعي القرار في العالم العربي الى الموافقة على صيغة حل مرضية وهذا يتطلب حكومة متماسكة في اسرائيل. ليفي بدوره شدد على ان الخطوط العامة التي وافق على اساسها على التحالف مع باراك في حزب اسرائيل واحدة لا تتلاقى والتنازلات التي قدمت الى الفلسطينيين وانه يرفض ان يواصل مهمته كوزير للخارجية بالتسويق لافكار لا يؤمن بها ولا يؤمن بها الناخبون. وهنا اشار انديك الى ان أي اتفاق لن يطبق قبل ان يعرض في استفتاء شعبي في اسرائيل وان هذا هو الحكم على رأي الناخب. لكن ليفي لم يعد بالتراجع عن استقالته وطلب مهلة للتشاور. ويأتي هذا اللقاء الذي يعكس المتابعة الاميركية الدقيقة لما يجري على الحلبة السياسية الاسرائيلية والاهتمام بانجاح توجهات باراك السياسية، فيما صدرت اشارات من قادة ليكود الى الوزير المتمنع ليفي الى انهم يضمنون له موقعا قياديا في الحزب اذا ما ساهم في اسقاط الحكومة الحالية. وقالت ليمور لفنات، وهي من انشط قادة ليكود وقامت بجولة في واشنطن خلال انعقاد قمة كامب ديفيد حرضت خلالها الطائفة اليهودية الاميركية على رفض تنازلات باراك، ان مواقف ليفي السياسية اقرب الى مواقف ليكود الذي سيعمل على تشكيل قائمة تضم كافة احزاب اليمين في الانتخابات المقبلة نظرا لخطورة "مغامرات باراك المدعومة اميركيا" وهي تدعو ليفي الى الانضمام الى هذه القائمة. ومعروف ان ليفي لن يتمكن من ضمان مقعد له في أي انتخابات مقبلة ان خاضها منفردا وليس امامه الا التحالف مع احد القطبين، حزب العمل او حزب ليكود.