بدا ان حزب "الوفد" يتجه الى تجاوز أزمة غياب زعيمه فؤاد سراج الدين. إذ أثمرت اتصالات بين قادته المركزيين اتفاقاً على اجراء تغييرات في هياكل الحزب الداخلية، في شكل يُتيح توسيع دائرة اصدار القرار وتقليص صلاحيات الرئيس الجديد. وذكرت مصادر موثوقة في الحزب ان الاتفاق الجديد اتاح تقليص الصراع على منصب الرئيس، الذي انحسرت المنافسات عليه بحسب ما يبدو بين الرئيس الموقت الدكتور نعمان جمعة وعضو الهيئة العليا الدكتور محمود السقا. وظهرت احتمالات قوية بتراجع رئيس كتلة الوفد في البرلمان السيد ياسين سراج الدين، شقيق الزعيم الراحل، عن ترشيح نفسه للمنصب إثر الالتفاف القيادي الواضح حول ترشيح جمعة. وكان جمعة اصدر قراراً بدعوة الجمعية العمومية للحزب الى الانعقاد اول ايلول سبتمبر لانتخاب الرئيس الجديد. وشكّل لجنتين للإعداد للاجتماع. ورأس جمعة مساء اول من امس اجتماعاً ل "النواة الصلبة" للحزب وهم اعضاء الهيئة العليا السادة فؤاد بدراوي ومحمود اباظة والسفير محمود قاسم وابراهيم الدسوقي اباظة وسعيد عبدالخالق وطارق الشيشيني ومنير فخري عبدالنور. ويبدو ان الاجتماع انتهى الى صوغ "تصور متكامل" لتجاوز المرحلة الانتقالية التي يمر بها الحزب حالياً. وقال عبدالنور ل "الحياة" إنه "تم الاتفاق على ثلاثة مبادىء اساسية في النظام الداخلي للحزب تتعلق بإعادة النظر في صلاحيات الرئيس، وتحديد فترة ولايته، واجراء تعديلات على هيئة المكتب لضم عناصر شابة جديدة، عقب الانتخابات البرلمانية المقبلة، إضافة الى تحديث أساليب العمل بما يتواءم مع العصر الجديد بعدما اصبحت الوسائل المتبعة حالياً بالية". وعزا عبدالنور التغييرات المتفق عليها الى التحديات المفروضة على الحزب، بعد غياب "الزعامة التاريخية" وضرورة الانتقال الى نظام "الرئاسة المنتمية" التي تتطلب وجوداً "مؤسسياً" والدفع بأجيال جديدة الى المناصب القيادية. وشدد على أن "نجاح تجربة الوفد في مرحلة الانتقال ستحمي مسيرة احزاب المعارضة". وفي ما يعد مؤشراً الى وجود "صفقة" تستهدف تجاوز الأزمة، أيد السيد بدراوي حفيد الباشا والذي كان يتردد انه قد ينافس على منصب الرئيس، قرار جمعة دعوة الجمعية العمومية. وقال ل "الحياة" إن "الاجراءات صحيحة وديموقراطية وتتفق مع اللائحة، وخضعت لتشاور غالبية قادة الحزب، ولم يحدث انفراد بالقرار كما يشيع البعض". وشدد على ان "ما يجري في الحزب تغيير ديموقراطي يلتزم الوحدة والتماسك، وليس توزيعاً لتركة". وطرحت انباء الاتفاق تساؤلات عن طبيعة الخطاب السياسي للحزب في المستقبل في ضوء التغييرات المنتظرة. إذ اعتبر رئيس لجنة شباب "الوفد" السيد محمود اباظة ان "الاتفاقات تصب في خانة تطوير الحزب". وقال ل "الحياة" ان "المشاورات لم تتناول اسماء للدفع بها الى القيادة المركزية، وانما تركزت على الجوانب المطلوبة لتحديث الحزب، والتعاطي مع مرحلة جديدة تغيب عنها الزعامات التاريخية، وتتطلب آليات حديثة ستنعكس بالضرورة على خطاب الحزب السياسي، وبرنامجه وعلاقاته مع المعارضة، ولكن في الوقت ذاته مع المحافظة على أولوية المطالبة باصلاح سياسي وديموقراطي" في مصر.