ظهرت أخيراً في وسائل الاعلام الرسمية دعوات للمثقفين والاعلاميين السوريين الى "الحوار" على صفحات الصحف المحلية حول "نواقص اعلامنا" بدلاً من اللجوء الى الصحف العربية التي اخذت على عاتقها في السنوات الاخيرة "هذه المهمة". وقال امس الدكتور فائزالصائغ الذي تسلم ادارة "الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون": "نريد ان تكون الصحافة السلطة الرابعة في البلاد" ذلك ان الاعلاميين يضعون - عندما يقومون بهذا الدور - في أذهانهم "الوعد الذي قطعه الرئيس بشار بعرض كل شيء أمام شعبنا". وكتب عدنان علي في صحيفة "الثورة" الحكومية امس: "السمة الأبرز لما كتب في الاعلام الخارجي كانت توجيه نقد لاذع للاعلام السوري شكلاً ومضموناً واتهامه بالعجز عن مواكبة الاداء السياسي، وافتقاره اجمالاً للاقناعية بسبب ارتباطه الوثيق بالسلطة السياسية على حساب صدقيته أمام الناس وعلى حساب الشروط المهنية التي كثيراً ما تطحن او تنحى تحت ضغط الاعتبارات السياسية والسلطوية"، واستدرك: "ما يهمنا هو انتقال النقاش الى صحفنا المحلية التي نشرت مقالات عدة تعترف باخطاء اعلامنا ونواقصه خلال الفترة الماضية". وكان الصحافي علي، وهو خريج قسم الصحافة في جامعة دمشق، تعرض لمعاقبة ادارية تضمنت "ابعاده" الى صحيفه محلية في محافظة بعيدة بسبب مقال نشره في صحيفة عربية، لكن تدخل الدكتور بشار الاسد، قبل تسلمه منصب الرئاسة، اعاد له حقوقه. وقبل تدخل الدكتور بشار تعرض الصحافي علي لاتهامات شفوية ب"التعاون مع جهات اجنبية" من جانب مسؤولين اعلاميين في صحف رسمية. وكتب امس في "الثورة": "اللافت بروز فريق اخذ على عاتقه نفي كل نقد موجه الى الاعلام السوري وانبرى يدافع عنه ظالماً ومظلوماً، ساخطاً على من دعاهم اصحاب هذه الحملة مشككاً بأهدافهم وانتماءاتهم". وكانت صفحات "الحياة" و"النهار" و"السفير" في السنوات الاخيرة مجالاً ل"الحوار الاعلامي" الذي شارك فيه الى علي، كل من هشام الدجاني وشعبان عبّود وعمر كيلاني وفائز سارة. وتركز على نقطة اساسية وهي "الفجوة بين الاداء السياسي والاداء الاعلامي"، وذهب بعضهم الى القول بان "الاعلام كان محامياً رديئاً للسياسة السورية". وعليه، بدأ وزير الاعلام السيد عدنان عمران في الفترة الاخيرة حملة تغييرات كبيرة استهدفت تطوير الخطاب بعدما تساءل هؤلاء الكتاب: "هل حانت ساعة التغيير؟". وشمل التغيير تسلم محمود سلامة رئاسة تحرير "الثورة" واعطاء الصحافي علي مجالاً اكبر للعمل وتحرير الصفحة الاولى، وخلف الجراد ادارة "تشرين"، وانتقال الدكتور الصائغ الى "الاذاعة والتلفزيون" بعدما كان مدير "الوكالة السورية للانباء" سانا التي تسملها علي عبدالكريم. وظهرت أخيراً التغييرات في اخراج "الثورة" وتحريرها بشكل اكبر مما عليه الحال في "تشرين"، ذلك انها تضمنت مقالات نقدية في هامش اوسع. وكتب الدكتور الجراد في افتتاحية "تشرين" قبل ايام: "ندعو الى انتهاج الموضوعية وترشيد الكلمة والبحث عن الايجابيات وتعميقها ومن ثم تعميمها، كما ان من اول واجباتنا كصحافة وطنية ملتزمة ان نسلط الضوء على المنتجين الشرفاء وعلى المخلصين العمالين بصمت وكفاءة وتواضع". لكن فائز سارة كان تساءل في صحيفة عربية: "هل آن الاوان لصحافة سورية اخرى؟"، وكتب علي جمالو في "الثورة": "ثمة مناخات جديدة تسود البلاد، لذلك لا بد من طرح بعض الاسئلة الاولية: هل تعود الصحيفة، وبصورة أشمل الاعلام الى دوره الرقابي الذي لا بد منه من اجل خلق توازن بين المواطن والمسؤول؟". وردّ عليه اسعد عبود في الزاوية نفسها تحت عنوان "يوميات": "لا يظن احد انه قادر على الوصاية على الناس والاستذة عليهم، الاّ بمقدار ما تصدق نياته تجاههم. عندئذ يعرف كل حدوده".