الواقع المزري في روسيا يرغم سكانها على "ابتكار" أساليب للارتزاق، ويدفع بعضهم الى جرائم غريبة قد تكون لها مضاعفات خطرة. وتكررت أخيراً أحداث قصة كتبها الأديب الشهير انطون تشيخوف قبل أكثر من مئة سنة، وتحدث فيها عن فلاح فقير يفكك اجزاء من قضبان خط حديد لاستخدامها مثقالاً في شبكة لصيد الأسماك، من دون أن يفكر في احتمال خروج القطار عن مساره وهلاك ركابه. وجاء في تقرير لصحيفة "كمسمولسكايا برافدا" ان سكان قرية اوستاشوفو شرق مقاطعة موسكو فككوا ثلاثة كيلومترات من السكك الحديد ذاتها وحمّلوها على شاحنة لبيعها الى أصحاب البيوت الريفية الذين يستخدمونها كأساسات للبناء! ويقطع عاطلون عن العمل أسلاك الكهرباء خلال ساعات انقطاع التيار، وهي كثيرة في المحافظات، أو يسرقون قطعاً معدنية من المصانع المتوقفة عن العمل بسبب الأزمة الاقتصادية، ثم يبيعونها لمحلات تشتري الخردة. في العام الماضي، اضطرت ادارة احدى المحطات الكهربائية العاملة بالطاقة النووية الى وقف أحد مفاعلاتها بعد اختفاء اجزاء ذهبية وبلاتينية من لوحة التحكم بالمفاعل، واتضح لاحقاً ان هذه الأجزاء سرقت بغرض "تسويقها". وفي مقاطعة بيروبيجان التي خصصت لليهود لاقامة حكم ذاتي، سرقت مراهقتان عشرات الأمتار من كابلات شبكة للانذار في منطقة على الحدود مع الصين. وقد يكون "الحديد الخردة" سبباً لمقتل من يحاولون سرقة معادن، إذ يتعرضون لأخطار. ففي أيار مايو الماضي قتل أربعة من جنود البحرية في قاعدة فلاديفوستوك حين تسللوا الى غواصة مهجورة بحثاً عن معادن ثمينة، فاختنقوا بغاز سام مصدره البطاريات القديمة. وتعمل الأجهزة الأمنية لتشديد الرقابة على المستودعات التي تشتري المعادن، بعدما عثرت الشرطة في عدد منها على أجزاء من صواريخ تعد من "أسرار الدولة"، لكنها فُككت لأسباب مجهولة وحصل "الباعة" على قطع منها. وتوقعت الأجهزة المعنية زيادة السرقات بعد اطلاق مئتي ألف سجين شملهم قانون العفو العام، وظل كثيرون منهم من دون عمل. وأكد نائب مدير التحريات الجنائية في موسكو، فلاديمير بوغودين ان نسبة جرائم السرقة ارتفعت الى 65 في المئة. ودفع الخوف من اللصوص كثيرين من سكان العاصمة الروسية الى تركيب أبواب حديد لشققهم، لكنهم ندموا، اذ اتضح ان اللصوص تنبهوا الى عجز الفقراء عن شراء أبواب نحاس أو حديد، لذلك فإن وجود مثل هذه الأبواب يغدو "مرشداً" يدل السارق على المنازل التي توجد فيها أموال أو أحجار كريمة أو كميات من "الأخضر"... كما يسمي الروس الدولار.