ظهرت بوادر لحل قضية التجسس لمصلحة إسرائيل من خلال قول مصدر محافظ مطلع على الملف إنه يتوقع تخفيفاً للأحكام إلى ما دون السجن عشرة أعوام وإلى احتمال تبرئة بعض المتهمين الذين دينوا بأحكام خفيفة كالسجن سنتين أو أربع سنوات، وذلك عبر استئناف الحكم. وبرزت ثلاثة عناصر لافتة، منها قول المصدر الإيراني إن "الموساد" استغل أراضي تركيا وقبرص وأراضي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي للالتقاء ببعض أعضاء الشبكة، لكن المصادر الرسمية تكتمت على ذلك، ومنها أيضاً مطالبة الخارجية الإيرانية المجتمع الدولي وحكومات العالم بالضغط على إسرائيل لإطلاق سراح أربعة ديبلوماسيين إيرانيين تقول طهران إن إسرائيل مسؤولة عن مصيرهم، وعن عملية خطفهم التي تمت عام 1982 بواسطة "القوات اللبنانية" المنحلة. وفي موازاة ذلك، سجل رد من القضاء على الضغوط الدولية بإعلانه أن المتهمين تورطوا في جمع صور ومعلومات عسكرية في مدينتي أصفهان وشيراز، خصوصاً عن ثكنات وقواعد جوية، ومعلومات عن مصانع الفولاذ والبتروكيماويات. وعلمت "الحياة" من مصدر مطلع على ملف قضية اليهود الإيرانيين الذين دينوا بالتجسس لمصلحة إسرائيل، ان جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الموساد استغل أراضي تركيا وقبرص، إضافة إلى إحدى الدول الأوروبية، كقاعدة للاتصال بعدد من اليهود الذين تمت ادانتهم. ورفض المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، تحديد اسم الدولة الأوروبية، مكتفياً بالإشارة إلى أنها عضو فاعل في الاتحاد الأوروبي. وأضاف ان زيارة بعض المتهمين لإسرائيل كانت عبر أراضي تركيا وقبرص أكثر من غيرهما من الدول، وذلك بعد أن يتم ختم إذن بالخروج والعودة على أوراق خاصة، وليس على جوازات سفر. ولم يتسن تأكيد هذه المعلومات من مصادر رسمية، إلا أن القضاء كان أعلن عن اتصالات بين أعضاء الشبكة و"الموساد" في ثلاث دول، من دون تحديدها. وفي حال صحّت هذه المعلومات، سيظهر سؤال عن مدى معرفة هذه الدول، أو عدم معرفتها، بنشاطات "الموساد" على أراضيها، ومدى تأثير ذلك في علاقة إيران مع تلك الدول في حال كانت تلك العواصم على علم بهذه الأنشطة، ومدى التأثير الذي سيلحق بعلاقاتها مع إسرائيل في حال عدم معرفتها بها. وقال المصدر الإيراني ل"الحياة" إن الأحكام كانت ستصدر بالإعدام لبعض المتهمين، "إلا أنهم استفادوا من الرأفة الإسلامية ولو يُصنفوا كمحاربين". وأضاف ان حق الاستئناف الذي اعطي لهم قد يفسح المجال لتخفيف الأحكام، بحيث ان الذين حكم عليهم بالسجن لمدة سنتين قد يحصلون على البراءة في إشارة إلى متهمين مسلمين اثنين، كما أن الذين حكم عليهم بالسجن أربع سنوات قد يخفف حكمهم إلى سنتين، ويتم انقاص المدة التي قضوها في السجن حتى الآن، مما يضعهم على أبواب "الافراج عنهم". وأوضح ان أمام المتهمين خياراً ثانياً هو المحكمة العليا، إذ يمكنهم اللجوء إليها لنقض حكم محكمة الاستئناف. وفي رد على ردود الفعل الدولية المشككة بالمحاكمة، كشف القضاء عن بعض الأنشطة التي قام بها المتهمون، وقال رئيس عدلية محافظة فارس جنوبإيران حسين علي أميري "إن الموساد طلبت من المتورطين معلومات وصوراً للثكنات العسكرية والقاعدة الجوية في مدينة شيراز جنوب وعن المصفاة ومصنع البتروكيماويات في المدينة، إضافة إلى معلومات عن الثكنات العسكرية ومصنع الفولاذ في مدينة أصفهان وسط". وأضاف: "ان المتورطين كانوا يجمعون معلومات من داخل الجيش بشأن رد فعله المحتمل ازاء حصول تقارب بين إيران والولايات المتحدة الأميركية"، وأشار إلى أن هناك أربع مهمات أخرى لم يحددها. وكانت مصادر إيرانية مطلعة على ملف القضية قالت ل"الحياة" إن المتهمين كانوا يجمعون معلومات عن المفاعل النووي في مدينة بوشهر جنوبإيران، وان لدى الجانب الإيراني اسماء ضباط في "الموساد" الإسرائيلية كانوا على اتصال مع الشبكة. وفي إطار تفاعلات هذه القضية دولياً، أطلت الخارجية الإيرانية على ملف الديبلوماسيين الإيرانيين الأربعة الذين فقدوا في لبنان عام 1982، وذلك في الذكرى السنوية الثامنة عشرة لاختطافهم. وحملت تل أبيب كامل المسؤولية عن عملية الخطف وعن مصير الديبلوماسيين. وقال الناطق باسم الخارجية حميد رضا آصفي "إن هناك دلائل كثيرة إلى وجود هؤلاء أحياء وتم نقلهم إلى فلسطينالمحتلة". وأضاف ان إيران تدعو كل المنظمات والمحافل الدولية والحكومات، خصوصاً الحكومة اللبنانية، لاستخدام الوسائل المتاحة لإجبار إسرائيل على تطبيق القرارات الدولية والإنسانية. وفي موسكو، استنكر المؤتمر اليهودي الروسي، أمس الاثنين، بشدة الحكم الذي صدر ضد عشرة من اليهود الإيرانيين بتهمة التجسس لمصلحة إسرائيل. ووصف الكسندر اوسوفتسوف نائب رئيس المؤتمر الحكم بأنه "عمل من أعمال الارهاب الدولي". وذكر ان السفير الإيراني وعد قيادة المؤتمر اليهودي الروسي بالسماح لها ولصحافيين روس بحضور المحاكمة "ولكن السلطات الإيرانية لم تسمح لهم بالوصول إلى طهران"، . وتابع ان المؤتمر اليهودي في موسكو ينوي تقديم احتجاج على قرار المحكمة الإيرانية إلى منظمات دولية.