أصدر القضاء الايراني أمس أحكاماً خلت من الاعدام أو السجن المؤبد لليهود الايرانيين ال13 المتهمين بالتجسس لاسرائيل، وبرّأ ثلاثة منهم فيما قضى بسجن الآخرين فترات أقصاها 13 سنة. وتفيد معلومات "الحياة" ان لدى الجانب الايراني أسماء ضباط وعسكريين اسرائيليين كان المتهمون على علاقة بهم راجع ص 2. وأثارت الأحكام ردود فعل خارجية أبرزها تنديد من رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك الذي اعتبر العقوبات "قاسية بحق أبرياء"، وباشرت هولندا حملة على مستوى الاتحاد الأوروبي لاتخاذ اجراءات مشتركة ضد ايران، فيما أعلن الرئيس بيل كلينتون عن خيبة أمله لأن "الحكومة الايرانية فشلت مجدداً في أن تبرهن على أنها دولة قانون". وجاء في بيان أصدره الرئيس الأميركي: "ندعو حكومة ايران فوراً الى معالجة الفشل في الاجراءات" القانونية، معتبراً ان الأحكام "غير عادلة". ووعد بأن تواصل الولاياتالمتحدة جهودها مع حكومات مهتمة بالموضوع ومع المنظمات الدولية نتيجة "قلق" حيال "معاملة الأقليات في ايران ووضع حقوق الانسان" في هذا البلد. وذكّر كلينتون بأن لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة وعدداً من الدول بينها أميركا كانت انتقدت "النظام القضائي الذي صدرت عنه هذه الأحكام". وعبرت وزيرة الخارجية الأميركية مادلين اولبرايت في بيان عن ألمها، مشيرة الى أن اليهود الايرانيين ال13 "لم يسمح لهم باختيار ممثليهم القانونيين وحوكموا من خلال اجراءات سرية". ودعت السلطات الايرانية الى نقض الأحكام وحضت المجتمع الدولي على ادانتها. ولوحظ ان بريطانيا امتنعت عن ادانة الأحكام مكتفية بالتعبير عن قلقها، بينما عقد سفراء دول الاتحاد الأوروبي في طهران اجتماعاً أمس تلبية لدعوة من هولندا التي وصفت الأحكام بأنها "مروعة". وكانت "الحياة" نقلت في 4 شباط فبراير الماضي عن مصدر موثوق به ان الادانة في قضية شبكة التجسس ستكون لعشرة من اليهود "ولن يحكم أي منهم بالاعدام وسيبرأ ثلاثة". وبرئ ايضاً اثنان من المتهمين المسلمين فيما دين اثنان آخران. وتراوحت الأحكام بين سنتين و13 سنة سجناً، بعدما أكدت السلطة القضائية والرئيس محمد خاتمي ان "المحاكمة ستكون عادلة"، رداً على الوساطات والضغوط الدولية، والأميركية خصوصاً. وجاء في حيثيات الأحكام أن شبكة التجسس تنشط منذ عشرين سنة في شيراز واصفهان لجمع "معلومات عسكرية حساسة، خصوصاً حول نظام الرادار الجوي في المنطقتين والصناعة العسكرية ومصنع مبارك للصلب في اصفهان". وسارعت وزارة الخارجية الايرانية الى اعتبار ان "الضوضاء الاعلامية الصهيونية" لم تفلح في منع السلطة القضائية من متابعة ملف شبكة التجسس "باستقلال كامل وفق المصلحة القومية" لايران. وشدد الناطق باسم الوزارة على أن الأحكام "أدت الى فضح سياسات التدخل الصهيوني". واعتبرت أوساط ايرانية ان "كشف شبكة التجسس وادانة اعضائها، شكلا ضربة لجهاز الموساد" الاسرائيلي. وتلقى الدفاع عن المتهمين الأحكام بارتياح لعدم صدور أحكام بالاعدام أو السجن المؤبد وتبرئة ثلاثة من اليهود ال13 ومتهمين مسلمين، لكنه سجل رفضه بسبب أحكام بالسجن تصل الى 13 سنة، وصفها بأنها قاسية. وبقي ملف القضية مفتوحاً في شأن أربعة متهمين لم يحاكموا يبدو أنهم فارون خارج ايران. اسرائيل والمؤتمر اليهودي وطغى على ردود الفعل الخارجية تنديد باراك بالأحكام واصفاً إياها بأنها "قاسية بحق أبرياء لم يرتكبوا اي جريمة". وجاء في بيان اصدره مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي ان الاخير "عمل مع عدد من القادة ليمارس عبرهم ضغوطاً على السلطات الايرانية" منذ بدء محاكمة اليهود الايرانيين ال13. وحضّ "الأسرة الدولية" على "مواصلة ضغوطها على السلطات الايرانية لإطلاق السجناء الابرياء". وكانت الخارجية الاسرائيلية سارعت بعد صدور الأحكام صباحاً، الى التشديد على "الصدمة العميقة" حيال العقوبات التي اعتبرتها "قاسية". واكدت الوزارة ان ايران "لا يمكن ان تنضم الى المجتمع الدولي ما دام السجناء اليهود معتقلين على رغم عدم ارتكابهم اي خطأ، ولن تهدأ اسرائيل الا بعد اطلاقهم". ونقلت وكالة "رويترز" عن المدير التنفيذي للمؤتمر اليهودي العالمي ايلان شتينبرغ قبل ساعات من صدور الاحكام بحق اليهود الايرانيين ال13 ان المؤتمر "يخطط لسلسلة تحركات تتضمن احتجاجات واجراءات تشريعية، اذا جاءت العقوبات صارمة. واذا كانت نتيجة المحاكمة ايجابية سنعمل مع ادارة الرئيس بيل كلينتون لتشجيع تقارب اوسع" مع طهران. الى ذلك أ ف ب اعرب رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا والمؤتمر اليهودي الاوروبي، المحامي هنري هاغدنبيرغ عن شعور ممزوج ب"الارتياح والظلم" حيال الاحكام، لتبرئة ثلاثة من اليهود وادانة عشرة. وقال: "بعد دعوى سياسية ملفقة وأساليب كانت تستعمل في القرون الوسطى، كنا نخشى الاسوأ، وحتى صدور أحكام بالموت، الاحكام صدرت بحق اليهود الابرياء لأنهم يهود وفي ظل أحقر اعداء للسامية، وهؤلاء استعملوا كبش محرقة في الصراع على السلطة في ايران". واعلن المدير التنفيذي للجمعية اليهودية الاميركية ديفيد هاريس ان الاحكام بحق اليهود الايرانيين ال13 "لم تفاجئ احداً لأن المحاكمات كانت صورية"، لكنه رحّب بتبرئة ثلاثة منهم، داعياً المجتمع الدولي الى "الاستمرار في التعبير عن غضبه". وتعهد مواصلة العمل لإطلاق اليهود الذين دينوا في قضية التجسس و"تأمين سلامة الجالية اليهودية" في ايران. ووصف المندوب الاميركي لدى الاممالمتحدة ريتشارد هولبروك الاحكام التي اصدرها القضاء الايراني بأنها "سخيفة"، داعياً الى اطلاق اليهود المدانين فوراً كونهم "ابرياء وليسوا جواسيس". وزاد هولبروك في تصريحات الى وكالة "رويترز" في كران مونتانا سويسرا حيث يحضر منتدى الاعمال السنوي، ان محاكمة اليهود ال13 "ظالمة اذ أُجريت بسرية". وأشار الى تبرئة ثلاثة معتبراً ان "إدانة العشرة مأساة لهم ولجميع من يرغبون في ان تصبح ايران مجتمعاً اكثر انفتاحاً، علاقاته افضل مع العالم".