تسرعت الحكومة السودانية في اتخاذ خطوات عملية لاجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تشرين الأول اكتوبر المقبل، مستبقة بذلك ما سيسفر عنه الملتقى التحضيري للمصالحة الذي دعت إلى عقده الشهر المقبل في الخرطوم، واللقاء التمهيدي الذي دعت إليه القاهرة لجمع الفرقاء السودانيين. وبدا ان الحكومة تراجعت عن وعود أطلقتها سابقاً في شأن إرجاء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية إذا حققت اتصالاتها مع معارضيها تقدماً نحو إقرار تسوية سياسية في البلاد. وكانت القوى السياسية المؤثرة أكدت أنها لن تشارك في أي انتخابات قبل التوصل إلى اتفاق على فترة انتقالية تجرى عقبها انتخابات حرة ونزيهة ومراقبة دولياً. وعقدت الهيئة القيادية لحزب المؤتمر الوطني الحاكم اجتماعين في اليومين الماضيين خصصا لوضع الترتيبات اللازمة لخوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تشرين الأول اكتوبر المقبل. وأكد الأمين العام للحزب الحاكم الدكتور إبراهيم أحمد عمر في تصريحات للصحافيين أمس ان الهيئة القيادية رفضت أي اتجاه لتأجيل الانتخابات عن موعدها. إلى ذلك، استعدت الحكومة السودانية الدفاع عن نفسها والرد على الاتهامات الموجهة إليها في شأن انتهاكات حقوق الإنسان في اجتماعات اللجنة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في دورتها الرقم 52 التي تبدأ غداً الاثنين في جنيف. وتواجه الخرطوم اتهامات باستخدام عائدات النفط لاغراض عسكرية. ويتوقع ان تثار الاجراءات التي اتخذتها في شأن المنظمات الطوعية التي تعمل في مجال الغوث الإنساني في جنوب السودان، بعدما جددت منظمات غربية دعوتها السابقة لايجاد ممرات آمنة، ومناطق محظورة على الطيران. ويحمل وفد السودان إلى اجتماعات جنيف، الذي يرأسه مسؤول المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يسار محمد أحمد، ملفاً يحوي تطورات أوضاع حقوق الإنسان في البلاد في الفترة من العام 1998 إلى العام 2000، إضافة إلى حماية الأقليات وأوضاع اللاجئين والحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية. وسيركز تقرير السودان خصوصاً على الاتهامات المتكررة تجاه الحكومة باستخدامها عائدات النفط لاغراض عسكرية، ويعكس جهود الدولة لتحقيق الوفاق والسلام، ويتعرض لخروقات "الجيش الشعبي لتحرير السودان" الذي يقوده جون قرنق، لوقف اطلاق النار في بحر الغزال والوضع المأسوي الذي خلفته في المنطقة. المفاوضات مع قرنق على صعيد آخر، تعكف الحكومة السودانية حالياً على تقويم تعاملها مع "الجيش الشعبي" في هذه المرحلة، ولم تقرر بعد ارسال وفد إلى نيروبي للتفاوض مع سكرتارية الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا ايغاد في شأن الجولة المقبلة للمفاوضات مع قرنق. ولم تلق الخرطوم رداً رسمياً من سكرتاريا "ايغاد" في شأن انعقاد الجلسة الخاصة لتهيئة مناخ التفاوض التي كان مقرراً عقدها يوم غد الاثنين. ولم يبد مستشار الرئيس السوداني لشؤون السلام أحمد إبراهيم الطاهر تفاؤلاً بنجاح أي جولة مقبلة للمفاوضات مع "الحركة الشعبية". وقال: "لا معنى لعقد جولة مفاوضات جديدة إذا لم تتوافر الضمانات الكافية التي تؤكد التزام المتمردين بالاتفاقات التي يوقعون عليها". ونفى وجود أي نية لدى الحكومة لتعليق المفاوضات مع قرنق. ووصف "خرق وقف اطلاق النار"، بأنه "غير مشجع على الاستمرار في التفاوض معه"، واتهمه ب"عدم الجدية في مساعي إحلال السلام في جنوب البلاد". وقال إن قرنق "يسعى لكسب الوقت للقيام بعمليات عسكرية تعزز موقفه التفاوضي وفرض سياسة الأمر الواقع في الجنوب".