المشاهير الذين أصيبوا بمرض الزهايمر، مثل الممثلة الراحلة ريتا هيوارث التي كانت من فاتنات الشاشة البيضاء والرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان والملاكم الأسطوري شوغر راي روبنسون، ليسوا وحدهم، بل ثمة 12 مليوناً آخرين يعانون هذا المرض. واكتشفت الزهايمر للمرة الأولى عام 1906 على يد الطبيب الألماني الوس الزهايمر الذي تأثر لموت إحدى مريضاته في سن مبكرة نسبياً 55 سنة، بعد معاناتها خرفاً مبكراً ترافق مع اضطرابات في عمل العضلات الأساسية في الجسم، ما جعلها غير قادرة على القيام بأبسط الأعمال، وحتى الأكل والشرب. ولفترة طويلة اعتبر، الزهايمر مستعصياً وغير قابل للشفاء، لكن رأياً مغايراً برز في واشنطن ابان انعقاد "المؤتمر الدولي حول الزهايمر" في مطلع تموز يوليو الماضي. ورأى البروفسور دينيس سيلكو، من جامعة هارفرد، أن الوقت لن يطول قبل اكتشاف دواء أو أكثر للسيطرة على المرض والحد من أعراضه أو حتى تمكين المريض من الشفاء منه كلياً. فما هو الجديد الذي طرح في هذا المؤتمر؟؟ يمثل الزهايمر أحد أصناف الخرف DEMENTIA إذ يعاني المريض اضطراباً في الذاكرة، وخصوصاً تلك التي تسجل الأحداث اليومية، والقوى المعرفية congnitive والإدراكية كالقدرة على تمييز الوجوه والتعرف الى الأشياء والأدوات وكيفية استخدامها، وكذلك تمييز الأماكن والتعرف الى الوقت وما إلى ذلك. وعلى سبيل المثال، فإن نسيان المفاتيح لا يعتبر من أعراض الزهايمر، لكن إذا وقفت أمام باب بيتك الذي سكنته طوال العمر وأخرجت مفاتيحك التي تستعملها يومياً ولم تعرف استعمال المفاتيح لفتح القفل، فتلك ربما كانت علامة مبكرة على الإصابة بمرض الزهايمر. يلعب التأهيل الجيني دوره في المرض، إضافة الى دور العناصر البيئية مثل الإكثار من تناول المأكولات الفائقة الدسامة والبدانة الزائدة وعدم القيام بأي نوع من الرياضة وما الى ذلك. وعزا بعض العلماء المرض الى تراكم مواد معينة، تسمى بيتا امايلويدز Beta- Amyloids وهي عبارة عن مواد بروتينية دهنية تتراكم في الخلايا العصبية وتؤدي الى اضطراب وظائفها، تماماً كما يؤدي تراكم الدهون الى إحداث تصلب الشرايين. وفي المقابل، يركز آخرون على دور مجموعة من الجينات، وخصوصاً APOE- 4، في تكوين مواد تسمى تاو TAU تصنع أليافاً ضارة داخل الخلايا العصبية ما يؤدي الى ضمورها. والجديد في علاج الزهايمر، إعلان المؤتمر عن قرب التوصل الى تصنيع أدوية تعمل ضد الأميلويدات وتمكن الدماغ من تفتيت تراكماتها، وذلك بفضل أبحاث شركة "ماير - سكويب" البريطانية. وكذلك تم إنتاج طعم لقاح ضد الأميلويدات، وذلك بفضل أبحاث تقودها شركة "ايلان" الاسكتلندية. وأعطي الطعم الى مجموعة من المرضى في انكلترا، كما طرحت شركة "جانسن" عقاراً يساعد على التخفيف من أعراض المرض ويحسن من الذاكرة والقدرات اللغوية. ومن العوامل التي تفاقم الزهايمر، الاعتياد على استهلاك المأكولات التي تحتوي على كميات كبيرة من الدهون والشحوم الحيوانية، كما أن للرياضة دورها في تأخير الإصابة بالمرض. ويعتقد أن الإكثار من الفواكه التي تحتوي على فيتامين سي، مثل البرتقال، يلعب دوراً إيجابياً في الوقاية. ويذهب بعض العلماء الى أن الذاكرة في الإنسان هي نشاط مركب قابل للتعزيز والتدعيم، وأن الدماغ يقوى كلما تم حضه على المزيد من النشاط والحيوية في مختلف مراحل العمر، بما في ذلك مراحل الشيخوخة المبكرة. وكما تتم العناية بالجسم عبر الرياضة، فإن الدماغ قابل للتنشيط بواسطة القيام بالأعمال الذهنية التي تشحذ القدرات المعرفية والإدراكية لدى الإنسان. وهكذا فإن الدأب على المطالعة والقراءة والعمل على حل المسائل الرياضية والانشغال بمراجعة الجداول الحسابية أو تعلم اللغات الجديدة، كل ذلك من شأنه الحفاظ على قوى الدماغ وأعصابه، ويسهم بفاعلية في الوقاية من الزهايمر.