لم يستطع الضابط الغاني الذي قاد مجموعة من كتيبة بلاده التابعة لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوبلبنان، ان يخفي سعادته واعتزازه بقيادة اول مجموعة تباشر تطبيق القرار الدولي الرقم 425 الذي حال احتلال اسرائيل لشريط حدودي بعمق 15 كيلومتراً دون تنفيذه 22 عاماً. ولم يتوان الضابط النقيب الذي جلس في سيارة عسكرية مسترخياً وناهشاً تفاحة رماها له مدنيون اسرائيليون مروا لتوهم، عن وصف مرابطة جنوده على الحدود اللبنانية - الاسرائيلية ب"الانجاز العظيم"، معتبراً هذه اللحظات "تاريخية". وقال ل"الحياة" خلال جولة لها "نحن سعداء جداً بأن نكون جزءاً من تاريخ هذه المنطقة. ونتمنى ان يكون اللبنانيون والاسرائيليون سعداء ايضاً بما يحصل خصوصاً ان اللبنانيين الصحافيين يقفون هنا في سلام والاسرائيليون كذلك". والجنود الغانيون كانوا انطلقوا صباحاً من موقعهم في بلدة كفردونين مجموعتين رابطتا على طرفي الحدود. سلكت الاولى طريقاً لبنانية في حين سلكت الثانية طريقاً اسرائلية عبر رأس الناقورة الى مستعمرة المنارة. الحدود الفعلية التي زنرها الاسرائيليون بشريط شائك، تكاد تكون مزالة في تلك المنطقة التي استعاد لبنان جزءاً كبيراً منها قبل مدة وجيزة. فمن طريق تراب شديدة الوعورة في خراج بلدة ميس الجبل، كان يستخدمها الاسرائيليون لتعبر دباباتهم الى لبنان، بحسب عناصر من "حزب الله"، استحدثوا موقعاً لهم على جانبها غداة التحرير، سلكت ثلاث ناقلات جند دولية مخترقة الشريط الشائك الذي رفع عليه علم لبناني بعدما تجاوزته الحدود. وعلى مسافة نحو كيلومتر من المنارة رابط الجنود الدوليون ليتابع من جاء من الجانب اللبناني سيراً وسط حقل ألغام الى داخل المستعمرة حيث رابط رفاقهم الآتون من طريق اسرائيل. لا شريط شائكاً يحول دون الدخول. طريقان: تراب لناحية لبنان، ومعبدة لناحية اسرائيل تضح بالسيارات المدنية والعسكرية، والحدود أعمدة كهرباء وخط اصفر على جانب الطريق وحجارة علِّمت بالأزرق وزعت على مسافات متفاوتة. وكان اذا حاول صحافي الاقتراب من الطريق ليمشي عليها بدلاً ان يمشي على التراب، انتبه جنود وقطعوا حديثاً مع جنود دوليين وجاءوا يمشون في محاذاته مانعينه من وطء الزفت. وفي المكان الذي توقفت فيه الآليات الدولية، أركن الاسرائيليون سيارات عسكرية، في حين لم يمنع جنودهم اطفالاً تحلقوا حولهم وراحوا يلتقطون صوراً مع الجنود الدوليين. وأوضح الضابط الدولي انهم يرابطون هنا ليحولوا دون تقدم الاسرائيلين نحو الاراضي اللبنانية واللبنانيين من الاراضي الاسرائيلية، مشيراً الى ان أمر المرابطة اتخذ ليلاً ونفذ صباحاً. وهل تقدم الاسرائيليون؟ قال "اتمنى الا يحصل ذلك". وأكد ان مجوعته ستبقى في مكانها وسيتناوب الجنود الى حين بناء قاعدة فيه. واذ نفى علمه بمصدر الأمر، قال الملازم أول نوتون الذي قاد وحدة ارلندية رابطت الى ما بعد الظهر في خراج بلدة يارون ان "قائد القوة الدولية أبلغ قائدة الوحدة الارلندية بأمر المرابطة في هذه النقطة بناء على طلب مبعوث الامين العام للامم المتحدة تيري رود لارسن". اما الناس في المنطقة فبعضهم يرحب بانتشار الطوارئ في حين يخشى بعضهم ان تكون غير قادرة على ردع اسرائيل. ويسأل ابو حسين من بلدة عيترون: "لماذا لم يفكروا في الانتشار من قبل حين كان ذلك ملحاً أكثر؟". ويتمنى ان "يكون انتشار القوات الدولية رادعاً لاسرائيل لمنعها من التعديات خصوصاً اننا عانينا في الماضي كثيراً". وقال ابو جوزف في بلدة يارون "نرحب بانتشارهم لكننا نتمنى ان ينتشر الجيش اللبناني أكثر مما نتمنى انتشار القوات الدولية".