تكشّفت أمس قصة الشاب السعودي محمد حسين العيسى (26 عاما) الذي أوقفته الأجهزة الأمنية اللبنانية قرب الشريط الشائك عند بوابة فاطمة في بلدة كفركلا على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، بعدما ألقى حقيبة في اتجاه جنود إسرائيليين كانوا في محاذاته، فتسبب باستنفار إسرائيلي ولبناني استمر طوال الليل والى ما قبل ظهر أمس، وكاد يتسبب بخرق أمني ما استدعى تنفيذ القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) انتشاراً واسعاً في المنطقة. وجاءت الحادثة التي أحبطتها دورية لقوى الأمن الداخلي حين اشتبهت بإجراء جنود دورية إسرائيلية محادثة مع شخص ما قرب الشريط الشائك، في وقت يزداد تفكيك شبكات عملاء إسرائيل من جانب الأجهزة الأمنية اللبنانية، فذهبت الظنون مباشرة إلى احتمال أن يكون الشخص عميلاً يحاول الاتصال أو الفرار الى إسرائيل. وفي المقابل نفى السفير السعودي لدى لبنان علي عسيري أن يكون لمواطنه الموقوف أي صلة بالتجسس أو العمالة لمصلحة إسرائيل. وقال في اتصال هاتفي مع «الحياة»: «تلك الادعاءات روّجت لها وسائل إعلام إسرائيلية. ولدينا معلومات مؤكدة أن الموقوف السعودي، وهو طالب يقيم في الأردن، يعاني اضطراباً نفسياً، نتيجة مشكلات أسرية، وتوجه للحدود اللبنانية الإسرائيلية بهدف استفزاز الإسرائيليين». وعمّا إذا كانت السلطات اللبنانية أكدت له ذلك قال: «أي اتهام للمواطن السعودي بالعمالة هو أمر مرفوض تماماً، وأكد مسؤولون لبنانيون ما يعانيه من اضطرابات، كما أكدت رغبته في الانتحار عن طريق التحرش بالجنود الإسرائيليين». وأكد السفير السعودي أن مواطنه سيتم الإفراج عنه قريباً. وقال: «تتابع سفارتنا باهتمام كبير قضية المواطن السعودي الموقوف، ونعمل مع السلطات اللبنانية المعنية على الإفراج عنه وإعادته إلى بلده، وهو ما سيحدث قريباً». واقترب عناصر دورية قوى الأمن من الشريط وتزامن وصولهم مع إلقاء العيسى حقيبة في اتجاه جنود إسرائيليين اتخذوا مواقع قتالية، فنادوه بالعودة ولبّى نداءهم فأوقفوه وتبين أنه يحمل جوازاً سعودياً وأوراقاً خاصة، فسلموه الى مخابرات الجيش اللبناني التي اقتادته مباشرة الى مقرها في مبنى وزارة الدفاع في اليرزة للتحقيق معه. في هذه الأثناء نفّذ الجيش و «يونيفيل» انتشاراً واسعاً في المنطقة وكروم الزيتون وقطعوا طريقاً فرعية ملاصقة للشريط الشائك، بهدف إجراء بحث في المنطقة والحيلولة دون تمكن الإسرائيليين من العثور على الحقيبة أو مقتنيات أخرى للموقوف. وذكرت مصادر أمنية لبنانية ل «الحياة» أن «العيسى أفاد في التحقيق الأولي معه أنه مقيم في الأردن وأنه طالب في السنة الرابعة في كلية الطب، وأنه ارتبط بعلاقة غرامية مع فتاة أردنية لكنّها انقلبت عليه فجأة وارتبطت بشاب آخر، ما تسبب له بصدمة نفسية ويئس من الحياة، وبما أنه يعارض الانتحار لأنه محرم شرعاً، أراد أن يموت شهيداً فجاء إلى لبنان وقصد المنطقة الحدودية حيث اقترب من الشريط الشائك في بلدة كفركلا عند بوابة فاطمة وكان هناك جنود إسرائيليون خلف الشريط فكلمهم ولم يفهموا عليه ولم يفهم عليهم فألقى باتجاههم حقيبته». وأضافت المصادر: «اتخذ الجيش اللبناني وقوات يونيفيل إجراءات أمنية في المنطقة وتمكنوا صباحاً من العثور على الحقيبة وتبين أن فيها 3 كتب لميكيافيللي ونيتشه وصابونة وفرشاة أسنان ومعجون أسنان وفرشاة شعر، كما عثر في المكان على ساعة يده بينما لم يعثر على هاتفه»، مشيرة إلى أن «الشاب أفاد في التحقيق أنه يتناول أدوية للعلاج النفسي لكن لم يعثر على أدوية في الحقيبة أو الموقع الذي كان فيه». وأوضحت أن «العيسى سيبقى موقوفاً من أجل استكمال التحقيق لجلاء أسباب وجوده على الحدود وحديثه الى الجنود الإسرائيليين وتعددت إفاداته ما أثار لغزاً تعمل الأجهزة على تفكيكه من خلال إخضاعه لكشف طبي ومراقبته والتأكد من صحة أقواله وحالته النفسية».