سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أحد أوائل "الضباط الأحرار" وأول قائد للحرس الجمهوري وأمين عام "الاتحاد الاشتراكي" ، ثم سجين السادات ... يروي وقائع حياته العسكرية والعامة . الملحق العسكري المصري في سورية يشارك في رد المؤامرات عنها ويجمع ممثلي الكتل العسكرية في قيادة مشتركة 4 من 12
تنشر "الحياة" مذكرات عبدالمحسن أبو النور أيام الثلثاء والأربعاء والسبت والأحد من كل أسبوع في سنة 1956 عينت ملحقاً عسكرياً في سورية ولبنان، على أن أستمر كرئيس لأركان قوة الدعم السريع حتى تتضح نتيجة المعركة السياسية الدائرة بين مصر وإنكلترا وفرنسا، والتي ترتب عليها تأميم قناة السويس. وكانت هذه القوة مؤلفة من قوات مدرعة وقوات مشاة محمولة مع وحدات المعاونة من المدفعية وخلافه، وكان واجب هذه القوة دعم قوات الجيش المصري المدافعة عن القناة ومدنها من جهة بورسعيد، أو الساحل الشمالي الغربي حين يتضح اتجاه قوة الهجوم الرئيسي للقوات المعادية المهاجمة. الوظيفة "الخاصة" في سورية وسافرت الى سورية واستلمت عملي كملحق عسكري لمصر في سورية ولبنان. ولم تكن طبيعة عملي الجديد مثل طبيعة عمل أي ملحق عسكري في أي بلد آخر، حيث أن ارتباط الجيشين المصري والسوري برابط هدف واحد، وقيادة واحدة، جعلتني أكثر قرباً من هيئة القيادة السورية، وفرضت علي أن أشترك معها في كثير من قراراتها. كما أن الجيش السوري لم يكن كباقي الجيوش، يقتصر عمله على الدفاع عن وطنه، بل كان يشترك اشتراكاً فعلياً في رسم سياسات الحكومة السورية منذ بدء الانقلابات الكثيرة التي قام بها. وقد عبر لي عن ذلك السيد صبري العسلي، رئيس الحزب الوطني ورئيس الوزراء، بقوله إن الانقلابات في سورية وصلت الى حال لم تكن معها تحتاج الى تحرك قوات من الجيش للاستيلاء على السلطة، بل كان يكفي أن يحضر ضابط ومعه بعض الجنود من الشرطة العسكرية ويطلبوا من الحكومة أن تستقيل، فتستقيل فوراً. وإلى ذلك فالجيش السوري، كانت تسيطر عليه مجموعة من التكتلات، منها كتلة البعثيين وكتلة الشيشكلي القديمة، وهي المجموعة التي كان يعتمد عليها الشيشكلي في أثناء حكمه لسورية، وكتلة الشوام أي الدمشقيين، وكتلة العلويين، وكتلة الشيوعيين، وكتلة المستقلين... ولذلك كان التعامل معهم يحتاج الى دراية وحنكة. وكان أفضل شيء هو أن أبني صداقة وتفاهماً مع هذه الكتل جميعاً. وهو ما حاولته. وما ساعد على توثيق صلتي بهم أنه منذ وصولي الى سورية تتابعت الأحداث الجسام والمصيرية التي كان لها تأثير كبير على ارتباط مصر وسورية بارتباط وثيق. فكنا ملزمين بالعمل معاً في سبيل الوصول الى قرارات مشتركة. وكنت همزة وصل بين اصحاب القرار في مصر وسورية .... ... وفي الوقت الذي كانت تدبر فيه الدول الاستعمارية مؤامرة العدوان الثلاثي على مصر كانت المخابرات الأميركية، بالتعاون مع المخابرات الإنكليزية وحكومة نوري السعيد في العراق تقوم بتدبير مؤامرة ضد نظام الحكم في سورية بهدف إبعادها عن التعاون مع مصر في حربها ضد الاستعمار، وضمها الى حلف بغداد. فأرسلت وكالة المخابرات المركزية الأميركية الى بيروت مندوباً متعاوناً مع السفارة الأميركية بها، ومع سفير العراق في لبنان، عبدالكريم الراوي، والملحق العسكري العراقي في لبنان، العقيد صالح مهدي السامرائي. وكان هذا قبل ذلك يعمل ملحقاً عسكرياً للعراق في سورية. ولكن سورية طردته لكثرة المؤامرات التي كان يدبرها، بالاشتراك مع الملحق العسكري العراقي في الأردن، الزعيم رشاد الحمامي. ورصدت أميركا والعراق مبالغ طائلة لترتيب المؤامرة ضد سورية بالاتفاق مع عملاء من السياسيين السوريين منهم عبدالكريم الدندشي، وميخائيل اليان ولطفي الحفار، ومأمون الكزبري، وعدنان الأتاسي، نجل رئيس الجمهورية السورية الأسبق، وبعض زعماء القبائل السورية القريبة من الحدود العراقية منهم حسن الأطرش، وفضل الله جربوع، وهايل سرور، وبعض الضباط المسرحين من الجيش. وقامت العراق بإرسال آلاف من البنادق والأسلحة الأخرى الى هذه القبائل لكي تقوم بثورة على الحكومة السورية يدعمها فيها الجيش العراقي بحجة المحافظة على أمن العراق. وجرى الاتفاق على أن يقوم الضباط السوريون باغتيال بعض قادة الجيش السوري، منهم عبدالحميد السراج، رئيس الشعبة الثانية بالجيش السوري المخابرات، وعبدالغني قنوت، من قوات المدرعات السورية، وأحمد جنيدي، ومصطفى حمدون، وبعض الضباط القياديين الفاعلين في الجيش. وقامت الشعبة الثانية، برئاسة المقدم عبدالحميد السراج الذي كان يتابع خيوط هذه المؤامرة بالقبض على مهربي السلاح الى جبل الدروز، وذلك إبان العدوان الثلاثي على مصر. كما تم القبض على بعض المشاركين في المؤامرة. أما الشيشكلي فقد هرب الى لبنان بعد أن تسلم من المتآمرين مبلغ 30 ألف دولار. مؤامرات على الحليف العربي... وفي 22 ديسمبر كانون الأول تقرر تقديم المتهمين الى محكمة عسكرية برئاسة العقيد عفيف البزري. وطلب مني المقدم عبدالحميد السراج أن ترسل مصر اثنين من رؤساء النيابة المتخصصين في التحقيق في مثل هذه المؤامرات. وفعلاً أرسلت القيادة في مصر الأستاذين علي نورالدين وعبدالرؤوف علي لمساعدة الادعاء العسكري السوري في التحقيق، وفي إقامة الادعاء. وطلب مني حضور بعض المحامين المصريين لمساعدة بعض المحامين السوريين الذين سيشتركون في الادعاء بصفتهم ممثلين للشعب السوري المستهدف في هذه المؤامرة، وذلك حسب القانون السوري. وفعلاً أرسلت القيادة في مصر الأستاذ فتحي الشرقاوي، وتم إجراء المحاكمة في يناير كانون الثاني 1957، وكان لها دوي كبير في المنطقة. فلم تكن محاكمة المتهمين فيها فقط، بل كانت محاكمة علنية لأميركا وإنكلترا وللنظام الرجعي في العراق. وتناولتها الصحف والإذاعات في جميع أرجاء العالم. ولقد كان لانكشاف هذه المؤامرة على سورية ولصمود مصر، حكومة وشعباً، أمام العدوان الثلاثي، أن زادا ارتباط الشعب السوري بالقوى والأحزاب السياسية الوطنية والمعادية للأحلاف في سورية، ما مكن هذه القوى من تشكيل حكومة ائتلافية في سورية برئاسة صبري العسلي في تاريخ 31 ديسمبر 1956، واشترك فيها حزب البعث، وأعلنت سورية، شعباً وحكومة وجيشاً، ضرورة الوحدة مع مصر. بدأت أميركا محاولاتها الدؤوبة للقضاء على نظم الحكم الوطنية العربية التي لم تخضع لسيطرتها. فنشطت السفارة الأميركية في دمشق، وكذلك الملحق العسكري الأميركي بها للاتصال ببعض السياسيين وبعض الضباط السوريين. وجندت لذلك أيضاً الشيشكلي الذي كان لاجئاً في الخارج ليتصل بأعوانه القدامى في الجيش السوري، والعقيد ابراهيم الحسيني، الملحق العسكري السوري في روما. وفي ساعة متأخرة من الليل في أوائل أغسطس آب سنة 1957، أخطرني المقدم عبدالحميد السراج أنه يضع السفارة الأميركية تحت رقابته التامة. وعلم من بعض المتصلين به أن الشيشكلي قادم الليلة للاجتماع ببعض معاونيه للاتفاق على اللمسات الأخيرة للمؤامرة. ولذلك رتب السراج كميناً للقبض على الشيشكلي وعلى أعوانه. لكنه عاد في الليلة نفسها، قرب الفجر، وأخطرني أن الشيشكلي شعر بالكمين المدبر له، ففر عائداً الى لبنان بجواز سفر مزور. وقام عبدالحميد السراج بالقبض على المشتركين في هذه المؤامرة، ثم عرض الأمر على وزير الدفاع الذي طلب طرد أعضاء السفارة الأميركية المشتركين في هذه المؤامرة. وتم له ذلك. وردت أميركا بطرد السفير السوري في واشنطن. وتأزم الموقف بين البلدين، أكثر مما كان. وطلب عبدالحميد السراج من اللواء توفيق نظام الدين، قائد الجيش، طرد بعض الضباط السوريين المشتركين في هذه المؤامرة، لكنه رفض بحجة أن الأدلة ليست كافية. وتأزم الموقف بين قائد الجيش والمقدم عبدالحميد السراج. واتفق اللواء توفيق نظام الدين مع العقيد أمين النافوري، رئيس الشعبة الأولى، وكان من المقربين الى الشيشكلي والمؤيد له أثناء الانقلاب الذي قاده الشيشكلي سابقاً في سورية، على أن يتم نقل عبدالحميد السراج من الشعبة الثانية، ويعين ملحقاً عسكرياً بالخارج. وكان عبدالحميد السراج قد ضاق ذرعاً بالهجوم المتكرر عليه، والتقليل من قدر ما يقوم به للحفاظ على أمن سورية، فوافق على النقل. وعندما علمت بذلك اتصلت بالمقدم جمال حماد وذهبنا الى السراج، واجتمعنا به طويلاً، وطلبنا منه أن يطيل فترة تسليمه للشعبة الثانية حتى يعطيني الفرصة للتصرف في هذا الوضع. اجتمعت مع كتلة الضباط البعثيين وبعض ضباط كتلة الوطنيين المستقلين، كما اجتمع جمال حماد مع كتلة أمين النافوري لمحاولة رأب هذا الصدع، وإلغاء نقل عبدالحميد السراج. وعند مقابلتي للمقدم مصطفى حمدون، ممثل كتلة البعثيين، ومعه المقدم عبدالغني قنوت، قائد لواء مدرع، لمحاولة إنهاء هذا الوضع، قال إن عدم أخذ المشتركين في هذه المؤامرة بالشدة، ونقل عبدالحميد السراج، إنما هو محاولة لتغيير اتجاه السياسة السورية الوطنية. ومعنى ذلك أن كتلة البعث أصبحت مهددة. ولذلك استنفروا القوات التي يسيطرون عليها، ومنها لواء مدرع شمال دمشق. وعندما علم أمين النافوري بذلك استنفر مع مؤيديه اللواء المدرع الذي يسيطرون عليه، جنوبدمشق. وإزاء هذا الوضع الخطير قمت مع جمال حماد ببذل مجهود كبير لمنع تصادم القوات السورية، بعضها مع بعض فقمنا بالاتصال ببعض القيادات الوطنية المستقلة للاتفاق على حل يرضي جميع الأطراف، وينهي هذا الموقف الخطير الذي يهدد سورية. واتصلنا بالسفير محمود رياض وأخطرناه بالوضع، واتفقنا على أن يقوم من جانبه بالاتصال بوزير الدفاع، خالد العظم، وبالرئيس شكري القوتلي، وبرئيس الوزراء، صبري العسلي، وإقناعهم بضرورة إلغاء نقل عبدالحميد السراج. وعلى رغم أنه كان في نفسهم شيء تجاهه، سببه تفجير محطات البترول في سورية، إبان الهجوم السياسي على مصر، أمكننا إقناع الجميع بإلغاء نقل عبدالحميد السراج. ورفض خالد العظم، وزير الدفاع، التوقيع على أمر النقل. ولكن اللواء توفيق نظام الدين، رئيس الأركان، لم يعجبه هذا التصرف. فقدم استقالته، فقبلها وزير الدفاع والرئيس القوتلي. وتقرر تعيين العميد عفيف البزري مكانه رئيساً لأركان الجيش، لعلاقته الطيبة بالجميع وترقيته الى رتبة اللواء. وكانت جميع الكتل قد وافقت على ذلك. كما تم الاتفاق على تعديل الوضع في القيادة العامة السورية ليتم تشكيلها من جميع الكتل. وتشكلت كالآتي: اللواء عفيف البزري، رئيساً للأركان، العميد أمين النافوري، كتلة الشيشكلي السابقة، معاوناً لرئيس الأركان، المقدم مصطفى حمدون، كتلة البعثيين رئيساً للشعبة الأولى شعبة الأفراد" المقدم عبدالحميد السراج، رئيساً للشعبة الثانية للمخابرات، المقدم أكرم ديري، كتلة الشوام، رئيساً للشعبة الثالثة العمليات، المقدم أحمد عبدالكريم، كتلة الشيشكلي السابقة، معاوناً لرئيس الشعبة الثالثة. وجراء ذلك بدأ الوضع في الاستقرار. الوحدة... المفروضة بعد أن تم كشف المؤامرة العسكرية ضد سورية، ورفض سورية لمبدأ ايزنهاور، بعد أن طرد أعضاء السفارة الأميركية من دمشق، عقدت سورية صفقة سلاح مع الاتحاد السوفياتي، لتمكين الجيش السوري من مقاومة المؤامرات التي تستهدف سورية. وبعد تعيين عفيف البزري رئيساً للأركان، وكانت أميركا تتهمه بالشيوعية، زادت ضراوة الهجوم الأميركي على سورية، إعلامياً بواسطة الصحف الموالية لها في بيروت، والإذاعات الغربية الموالية لأميركا في الوطن العربي. .... وفي سبتمبر أيلول 1957 وباتفاق مع أميركا، بدأت تركياوالعراقوالأردن في حشد قواتها على حدود سورية، وبدأت الصحف التركية تدعو علناً لتدخل تركيا ضد سورية لحماية أمن تركيا من الشيوعيين، واتخذ الأسطول السادس من بيروت قاعدة له. وأرسلت العراق بعض قواتها الى الأردن، للمشاركة في الهجوم على سورية بحجة الدفاع عن الأردن ضد أي اعتداء من سورية. إزاء التهديد العلني والمباشر لسورية من كل هذه الدول، أعلن عبدالناصر أن أي هجوم على سورية يعتبر هجوماً على مصر، وأن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي تهديد لسورية. وأعلنت سورية التعبئة العامة، وتطوع الشباب السوري للدفاع عن وطنه. وتم فتح المعسكرات لتدريب الشباب السوري على السلاح. وفي هذا الوقت قامت قيادة الجيش في سورية باجتماعات متتالية لوضع خطط الدفاع عن حدودها المهددة من جميع الاتجاهات. وحضرت هذه الاجتماعات، بصفتي رئيساً لفرع القيادة المشتركة المصرية السورية في دمشق، بعد نقل المقدم جمال حماد. وإزاء اتساع هذه الجبهات وتعددها، توضح لنا أن سورية تحتاج الى دعم لقواتها. فسافرت الى القاهرة وقابلت المشير عبدالحكيم عامر والرئيس عبدالناصر، عارضاً الخطة الدفاعية عن سورية، وما تطلبه سورية لتكملة خطة دفاعها على هذه الجبهات الواسعة. ووافق الرئيس عبدالناصر على إمداد سورية بكل ما تطلبه من قوات وأسلحة. وطلب الرئيس عبدالناصر والمشير عامر مقابلة اللواء عفيف البزري والمقدم عبدالحميد السراج. وقابلهما يوم 9 سبتمبر، واتفقوا على الخطة السياسية والعسكرية التي تقابل بها مصر وسورية هذا العدوان. كما طلب منهما عبدالناصر ضرورة العمل على توحيد صفوف كل الكتل في الجيش. وتم في هذه الاجتماعات الاتفاق على تدعيم القوات السورية بالآتي: طيارين لقيادة بعض الطائرات "الميغ" الموجودة في سورية ولم يتم تدريب أطقمها بعد" المدفعية المضادة للطائرات بأطقمها للمساعدة في الدفاع عن المواقع الاستراتيجية" أطقم مدرعات لقيادة دبابات كان قد تم استلامها من الاتحاد السوفياتي، ولم يكن تم تدريب أطقمها بعد" مدافع ساحلية بأطقمها للدفاع عن الموانئ السورية في اللاذقية وطرطوس ... عدنا الى سورية، اللواء عفيف البزري والمقدم عبدالحميد السراج وأنا، وعرضنا ما تم الاتفاق عليه مع مصر على الحكومة والقيادة السوريتين، فلاقت ترحيباً تاماً وبدأنا تنفيذ الخطة المتفق عليها، والاستعداد لاستقبال القوات المصرية التي تقرر إرسالها الى سورية، وترتيب الحماية الجوية للقوات والأسلحة التي ستنقل بالسفن الى ميناء اللاذقية. ووصل الطيارون المصريون الى سورية في اليوم التالي، وشاركوا في الأسراب السورية فعلاً. ... بان أن الوحدة مع مصر هي درع وأمان من جميع الأعداء، وأن الرباط الذي يربط الشعوب العربية من المحيط الى الخليج أقوى من الحكومات المتآمرة، وهو الذي أجبر هذه الحكومات على سحب قواتها من الحدود السورية، خوفاً من غضب شعوبها. أما الاستعمار وحلفاؤه في المنطقة فثبت لهم أنهم لا يمكنهم أن ينفردوا بتهديد أي دولة عربية بالقوة من دون أن يحسبوا حساب رد الفعل الشعبي من المحيط الى الخليج. وكانت هذه مناسبة طيبة لكي نعمل على توحيد صفوف ضباط الجيش السوري. فاتفقت مع اللواء عفيف البزري على الاتصال بالكتل المختلفة من ضباط الجيش السوري. ونجحت المحاولة واستقر الرأي على تشكيل مجلس قيادة من ممثلين لجميع الكتل ذات الثقل في الجيش السوري، وفعلاً تم تشكيل مجلس القيادة من 24 ضابطاً .... ... وفي 18 نوفمبر تشرين الثاني 1957 كان قد حضر الى سورية وفد من البرلمان المصري برئاسة أنور السادات، رئيس مجلس الأمة، بدعوة من مجلس الشعب السوري للإعراب عن وقوف الشعب المصري مع شقيقه الشعب السوري ضد التهديدات التي يتعرض لها. وعقد مجلس الشعب السوري اجتماعاً، وتولى أكرم الحوراني وأنور السادات رئاسة الجلسة بحضور الوزارة السورية برئاسة صبري العسلي، وحضور قيادات الجيش السوري وحضوري معهم. وتناوب النواب السوريون، من جميع الأحزاب السورية، على المطالبة بالوحدة مع مصر، وانتهى الاجتماع بقرار إجماعي من مجلس الشعب السوري يدعو الحكومتين السورية والمصرية لإقامة اتحاد فيديرالي بين مصر وسورية. وأعلن صبري العسلي، رئيس الحكومة، موافقة الحكومة على ذلك. وكان من الموافقين على هذا القرار حزب البعث وحزب الشعب، برئاسة رشدي الكيخيا، والحزب الشيوعي برئاسة خالد بكداش. وقام الوفد المصري بزيارة عدد من المدن السورية، وكان يقابل بتظاهرات صاخبة تطالب بالوحدة الفورية مع مصر، وفي نهاية ديسمبر 1957 قام وفد من مجلس الشعب السوري برئاسة إحسان الجابري بزيارة مصر. واجتمع مجلس الأمة المصري، برئاسة عبداللطيف البغدادي، بحضور الوفد السوري. وكانت جلسة تاريخية ظهر فيها الشعور الجياش بالوحدة بين القطرين، وأصدر مجلس الأمة المصري، وباشتراك الوفد السوري، توصية الى الرئيس عبدالناصر بالاستجابة لرغبة مجلس الشعب السوري بتحقيق الوحدة بين القطرين. وقام عبدالناصر في ديسمبر 1957 بإرسال اللواء حافظ اسماعيل الى سورية حاملاً معه مقترحات لعرضها على مجلس القيادة السورية تتلخص في أن الدول الاستعمارية و حلفاؤها في المنطقة يقاومون الوحدة العربية، عموماً والوحدة المصرية السورية خصوصاً بضراوة، وبكل الأساليب المشروعة وغير المشروعة. ولكنهم لم ينجحوا في الوصول الى هدفهم لأن الوحدة لم تصبح وضعاً مجسداً بعد. ولكي تصل مصر وسورية الى وحدة راسخة البنيان تصمد أمام جميع التحديات، فإنه يلزم لذلك الاتفاق على خطة مدروسة تنفذ على مدى خمس سنوات .... استدعاني الرئيس عبدالناصر وأخذ يناقش معي الموقف في سورية من جميع جوانبه السياسية والعسكرية. ووعد بتكوين رأي حاسم في موضوع الوحدة قريباً، وإخطار مجلس القيادة في سورية بذلك، وبعد عودتي، اجتمعت مع أعضاء القيادة السورية وأخطرتهم أن الرئيس عبدالناصر يدرس موضوع الوحدة جدياً. ولكن المجلس كان مصراً على أن تتم هذه الوحدة في أسرع وقت. ولذلك قرر بحضوري إيفاد اللواء عفيف البزري والمقدم عبدالحميد السراج لمقابلة الرئيس عبدالناصر ومناقشة الموضوع معه ووضع مصر وسورية بين يديه، وفعلاً أرسلت بذلك للقاهرة، ووافق الرئيس عبدالناصر على مقابلتهما. وبعد عودتهما أخطرا مجلس القيادة السورية، وبحضوري، بما تم بينهما وبين الرئيس عبدالناصر. ودارت بينهم مناقشات طويلة طلبني خلالها الرئيس عبدالناصر لإطلاعه على نتيجة مناقشة مجلس القيادة السوري، وأخذ رأيي في هذا الموضوع. فأبديت ضرورة الموافقة على الوحدة بين مصر وسورية على أن تكون وحدة فيديرالية بسبب اختلاف الأنظمة والقوانين، وبسبب الخلافات الشخصية بين القيادات السياسية والعسكرية في سورية. ...