قرأت ما كتبه الكاتب السوري عماد نداف في "الحياة" 21 ايار مايو 2000 عن "خصوصية البعث السوري" على هامش مؤتمره التاسع الذي يحضر له حالياً وينعقد في حزيران يونيو الجاري. ولاحظت ان الاستاذ نداف قرأ بعض الصفحات من تاريخ حزب "البعث" السوري، وتجاوز عن صفحات اخرى، وقرأ بعض الصفحات من دون ان يضع النظارات على عينيه ما جعل الكمات مغبشة وسأحاول ان استدرك بعض تجاوز، وان اوضح الغبش الذي وقع فيه. ذكر في مقاله: "قاوم البعثيون ديكتاتورية العقيد اديب الشيشكلي، ووافقوا على الوحدة". والمعروف لمن عايش فترة اديب الشيشكلي 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1951-25 شباط/فبراير 1954 ان الراحل اكرم الحوراني، الذي كان في الخمسينات، رئيساً لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي تشكل من اتحاد حزب البعث العربي الذي اسسه ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار، مع حزب العربي الاشتراكي الذي اسسه اكرم الحوراني، استلم وزارة الدفاع في حكومة اديب الشيشكلي وقام بادخال الكثير من البعثيين الى الكلية الحربية، ما شكل نواة ضخمة من الضباط البعثيين، شاركت في بسط سيطرة البعثيين على عدد لا يستهان به من وحدات الجيش السوري، ما جعلهم يشكلون مراكز سيطرة وتهديد للحكومات المتعاقبة. وحين شعر البعثيون ان الارض تهتز تحت اقدام الشيشكلي انضموا للمناوئين له. وساهموا في اسقاطه. واذا كان البعثيون وافقوا على الوحدة بين سورية ومصر، كما اشار الى ذلك الاستاذ نداف، فإنه لم يذكر النصف الآخر من الحقيقة، وهي انهم كانوا من بين اول من وقع على "وثيقة انفصال" سورية عن دولة الوحدة في 28 ايلول سبتمبر عام 1961، اذ وقع زعماء حزب البعث اكرم الحوراني وميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار عليها في الوقت الذي رفض فيه الاستاذ عصام العطار، مراقب عام جماعة الاخوان المسلمين في سورية، التوقيع على وثيقة الانفصال تلك، على رغم الاختلاف الشديد الذي كان بين هذه الجماعة وبين جمال عبدالناصر .... كانت هناك محطات بارزة، في مسيرة حزب البعث، اثرت في تاريخ سورية وتأثرت هي ايضاً، فقد شارك الحزب في الحكم، كما اسلفت، بداية عهد الشيشكلي، ثم ساهم هذا الحزب في اسقاطه، وفي 22 نيسان ابريل 1955 اغتيل العقيد عدنان المالكي، الضابط البعثي البارز، بتدبير من الحزب السوري القومي، تم على اثره ملاحقة عناصر هذا الحزب ووظف البعثيون اغتيال المالكي في رفع اسهمهم في الجيش السوري وفي الحكومة وتشكلت على اثرها حكومة التجمع القومي، التي رأسها صبري العسلي، بدعم من البعثيين والشيوعيين ومن خالد العظم. وتحت ضغط الشيوعيين والبعثيين، استقال اللواء توفيق نظام الدين من قيادة الجيش السوري في 17 آب اغسطس عام 1957، بعد ان رفض تسريح ضباط دمشقيين من الجيش من دون محاكمة وتم تكليف اللواء عفيف البزري بقيادة الجيش، وهكذا احكم الشيوعيون والبعثيون سيطرتهم، ما دعا الرئيس شكري القوتلي، بدعم من الضباط المستقلين، للمسارعة في انجاز الوحدة مع مصر، بعد ان استفحل امر حكومة "التجمع القومي". وتم تعيين اكرم الحوراني نائباً لرئيس الجمهورية في حكومة الوحدة، ثم ما لبث ان استقال الحوراني، بعد ان دبّ الخلاف بين حزب البعث وجمال عبدالناصر .... مكةالمكرمة - الطاهر ابراهيم