"صانع الساسة والسياسة" البليونير اليهودي بوريس بيريزوفسكي استقال من البرلمان احتجاجاً على "هدم روسيا وإقامة حكم فردي" فيها. وأعلن نيته تشكيل جبهة عريضة مناوئة للرئيس فلاديمير بوتين، فيما توقع مراقبون أن تكون مناورة "راسبوتين" المعاصر تهدف إلى استباق ملاحقة قضائية محتملة ضده. وكوّن بيريزوفسكي ثروة طائلة قدرتها مجلة "فوربس" بأكثر من ثلاثة بلايين دولار في فترة قصيرة. وذكر أنه اعتمد اسلوب "شراء" كبار موظفي الدولة لعقد صفقات مشبوهة وتمريرها. وكانت تهمة الاستحواذ غير الشرعي على أموال شركة الطيران "ايروفلوت" وجهت إليه ابان تولي يفغيني بريماكوف رئاسة الحكومة، إلا ان الأخير فقد موقعه ورفعت التهمة عن البليونير، ما أكد أنه يتمتع بنفوذ هائل لدى الرئيس السابق بوريس يلتسن بوصفه "ممولاً للعائلة"، كما ذكرت الصحف الروسية. وحاول بيريزوفسكي الايحاء بأنه لعب دوراً في تنصيب بوتين رئيساً للدولة، إلا أن العلاقات بين الرجلين ساءت بسرعة بعد ان رفض سيد الكرملين الجديد الأخذ ب"نصائح" البليونير الذي استدعي مجدداً إلى النيابة العامة الجمعة الماضي كشاهد. لكن مراقبين لم يستبعدوا ان توجه إليه اتهامات جديدة. وفي صورة مفاجئة دعا بيريزوفسكي أمس إلى مؤتمر صحافي اكتظت خلاله القاعة بكاميرات التلفزيون، ليعلن أنه قرر التنازل عن صلاحياته كنائب عن جمهورية القره تشاي والشركس لأنه "لا يريد المشاركة في هدم روسيا وإقامة نظام السلطة الفردية فيها". وأوضح أنه يعارض بشدة القوانين التي اقترحها بوتين لإعادة هيكلة السلطة، ويعتبرها "مسرحية لا يريد المشاركة فيه". إلى ذلك، أشار إلى أنه يرغب في التنازل عن الحصانة البرلمانية لكي يكون "متكافئاً" مع سائر رجال الأعمال الكبار الذين يتعرضون حالياً للمساءلة عن شرعية أموالهم. ودعا إلى عفو عن كل من سجلت عليه مخالفات قانونية خلال السنوات العشر الأخيرة. وبرر ذلك بأن "كل شخص لم يكن في سبات، لا بد انه انتهك القوانين". ووجه الرجل الذي وصف بأنه "حاكم الظل" لروسيا في عهد يلتسن، انتقادات عنيفة إلى الرئيس الحالي، وقال إنه ارتكب ثلاثة أخطاء استراتيجية، أولها رفضه التفاوض مع الشيشانيين، والثاني خصامه مع "النخب" المالية والاقتصادية، والثالث طرح قوانين لتعزيز هرم السلطة. وأعلن بيريزوفسكي انه ينوي تشكيل معارضة واسعة تضم كبار رجال الأعمال "المضطهدين" والقادة الاقليميين من رؤساء الجمهوريات والمقاطعات الذين اعترضوا على قوانين تسمح لرئيس الدولة اقصاءهم في حال انتهاكم الدستور الفيديرالي. وستستند المعارضة إلى "منبر إعلامي موحد" يضم محطات الاذاعة والتلفزيون والصحف والمجلات التي يملكها بيريزوفسكي بالكامل أو له حصص فيها، ومن بينها القناة التلفزيونية الأولى "او. آر. تي" التي يسيطر على 49 في المئة من أسهمها وللدولة فيها 51 في المئة. وأعلن بيريزوفسكي نيته تشكيل حزب سياسي، قال إن عدداً من رؤساء الجمهوريات والمقاطعات وافقوا على الانضمام إليه. كما أنه سيسعى إلى تشكيل كتلة برلمانية معارضة توقع أن ينتمي إليها أكثر من 80 نائباً.