هدد الصحافيون في السودان باتخاذ خطوات احتجاج حاسمة ما لم ترفع الحكومة الرقابة المباشرة المفروضة على الصحف منذ ايار مايو الماضي والتي استهدفت خصوصاً الزعيم الاسلامي الدكتور حسن الترابي. ووعد وزير الاعلام الدكتور غازي صلاح الدين بالعمل من اجل رفع الرقابة الامنية على الصحف خلال ايام. وأبلغ الصحافيون موقفهم امس الى وزير الاعلام في لقاء ساخن ضمّه مع ممثلين للاتحاد العام للصحافيين ورؤساء تحرير الصحف اليومية ومجلس الصحافة، عقب اجتماع مشترك بين الاتحاد والناشرين والقيادات الصحافية ناقش الخيارات التي يمكن ان ينفذها الصحافيون ما لم ترفع الرقابة الامنية عن صحفهم. وفرضت السلطات الرقابة اثر نشوب الخلاف بين الترابي والرئيس عمر البشير بحجة منع تطور النزاع، لكنها استخدمت لمنع نشر نشاط الترابي ومواقفه. وبرزت آراء خلال الاجتماع تدعو الى الاضراب عن العمل، وتوقف الصحف عن الصدور، او صدور صفحاتها الاولى خالية من الاخبار احتجاجاً على فرض رقابة مباشرة عليها. ورأى الصحافيون ان الرقابة امتدت من منع نشر معلومات عن الخلافات داخل الحزب الحاكم لتشمل قضايا اخرى، مثل مصادرة صحيفة بسبب نشر خبر عن اضراب المعلمين في ولاية نهر النيل في شمال السودان كما حدث لصحيفة "الايام" امس ومجلة "الدستور" الاسبوعية لنشرها حواراً مع عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الدكتور فاروق كدودة. ودعا الصحافيون الى عدم تحميلهم مسؤولية تناقض سياسات الدولة ورأوا في استمرار الرقابة انتقاصاً من حرياتهم ومسؤولياتهم المهنية والوطنية، وتناقضاً مع شعارات الحكومة في الانفتاح السياسي واتجاهها الى حوار غير مشروط مع المعارضين. واشاروا الى ان قرارات مصادرة الاعداد كبّدت المؤسسات الصحافية خسائر مادية اثرت سلباً على وضعها المالي كما ان حظر نشر مواضيع واخبار ينتظرها القراء أثّر سلباً على مبيعاتها. وشكّل الصحافيون لجنة من رؤساء التحرير واتحاد الصحافيين تمهيداً لتأسيس لجنة وطنية للدفاع عن الحريات الصحافية تتعاون في اداء مهمتها مع اللجنة الدائمة للحريات في اتحاد الصحافيين العرب. وباشرت اللجنة عملها أمس وشرعت في اعداد مذكرة ترفع الى الحكومة في شأن العلاقة بين الجانبين. وأقرّ وزير الاعلام بأن الاحداث التي صاحبت الصراع في الحزب الحاكم انعكست سلباً على الحريات الصحافية، ووصف ذلك بأنه أمر طارئ ووعد برفع الرقابة المباشرة على الصحف خلال أيام. واضاف ان السلطة تسعى الى "الضبط الذاتي في الصحافة"، وانتقد ما ينشره بعض الصحف من قضايا "تمسّ الامن القومي والاقتصادي والاجتماعي وتسيء الى الحكومة ورموزها وتطعن في شرعيتها".