أكد الرئيس عمر البشير أن الفرصة لا تزال كبيرة أمام بقاء السودان موحداً عبر الاستفتاء المقبل، بينما قضت محكمة سودانية أمس بسجن ثلاثة صحافيين في جريدة «رأي الشعب» المرتبطة بحزب «المؤتمر الشعبي» المعارض وأمرت بإلغاء ترخيص الصحيفة. ورفض مئات الصحافيين قرار المحكمة واعتبروه انتهاكاً لحرية الصحافة، وقرر بعض الصحف الاحتجاب اليوم احتجاجاً. وقال البشير الذي كان يتحدث أمام حشد نظّمه اتحاد الجامعات السودانية، إن نفسه تأبى «ألا تكون جوبا جزءاً من البلاد»، وشدد على ضرورة ترسيم الحدود قبل الإقدام على صناديق الاستفتاء «حتى لا نعود إلى مربع الحرب بسبب أمتار من الأراضي». وأقر البشير بأن النخب السياسية لم تستغل نزوح الجنوبيين إلى الشمال في اثناء الحرب الاستغلال الأمثل لإزالة الشكوك والكراهية التي غرزها المستعمر خلال فترة الاحتلال، لكنه شدد على أن الفرصة لا تزال واسعة وكبيرة أمام تحقيق الوحدة. ولفت إلى أنه لمس خلال جولاته الانتخابية أن «قاعدة الوحدويين أكبر مما يتصوّر الآخرون»، ورأى أنهم فقط يحتاجون إلى منحهم مزيداً من الثقة والمشروعات التنموية المتوازنة والقائمة على أسس علمية. وتمسّك البشير بضرورة الفراغ من ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب «ليس لإقامة جدار عازل وإنما درءاً للعودة إلى الحرب مرة أخرى بسبب الخلاف على أمتار من الأراضي هنا أو هناك». وأكد أن الحكومة «أو (حكومة) المؤتمر الوطني، كما يسميها البعض»، نفّذت كل ما عليها من اتفاق السلام بنسبة 100 في المئة، وتحدّى أن يأتي أحد بدليل يقول بغير ذلك. وأوردت قناة «العربية» أن السودان طرد اثنين من موظفي المساعدات أمس الخميس بعد ثلاثة أيام من صدور مذكرة جديدة من المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس البشير بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية. وأضافت القناة التلفزيونية الفضائية أن الموظفين المطرودين يعملان لدى المنظمة الدولية للهجرة ومقرها جنيف. في غضون ذلك، قضت محكمة في الخرطوم بسجن ثلاثة صحافيين بتهمة زعزعة استقرار النظام الدستوري. وأمر القاضي بسجن أبو ذر الأمين نائب رئيس تحرير صحيفة «رأي الشعب» اليومية خمس سنوات وسجن صحافيين آخرين هما أشرف عبدالعزيز والطاهر أبو جوهرة سنتين لكل منهما. وأمر بسحب ترخيص الصحيفة المرتبطة بحزب «المؤتمر الشعبي» الذي يتزعمه المعارض الدكتور حسن الترابي، كما برّأت سكرتير التحرير الصحافي رمضان محجوب. وأبلغ المحامي أبو بكر عبدالرازق «الحياة» أن هيئة الدفاع عن المتهمين ستتقدم باستئناف للحكم، منتقداً في شدة ما وصفه بالتضييق على الحريات الصحافية وقمع الإعلام. وكانت السلطات الأمنية صادرت الصحيفة في أيار (مايو) الماضي واعتقلت صحافيين، كما اعتقلت أيضاً الأمين العام للحزب الدكتور الترابي واحتجزته ستة أسابيع قبل أن تطلق سراحه دون توجيه اتهام. واحتج مئات الصحافيين على قرار المحكمة، ونظّمت شبكة الصحافيين السودانيين مؤتمراً صحافياً أمس نددت فيه بالحكم واعتبرته تعدياً على حرية الصحافة، كما انتقدت في شدة الرقابة المسبقة التي تفرضها السلطات على الصحف، وحذّرت من أن ممارسات السلطة إزاء وسائل الإعلام لن تكون مفيدة لوحدة البلاد وهي مقبلة على اجراء عملية الاستفتاء على حق تقرير مصير جنوب البلاد في كانون الثاني (يناير) 2011. كما أعلنت صحف عدة احتجابها اليوم الجمعة احتجاجاً على قرار المحكمة وعلى ما اعتبره إعلاميون تعدياً من السلطة على حرية الصحافة. وقال مسؤولون حكوميون ل «رويترز» بعد مصادرة الصحيفة في أيار (مايو) الماضي إن مقالات في «رأي الشعب» هددت استقرار البلاد باتهامها الرئيس عمر حسن البشير بتزوير انتخابات نيسان (ابريل) وتضمنها تقارير عن أن ايران تطوّر أسلحة في مصنع سوداني. وقال بشير آدم رحمة أمين العلاقات الخارجية في حزب المؤتمر الشعبي المعارض ل «رويترز» بعد المحاكمة إن الحكم انتهاك صارخ للسلطة لإسكات المعارضة وحرية التعبير، وشدد على أن الحكم قاس للغاية.