السيد المحرر، رداً على ما نشر في "الحياة" الصادرة يوم الاثنين 3/7/2000 الصفحة 10 أفكار للكاتب حازم صاغية. استهل الكاتب مقاله حول الشيعة كفرقة أو جماعة ولديهم هوية وكأن الشيعة قوم مستقلون عن باقي الأقوام والشعوب. إن الشيعة هم المسلمون الذي يعيشون في بلدانهم كباقي الطوائف الدينية التي تعيش في كل الدول العربية وهم جزء من المجتمع الإسلامي. إن المشكلة التي يسمّيها البعض بمشكلة الشيعة بدأت في مطلع السبعينات في لبنانوالعراق. وسوف أتكلم عن العراق فقط. بعد مجيء الحكم البعثي للسلطة في تموز يوليو 1968 بدأ الحكام الجدد بتصفية أنفسهم أولاً ثم انتقلوا الى الشعب وفكّروا في كيفية الخلاص من أولئك الذين يختلفون معهم في طريقة الحكم وكذلك الذين لا يؤيدون الحكم البعثي وأخيراً الذين ليست لديهم مصلحة في هذا الحكم. فبدأ النظام بتسفير طرد وتهجير الشيعة من العراق بحجة أنهم يحملون الجنسية الإيرانية وضربوا عرض الحائط القوانين المحلية التي تجيز لهم البقاء في البلد. وخلال السبعينات كانت هذه الطريقة الوحيدة التي يستطيعون فيها التخلص من بعض شيعة العراق والذين سكنوا فيها منذ عشرات السنين. وجاءت الثورة الإسلامية الإيرانية في شباط فبراير 1979 وكانت الكارثة على الحكم البعثي في العراق، الذين تصدّوا للحكم الجديد منذ اللحظة الأولى وعند قراءة رئيس الجمهورية أحمد حسن البكر جواب إيران على برقية التهنئة التي بعثها العراق للتهنئة بقيام الثورة إذ وردت هذه العبارة والسلام على من اتّبع الهدى وفسرها العراق بأن إيران تنوي القضاء على الحكم البعثي وربطوا تفسيرها مع خطاب النبي صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الى كسرى ملك الفرس بالتسليم الى الإسلام وختمها السلام على من اتبع الهدى. أقول بعد ذلك بدأ البعثيون بتسفير جديد لمئات الألوف من العراقيين الشيعة بحجة التبعية الإيرانية ولكن الهدف كان واضحاً منذ بداية ثورة البعث وهو القضاء على شيعة العراق والذين يمثّلون الغالبية العظمى من الشعب العراقي. ثم بدأت في النصف الثاني من سنة 1980 الحرب العراقية - الإيرانية التي طالت ثماني سنوات وقتل فيها مئات الألوف من الجيشين وكانت غالبيتهم من الشيعة أيضاً، لأن الجيش العراقي آنذاك كان يضم 80 في المئة من الشيعة والجيش الإيراني حوالى 99 في المئة من الشيعة. ثم انتهت الحرب سنة 1988 ولكن تسفير الشيعة استمر بحسب إحصاءات الأممالمتحدة. ثم بدأت حرب الخليج الثانية وأعقبته الانتفاضة في العراق في آذار مارس 1991 وقُتل من الشيعة في مدينة النجف وكربلاء والمحافظات الجنوبية الآلاف وشُرّد حوالى 100 ألف شخص كلّهم من جنوبالعراق. أما النقطة الثانية في المقال فهي علاقة إيران بشيعة العالم والعراق خصوصاً، فأقول إن إيران كانت الدولة الأولى التي استقبلت شيعة العراق برحابة صدر والى الآن على رغم ظروف الحرب القاسية بين 1980 - 1988 وعداء العالم لإيران في الثمانينات. وعندما يقول الكاتب إن علاقة إيران مع العرب الشيعة مذبذبة ومعقدة فهذا الكلام ينطبق على الدول حين تزدهر العلاقة عند التضامن وتزول عند العداء. والحديث هذا في العائلة الواحدة أيضاً. أما قول الكاتب إنه لا يسع لأحد أن يضمن أن الشيعة سوف يكونون عند وصولهم الى سلطة أكثر ديموقراطية من باقي الجماعات، فأنا أقول أولاً إن الشيعة لم يطالبوا باستلام السلطة في بلد عربي ولكن هدفهم الوحيد هو ضمان الحرية والديموقراطية واحترام الطوائف الدينية. وأجاد الكاتب عندما قال إن هذه النظرية قابلة للطعن لأن الشيعة لم يصلوا الى الحكم ككتلة متجانسة في أي بلد عربي. وأخيراً أقول إنه لم تكن أي مشكلة حادة بين الشيعة والسنّة في العراق خلال القرن الماضي بل اختلاف في وجهات النظر وانتقاد بعض الأشخاص الذين حكموا العراق ولم تكن هناك صدامات دامية مثل ما حدث في الهند والباكستان. فالمشكلة الوحيدة في العراق هي غياب الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية فمتى وجدت هذه الأهداف فإن الهوية الشيعية والمشكلات تختفي تماماً وتظل راية الإسلام عالية. لندن - أبو حسن الكاظمي طبيب عراقي.