بعد انتظار عامين، قررت بورش أن تقدم الجيل الجديد من سيارتها 911 تيربو التي ازدادت قوتها وارتفع تماسكها وتدنى استهلاكها الوقود وقل تلويث محركها للبيئة، لتصبح بالفعل السيارة السوبر - رياضية الوحيدة التي يمكن سائقها أن ينتقل بها يومياً مسافات طويلة ويتمتع بأحصنتها ال 420 على مدار الساعة. وهذا ما يدفع إلى القول أن مؤسس الشركة فرديناند بورش، لو كان حياً... لأحبها بالتأكيد. سيشعر محبو السيارات الرياضية سعادة قصوى عند قيادة الجيل الجديد من بورش 911 ، إذ ركزت شركته على أن يكون مميزاً في تصميمه مع مراعاة المحافظة على شخصيته التي لم تتبدل مع مرور الأيام. فالفارق بين مولودة بورش هذه وشقيقتها 911 كاريرا، شمل في البداية الشكل الخارجي، وخصوصاً المقدم الذي زود مصابيح أمامية بقدرة إنارة عالية جداً بفضل عدسة زجاج خاصة بسماكة 70 ملم مشابهة لتلك التي تجهز الشقيقة الصغرى بوكستر لناحية تصميمها. وقد أدخل على هذه المصابيح نظام خاص يعمل أوتوماتيكياً على تعديل المسافة المنورة أمام السيارة تبعاً لحمولتها أو حتى لمدى تسارعها أو لقوة الكبح التي تخضع لها، ما يخفض من نسبة الانبهار الضوئي الذي يتعرض له الآتون في الإتجاه المعاكس. وزود المقدم أيضاً صادماً أمامياً مدمجاً شمل ثلاث فتحات للتهوئة، خصصت الوسطى منها للتحكم بمجرى الهواء حول المقدم وتحت السيارة لتعمل إلى جانب الصادم الأمامي، الذي يؤدي دور عاكس الهواء الأمامي أيضاً، على زيادة نسبة ثبات السيارة وتماسكها مع الطريق، وبالأخص على السرعات العالية التي يمكن سائقها بلوغها بسهولة بالغة. أما فتحتا التهوئة الجانبيتان، فصممتا لزيادة فاعلية تبريد جهاز المكابح الأمامي. تكنولوجيا متقدمة وفي سياق الحديث عن مآخذ الهواء أو فتحات التهوئة، زيد عرض الرفاريف الخلفية لتتمكن من إستيعاب الإطارات العريضة، من طراز بيريلي بي زيرو قياس 295 / 30 آر 18 قياس الأمامية يبلغ 225 / 40 آر 18، وزودت بدورها فتحات تلي أبواب السيارة، مهمتها التحكم بمجرى الهواء الداخل إلى مقصورة المحرك وزيادة فاعلية تبريده، إضافةً إلى أنها تشكل مداخل الهواء الرئيسية لجهازي التيربو اللذين أخذت فتحتا تصريف الهواء الخارج منهما مكاناً في الأطراف السفلى للصادم الخلفي. وبالانتقال إلى المؤخر الذي حافظ على خطوط منحنية طالما ميزت 911 عبر تاريخها الذي يزيد عن 30 عاماً، فقد زود مصابيح خلفية ذات تصميم أنيق يعلوها عاكس هواء خلفي مدمج مع غطاء المحرك، يعمل على توفير قوة ضغط سفلى تسهم في تماسك المؤخر. وعندما تفوق السرعة 120 كيلومتراً في الساعة، يرتفع الجزء العلوي من عاكس الهواء الخلفي تلقائياً، لترتفع على الأثر قوة الضغط السفلى على مؤخر السيارة وتبلغ 9 كيلوغرامات على سرعة 305 كلم/س، ما يؤدي بالتالي إلى ازدياد نسبة تماسك السيارة مع الطريق. لكن الفضل في هذا التماسك لا يعود فقط إلى القوى التي تتحكم بالسيارة، بل إلى الجهود الجبارة التي بذلها قسما التصميم والانسيابية لتوفير سيارة متماسكة. 420 حصاناً في تصرفها يتكون المحرك الوحيد المتوافر لمولودة بورش الجديدة، من ست أسطوانات منبطحة ومتضادة تضم ستة مكابس عولجت بمادة نيكاسيل خليط من النيكل والسيليكون لزيادة نعومة عملها ورفع مستوى تبريدها. سعة هذا المحرك تبلغ 6،3 ليتر، وزود نظام بخاخ إلكترونياً وجهازي تيربو رفعا قوته إلى 420 حصاناً، تستخرج عند 6000 دورة في الدقيقة وتتناقص إلى 2900 عندما يتعلق الأمر بعزم دوران هذا المحرك البالغ نحو 57 م كلغ. والملاحظ في هذا المحرك الذي يعتمد الماء لتبريده، مرونة تشغيله الناتجة عن عزم دورانه المرتفع على دوران مخفوض، وقد أسهم في تحقيقها نظام فاريوكام الذي يتحكم بتوقيت عمل الصمامات. وربطت بورش هذا المحرك إلى علبة تروس يدوية جديدة من ست نسب أمامية متزامنة تتوافر بفئة تيبترونيك أس لتبديل النسب، في شكل متتال عبر مقبض علبة التروس في الكونسول الوسطي، أو بواسطة مفاتيح تبديل النسب في المقود، ولكن بعد خفض عدد النسب إلى خمس، ما يوسع من شريحة زبائنها لتشمل رجال الأعمال الذين تزيد أعمارهم عن خمسين عاماً والجنس اللطيف أيضاً. وطورت بورش نظام تيبترونيك أس، فبات في إمكان علبة التروس التأقلم مع أسلوب القيادة، ما أسهم في خفض استهلاك المحرك من الوقود بنسبة 18 في المئة عنها للجيل الأسبق، وليبلغ استهلاك 911 تيربو المزودة علبة التروس اليدوية 9،12 ليتر لكل 100 كلم، ترتفع إلى 9،13 ليتر لكل 100 كلم للطراز المزود علبة التروس المتتالية. وفي مجال الاستهلاك، حرصت بورش مع محركها الجديد على مراعاة عامل تلوث البيئة فجاء مطابقاً لأقسى أنظمة حماية البيئة صرامة في أوروبا وأميركا، أي نظامي يورو 3 ويو أس ال إي في. تأدية "صارخة" الليونة التي يتمتع بها المحرك الجديد، جعلت من 911 تيربو إحدى أسرع السيارات في العالم إذ يمكنها أن تنطلق من حال الوقوف إلى سرعة 100 كلم في 2،4 ثانية، في مقابل 9،4 ثانية ل تيبترونيك أس، ولتصل بعدها إلى سرعة 200 كلم/س في 14 ثانية، ومنها إلى سرعة قصوى تبلغ 305 كلم/س 298 كلم/س ل تيبترونيك أس. وعن التأدية الفعلية، تعلن بورش أنها تفوق معظم منافساتها إذ لرفع السرعة من 80 إلى 120 كلم/س مع اعتماد النسبة الخامسة من علبة التروس تحتاج 911 تيربو إلى 5 ثوان ترتفع إلى 9،11 في حال أراد سائقها زيادة سرعتها من 100 إلى 200 كلم/س. متماسكة مع الطريق تفيد بورش أن 911 تيربو تتحلى بتماسك تحسدها منافساتها عليه، والفضل يعود إلى عدد من العوامل، من مثل ارتفاع السيارة الإجمالي الذي تدنى بمعدل 10 ملم، ونسبة جرها التي تحسنت لتبلغ 31،0 وهي نسبة متقدمة إذا أخذنا في الاعتبار الإطارات العريضة للسيارة وأجهزة التعليق المستقلة وأجهزة التحكم بالتماسك ونظام الاندفاع الرباعي. ومع هذا الأخير، وفي حالات القيادة العادية، تنتقل قوة المحرك إلى العجلات الأربع بنسبة 95 في المئة إلى الخلف و5 في المئة إلى الأمام. وعند فقدان التماسك، يبدأ نظام الاندفاع الرباعي في خفض القوة الواصلة إلى الإطارات الخلفية وتحويل جزء منها إلى الإطارات الأمامية التي يبلغ الحد الأقصى لما يمكن أن تصل إليه من قوة 40 في المئة من إجمالي قوة السيارة، الأمر الذي يوفر لها تماسكاً متقدماً جداً. وهو أمر حيوي جداً لهذه الفئة من السيارات السوبر الرياضية. ويسهم في تماسك 911 تيربو، جهاز بي أس أم للتحكم الديناميكي بالتماسك الذي يعمل إلكترونياً على مراقبة مواصفات السير، وليعمل بمجرد بدء عملية فقدان التماسك أو انزلاق السيارة على تعديل عمل جهازي التحكم في تشغيل المحرك والمكابح لتصبح عملية السيطرة على السيارة وتصحيح خط سيرها من الأمور السهلة جداً. و زودت بورش جهاز بي أس أم بنظام توقيت يعمل على تأخير عمله أعشاراً من الثانية بعيد انزلاق السيارة، تاركاً للسائق الرياضي فرصة إعادة السيارة إلى خط سيرها الصحيح بنفسه، ليعود بعدها فيقوم بوظيفته على أكمل وجه في حال تأخر السائق في تصحيح خط السير. ومع هذا التماسك المميز لسيارة من هذا المعيار، لا يمكن إغفال أجهزة التعليق التي خضعت لتجارب كثيفة على مختلف أنواع الطرق والتي أثبتت جدارتها في إكساب السيارة تماسكاً متقدماً خصوصاً أنها تقوم في الأمام على قائمة ماكفرسون الانضغاطية المدعومة بأذرع تحكم مع مصاصات صدمات ونوابض معدن حلزونية وقضيب مقاوم للانحناء. أما في الخلف، فيتكون التعليق من وصلات متعددة وأذرع طولية مع مصاصات صدمات ونوابض معدن حلزونية وقضيب مقاوم للانحناء تتميز بتوفيرها تماسكاً متقدماً للمؤخر، من دون التضحية براحة التعليق الذي تفتقده عادةً سيارات هذه الفئة. وأسهمت وضعية المحرك المائلة إلى الأمام في الجزء الخلفي من السيارة، وفي شكل كبير، في تأمين توزيع شبه مثالي للوزن بين قسمي السيارة، ما ساعد في توفير القاعدة الجيدة لسيارة متوازنة يدعمها مركز ثقل مخفوض. مقصورة مميزة مجرد الدخول إلى مقصورة القيادة، يؤكد أن بورش التي عملت على توفير سيارة سوبر رياضية من العيار الثقيل، لم تغفل مقصورة الركاب التي طغت عليها عوامل الترف والأمان والعملانية. فتصميم لوحة القيادة حافظ على الخطوط العامة الجديدة للوحات قيادة سيارات بورش، التي بدأت مع طراز بوكستر، إذ جمعت العدادات الحيوية في شكل متداخل إلى جانب المنبهات الضوئية في تجويف خاص خلف المقود، تميز بسهولة قراءته ووضوحه وبمنعه الانبهار الضوئي. أما مفاتيح تشغيل باقي أجهزة السيارة ووظائفها، فجمعت في الكونسول الوسطي الذي ضم أجهزة الملاحة والتكييف والاستماع الموسيقي التي يمكن استعمال مفاتيحها من دون الحاجة إلى رفع النظر عن الطريق. وهذه العملانية امتدت إلى القسم الخلفي من المقصورة، وتحديداً إلى المقاعد الخلفية التي يمكن طي ظهرها كلياً بهدف إضافة 200 ليتر إلى مقصورة التحميل الأمامية التي يبلغ حجم تحميلها الأساسي 100 ليتر. وإلى التصميم العصري والأنيق للوحة القيادة وبطانات الأبواب والمقاعد، لم تغفل بورش عوامل الترف. فأمنت لسيارتها هذه مقصورة مبطنة بالجلد الفاخر المتوافر بخمسة ألوان، واستعملت في صناعة أجزاء المقصورة مواد بلاستيك ومعدن ذات نوعية جيدة تتميز بوزنها المخفوض وبقدرتها على تحمل الصدمات، إضافة إلى مقدرتها على مواجهة معظم الظروف المناخية. ووفرت أيضاً وضعية جلوس جيدة لركاب السيارة مع التركيز على وضعية جلوس السائق والراكب إلى جانبه، إذ تتوافر لهما مساحات كبيرة للرأس والأكتاف والأقدام، ما يسهم في راحتهما، خصوصاً أن مقعديهما اللذين يتحركان كهربائياً في كل الاتجاهات، مصممان لاستيعاب الأجسام وحضنها ليمنعا وصول ارتجاجات الطريق وانحناءاتها إليها، ويحولان دون انزلاق الأجسام عليها. وفي الحديث عن المقاعد الأمامية، وفرت بورش لسيارتها هذه أربعة مفاتيح يضم كل منها جهاز تحكم عن بعد لفتحها وإغلاقها، ويعمل بمجرد استعماله على تحريك مقعد السائق وإعادته إلى الوضعية التي حددها مسبقاً عبر نظام ذاكرة خاص يحفظ أربع وضعيات جلوس. عوامل السلامة نالت أيضاً نصيبها من العناية، فجاءت 911 تيربو مزودةً مناطق تتشوه لامتصاص الصدمات الأمامية والخلفية المباشرة، إضافة إلى جوانب مقواة تحول دون وصول الصدمات الجانبية إلى مقصورة الركاب التي خضعت لتقوية طاولت كل أطرافها. كذلك جهزت 911 تيربو أحزمة أمان بثلاث نقاط تثبيت لكل منها مع كيسي هواء أماميين وآخرين جانبيين بسعة 30 ليتراً لكل منهما، وبكل أجهزة التحكم بالتماسك التي تتوافر لدى شركتها والتي تعمل على مساعدة السائق على تجنب الحوادث، وبجهاز أوتوماتيكي يخفض مستوى عكس المرآة الخارجية اليمنى بمجرد تعشيق نسبة الرجوع إلى الخلف لكشف المنطقة المحيطة بالإطار الخلفي الأيمن. تستحق سعرها الثمن الذي حددته بورش لمولودتها الجديدة يبلغ نحو 120 ألف دولار أميركي في بلد المنشأ، أي ألمانيا، تضاف إليه في الدول العربية تكاليف شحنها والرسوم الجمركية التي تتبدل بين بلد وآخر. وهذا الثمن الذي قد يعتبره البعض مرتفعاً، يبقى في نظر محبي بورش والسائقين الرياضيين مقبولاً إذ تقابله مجموعة من التجهيزات الغنية المدعومة بمحرك ذي تأدية "صارخة" وتكنولوجيا قد لا تتوافر في السيارات المنافسة، إضافة إلى اسم لا يمكن وصفه إلا بالعريق.