اعتبرت قوى سياسية أساسية في موسكو محصلة القمة الروسية الأميركية الأخيرة ايجابية ولكنها محدودة وعرضة للارتداد في حال عودة واشنطن الى مساعيها لاقامة النظام المضاد للصواريخ الاستراتيجية، فيما ترك خطاب الرئيس الأميركي بيل كلينتون أمام النواب الروس وسلوكه في موسكو بصورة عامة انطباعاً جيداً لدى غالبية الروس. وتوجه كلينتون من موسكو الى كييف بعد أن أقام في العاصمة الروسية يومين عقد خلالهما محادثات مطولة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين ووقع معه بياناً مشتركاً حول "مبادئ الاستقرار الاستراتيجي"، ومذكرة بشأن اقامة مركز مشترك لتبادل المعلومات الخاصة بالانذار المبكر من الصواريخ، وبياناً عن عقد اتفاق ثنائي حول معالجة مادة البلوتونيوم العسكري، كما وقعا وثيقة حول مواجهة ظاهرة ارتفاع حرارة كوكب الأرض. وفي تقويم يؤيده كثيرون من الساسة الروس، قال فلاديمير لوكين نائب رئيس مجلس الدوما النواب الروسي ان لقاء الرئيسين "لم يكن مصيرياً" على رغم أهمية المواضيع التي بحثت فيه. وأشار الى أن واشنطن قد اجّلت البت في قضية اقامة النظام المضاد للصواريخ الى أواخر العام الحالي ليس فقط بسبب الاعتراض الروسي بل في انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية. وسجل غريغوري يافلينسكي زعيم كتلة "يابلوكو" الليبرالية موقفاً متحفظاً من نتائج القمة الأخيرة. وقال ان تعاون روسيا مع أوروبا الغربية في مجال اقامة نظام الصواريخ المضادة أكثر جدوى من التعاون مع الولاياتالمتحدة. وفي تصريح يعكس وجهة نظر أرباب مجمع الصناعات الحربية الروسية، قال ايليا كيبانوف نائب رئيس الوزراء لوكالة "انترفاكس" الروسية ان روسيا "تملك امكانيات تكنولوجية ومالية لتأمين مصالحها الدفاعية" في حال اتخاذ واشنطن القرار بإقامة النظام المضاد للصواريخ. وعلى صعيد آخر، عبرت الفاعليات السياسية الروسية البارزة عن ارتياحها من مضمون خطاب كلينتون في مجلس الدوما ولهجته المتزنة لسلوك الرئيس الأميركي "المسالم" و"المهذب" اثناء وجوده في العاصمة الروسية. ووصف بوريس غريزلوف رئيس كتلة "الوحدة" الموالية للرئيس الروسي خطاب كلينتون بأنه "متوازن وتضمن أفكاراً جدية". ورحب بكلماته عن أهمية الدور الروسي على الساحة الدولية ورغبة الولاياتالمتحدة في رؤية روسيا "بلداً قوياً"، إلا أنه انتقد الأسلوب الذي تطرق به كلينتون الى قضية الشيشان التي هي "شأن روسي داخلي". كما أشاد اوليغ ميرونوف المفوض الروسي لحقوق الانسان بالتقدير العالي الذي أبداه كلينتون لروسيا ودورها في العالم، ولكنه اعترض على تشبيه المشكلة الشيشانية بقضية كوسوفو. في المقابل، وصف الزعيم "المشاغب" فلاديمير جيرينوفسكي الرئيس الأميركي ب"تعليمات جديدة لنواب روسيا بخصوص خطوات لاحقة لتدمير بلدنا". وقال نائب شيوعي في الدوما ل"الحياة" ان غياب الشأن الاقتصادي كلية عن البيانات الأميركية الروسية الأخيرة يدل على إصرار واشنطن على سياسة عرقلة دخول روسيا كشريك متكافئ في نظام التجارة العالمية على رغم كلام كلينتون الشكلي عن دعمه لقبول روسيا في منظمة التجارة العالمية. وعلى صعيد آخر، باشرت السلطات الروسية بتنفيذ اجراءات تمهيدية لاقامة مركز مشترك لتبادل المعلومات الخاصة باطلاق الصواريخ. وقالت مصادر في قيادة قوات الصواريخ الاستراتيجية الروسية أمس ان المركز سيقام في احدى ضواحي موسكو قرب مركز روسي لادارة اطلاق الصواريخ الفضائية.