سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مستشار مدني مزراق قائد "جيش الإنقاذ الاسلامي" الجزائري ل "الحياة" . عيسى لحيلح : الاسلاميون جميعهم يفكرون في هدم الدولة قبل طرح البديل هي جزء من اخطاء الثوريين والراديكاليين وجميعهم يفكرون في هدم الدولة قبل طرح البديل
عيسى لحيلح احد قياديي الجيش الاسلامي للانقاذ والمستشار والكاتب الخاص لاميره الوطني مدني مزراق، وهو استاذ جامعي واديب له عدد من الدواوين الشعرية وكتب ثلاث روايات في الجبل، ورسم الكثير من اللوحات الفنية، وقد التقته "الحياة" في بيته ب"الشقفة" دائرة الطاهير ولاية جيجل، لتحاوره حول فكر الجماعات الاسلامية المسلحة والعلاقة بين الثقافي والسياسي وبين العسكري. باعتبار عيسى لحيلح استاذاً جامعياً، عاش بين مجموعة اسلامية مسلحة، فما هو تقويمه للفكر السائد بين عناصرها، وما تأثير السلفية فيهم؟ - لم تكن هذه "الجماعات الاسلامية المسلحة" الا قطاعاً او شريحة من الشعب، وبالتالي ليس بدعاً ان يسود بينها ما هو سائد بين انصار المشروع الاسلامي من افكار وتيارات ومدارس و"مذهبيات" معاصرة، خصوصاً منهج "الاخوان" و"السلفية" او "السلفية السياسية"، كما يعجبني ان اسميها، لانه لا يوجد اي واحد منا الا وهو سلفي "التصوير والاعتقاد، او انه يريد ان يكون سلفي التصور والاعتقاد". والسلفية - في تعريفي - هي لحظة ميلاد مبهر، اي هي حدث متميز يقطع سيرورة ما مرفوضه، وبامتداد هذه اللحظة في التاريخ، تصير مثالاً يحتذى لكل الاجيال التي تعاني حال "التغيير التاريخي المستمر"، وبذلك تنفصل "السلفية" عن "التاريخي الزمني" لتحاط بهالة من "القداسة"، وهذا ينطبق على الافراد كما ينطبق على الجماعات. ومن هنا تكون "السلفية" في هذا المفهوم، مصادمة للعقل والابداع والتجديد، يمضي افرادها نحو المستقبل ليعودوا نحو الماضي حيث "الطمأنينة والسكون... فالعقل، عندهم مدان، والابداع بدعة، والمستقبل مجال لتجلي الفتن! ولهذا يبقى الماضي ملجأهم الآمن!... وكيف تعاملت هذه المجموعة معكم في مجالات الشعر، الرسم والرواية؟ - بصراحة لقد عوملت بشيء من الاستثنائية. وهي اقرب الى الامتياز منها الى اي شيء آخر... لأنه يوجد ضمن هذه الجماعات متعلمون ومثقفون، ومتذوقون لشتى الفنون، كما انه يوجد ضمنها من يفضل ان يمتلئ جوفه قيحاً من ان يمتلئ شعراً! كما يفهم الحديث النبوي خطأ... والكثير من هؤلاء كانوا ينتظرون صدور قصيدة كما ينتظرون صدور بيان او نداء، ربما لأنهم يجدون في ذلك وجه معاناتهم. ما العلاقة بين الديموقراطية والاسلام الذي كان يمارس في الجبل، وما موقع الامير في ذلك؟ - لو اسقطنا عبارة "داخل الجبل" لكان السؤال منطقياً اكثر ومقبولاً، اما وهو بهذه الصيغة، فان الاجابة عنه سوف تكون غير ذات المعنى، لانه لا يمكن ان يتحرك "نسق الديموقراطية" بين بضع مئات من الناس، يعيشون ظرفاً استثنائياً. .. وبالتالي في الجبل توجد شورى، وكان للامير ان يديرها ويوازن بين الآراء ثم يحوصل نتيجة الآراء والافكار والمقترحات ليلتزم الجميع بما اقره الجميع وصاغوه. وعلى رغم أن الديموقراطية في العالم ذات "وظيفة تفكيكية من خلال ارتكازها على تفعيل التناقضات الاجتماعية واثارتها، ولجوئها الى شحن الجماهير بالحقد لا بالوعي... انها تعني لدى الكثير هدم الدولة... وعلى رغم ان الديموقراطية قد تعني هذا كله، فاننا نقبلها، بل نطالب بها ان كان البديل عنها هو الاستبداد والجبرية، وندعو اليها ان كانت هي التعبير عن افكار الناس وطموحاتهم، والتجسيد الميداني لهذه الافكار والطموحات، من خلال مؤسسات تنتج حركة وحياة. كيف يستطيع شاعر مرهف وحساس مثلك ان يتعامل مع الرصاص والموس والقتل؟ - انا قبل ان اكون شاعراً ذا احساس متميز واستثنائي، فانني انسان، في كل ما في الناس من رغبات وشهوات... احب - مثل الناس- ان اعيش اطول فترة ممكنة، واني لاتخذ الى ذلك الاسباب، ابتغي اليه الوسائل. وكما قال الشاعر القديم: "اذا لم تكن الا الآسنة مركبا / فما يسع المضطر الا ركوبها". لقد كان - كل ما كان - اضطراراً لا اختياراً، والرغبة في الحياة علمتني كيف "اغلق" عيون القتلى، وكيف اربّت على جراح الجرحى، وكيف اغني قليلاً ليمر سرب الرصاص. كيف تعللون غياب "المشروع الاسلامي" لبناء دولة لدى الجماعات الاسلامية المسلحة؟ - ان اخطاء "الاسلاميين" هي جزء من اخطاء الثوريين والراديكاليين جميعاً، انهم جميعاً يفكرون في "هدم الدولة" قبل ان يفكروا في طرح البديل، ولو نظرياً، ولعل البديل بكل تفاصيله هي العقبة الكأداء التي تواجه اي ثورة بعد الانتصار، بل ان هذا البديل هو السؤال الملح الذي يظل يقرع نفوس الثوريين وضمائرهم. ولوجه الحق، فان "بديل الاسلاميين" يعاني تشوهاً مخيفاً، بحيث طغى الجانب الاخلاقي على كل الحوانب الاخرى... اذ ان حديثهم عن "الانحراف الاخلاقي" صار حديثاً مرضياً بكل صراحة، هذا من دون البحث عن الاسباب المنطقية والشروط الموضوعية التي احدثتها واوجدتها. اما اذا تعلق الامر بالجانب الاقتصادي او السياسي او الاعلامي او العلاقات الدولية فان اذكاهم لا يستطيع ان يمتد بالحديث طويلاً بعد البسملة وادعية الاستفتاح! وربما هذا الذي اغرى العلمانيين ومن شايعهم بان يعتبروا عموم "الاسلاميين" اناساً ريفيين صدمتهم المدينة، وكسرت فيهم الحياة الحديثة "الرومانسية الصحراء!" فهم يسعون الى اعادة بنائها، بهذا "الفقه اليدوي" - كما يقول الشيخ الغزالي رحمه الله - الذي يجلدون به اعصاب الحياة الزاخرة المضطربة. ما موقع الفتاوى المتعلقة بالتكفير لدى الجماعات الاسلامية المسلحة، وكيف تعاملتم معها؟ - ان اخطر ما يمكن ان تقع فيه هذه "الجماعات" هو فخ التكفير، الذي يفتح ابواباً اخرى لا طاقة لأحد بها. ويشهد الله انا كنا نقاوم هذه الفتاوى وتوابعها بكل ما اوتينا من قدرة على الاقناع، كنا ندافع عن دين الناس وعقيدة الناس في اي موقع كانوا. وليس بالتكفير يتمكن الكادحون وينتصر المستضعفون... اذ ليس شرطاً ان يكون "عدوك" ليصير ضعيفاً عاجزاً!!... هذا منطق الواهمين العاجزين... فهناك مبادئ ذات اصالة لكنها فاقدة الفاعلية، وهناك فاعلية فاقدة الاصالة، والذي يفقد المبادئ الاصيلة هو عجز اصحابها عن "موقعتها" بثباتها ضمن التغير الحياتي والحضاري المستمر. وان اصالة الحق في بنية الوجود هي التي تضمن له البقاء، وفاعلية اصحابه هي التي تضمن له التمكن والظهور، وان التباس الامر على اهل الحق، إضافة الى الفوضى المعرفية التي يعيشونا، والتنابز الفقهي الذي يتراشقون به، هذا كله جعل فاعليتهم قليلة، وشملهم المثل العربي القائل "اشبعتهم سباً وراحوا بالابل"! ولن عجز هؤلاء عن تحليل المشكلات الاجتماعية المتعددة تحليلاً اسلامياً، جعلهم يلجئون الى تحليلها تحليلاً فقهياً، فيصفون المجتمع كله ب"الكفر" ليسهل عليهم بعد ذلك التعامل معه بالطريقة المعروفة. وان هوسهم بالتكفير والتضليل، جعلهم يجورون على بعضهم بعضاً، فيكفرون ويضللون، وينشطرون وتكثر بينهم "الفرق الناجية". "وكل يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا" هل قرأت رواية الطاهر وطار؟ - في الامس فقط انتهيت من قراءة رواية "الولي الطاهر يعود الى مقره الزكي" للكاتب الطاهر وطار، وهي قراءة اولية، واي حكم لن يكون حكماً نقدياً كاملاً، وانا ارى بحسب قراءاتي السابقة لرواياته، انه احدث بهذه الرواية النقلة النوعية، اسلوباً وتصوراً، وسأعيد قراءتها مرة ومرتين، وسأصدر الحكم النقدي السليم. بالنسبة للكتابات الروائية والنقدية بالجبل، كيف كنت تختار المواضيع؟ - كتبت روايتين، وذات مرة كان عندي مشروع ان اكتب مجموعة قصصية قصيرة، كتبت الاولى، والثانية والثالثة وهي قصص قصيرة، ولما جاءت الرابعة وجدت انها تمتد الى عدد كبير من الصفحات، حوالى 30 صفحة، لكنها لم تنته، وجاءني اخ وسألني: ان انهيت القصة، فقلت له: يبدو انها ستكون رواية، لانها لا تريد ان تنتهي، وفعلاً انتهت في شكل رواية بحوالى 142 صفحة، وكل صفحة فيها 47 سطراً بالخط كما ترى وكنت اكتبها في الخلاء تحت شجرة بلوط، لانها جاءت في زمن الهدنة. بالنسبة للأوقات التي كتبت فيها القصة؟ - في جميع الاوقات، عندما نقوم في الصباح بعد ان اصلي صلاة الصبح، ثم افطر، آخذ فنجان القهوة واتوجه الى الخلاء، حيث اجلس الى شبه طاولة وابدأ في الكتابة حتى المساء. ما هو عنوان الروايتين؟ - الرواية الاولى "كراف الخطايا" والثانية بعنوان "الصورة الاخيرة للسرير" هل اخترت العنوانين قبل كتابة الروايتين او بعدهما؟ - بعد الكتابة، لانه من الطبيعي، سواء في القصة او في الشعر او الرواية، ان لا اضع العنوان الا بعد ان يكتمل العمل، لانني احتار في اختيار عنوان او اسم. بعد استشارة زملائك؟ - نعم. تقريباً... لقد كنت اقترح العنوان او الاسم واطلب رأيهم في ما كتبته، وفي الاخير استقر على اسم يختصر ويختزل الموضوع او الفكرة. كيف تنمو عندك القصيدة؟ - بصراحة، انا عمري لم اقل سأكتب قصيدة، لكنها كانت تأتي وحدها فجأة وتفرض نفسها، وهي التي تفرض موضوعها وتفرض ايضاً، حتى بحرها وايقاعها، وليس بإمكاني ان اغير فيها، او احولها من بحر متقارب الى بحر طويل او متكامل، لانها تأتي كايقاع، كدندنة، ثم يتكثفان اكثر فأكثر، حتى تصير معاني وحروفاً وكلمات، وكأن القصيدة هي التي تقرر ان تكتب. كم عدد بيوت اطول قصيدة كتبتها؟ - اطول قصيدة كتبتها فيها 1361 بيتاً، في شهرين و25 يوماً. بمعدل كم بيتاً في اليوم؟ - بمعدل قد يصل الى 50 بيتاً في اليوم. الحال التي تعيشها في القصيدة على مدى الف بيت، هل هي متواصلة؟ - لا غير متواصلة، يحدث الانقطاع، ثم يحدث الاستئناف لان الحال النفسية والشعرية التي تجعل حال الكتابة متوقدة باستمرار. قرأت في قصائدك ادانة للارهاب، هل تتذكر ابياتاً منها؟ - نعم، تبرير لموقف، ادانة القتل الاعمى، ادانة للقتل الذي يتم من دون مبررات ومن دون حق. ما عنوانه؟ - آخر البوح لامي انا ما خرجت لانني بي شهوة لارى دمي ينداس، تلعقه الهوام ابدأ، ولا انا قد خرجت لان ابي قلقاً وجودياً، وكبتا، وانفصام ابدأ، ولا انا قد خرجت لفتنة، او لاني اهوي الخروج على الامام، او لاني في الحظ منبوذ اذا طار القطي في الصبح او حط الحمام او انني حيطيست، اسند حائط الايام ان ينقضي في هذا الزحام او انهم سفكوا دمي، وانا اصيح بلا صدى، ظهري حما ودمي حرام او انني قلت صفوف العائدات نحن اولى من كلاب العم الحام انا لم اقل هذا الهراء ولم اذق والله طعم النفط منذ ستين عام انا ما خرجت بشهوة التدمير وعن رغبة ملحاحة في الانتقام انا ما خرجت لاكون انا الامير، ولكي يكون القرمطي هو الامام ولكي يكون الضغط اهل البرلمان، ولكي يكون الزنج في اعلى مقام انا ما خرجت لان بيتي من صفيح قاسمتني فيه بعض افراخ الحمام والربو فيه حصير اطفالي، وفيه غطاءهم من بعض اسمال الزكام انا ما خرجت لان عيني بالعروش تعلقت، فاهنأ بعرشك يا هشام ابدا، ولا انا قد خرجت لانني قد ضقت ذرعاً بالعصابة والكمام انا واسألوا من شئتم، ما خنت جيراني وخلاني، ولا ذقت المدام قد عشت ما عشت الحياة ولست ادري، صدقوني ما تهامة من شآم انا واسألوا من شئتم، قد شاب ربما، ولربما من بؤس اطفالي نسيت الابتسام لكن قلبي صدقوني ربما انقى قليلاً من تسابيح الحمام. انا ما خرجت لان عيشي ضاق بي، او ضاق عني، بينما اتسع الحزام قلبي على بلدي، وقلبك ايها البلد الحزين على عظام من عظام انا ليس لي قلب التتار لاقتل الاطفال فينزق واغتال الحمام انا لست سادياً لأجتث الضفائر وهي تسبح في هواها كالغمام انا حين كان ابي حماه الله من شبق الخناجر وسكاكين الظلام انه حين يريد ذبح العد ادفن ناظري في حضن امي او انام كي لا ارى دمه فيأخذني الدوار، كيف اقتل رضعاً هذا حام لماذا حملت السلاح؟ - هذا السؤال ربما يجيبك عنه احسن الذين قرروا ان يقتلوني. هناك طرق كثيرة، كأن يلجأ احدهم الى السجن ويبقى فيه، وينفد بجلده من دون ان يحمل السلاح؟ - لاظن انه في لحظة الموت او لحظة الشعور بالاستهداف تفكر بالسجن لماذا عندما حملت السلاح اتجهت نحو قبيلتك او ناحيتك ولم تتجه نحو مكان آخر؟ - الظروف هي التي حكمت ان اظل بمنطقتي. عندما حملت السلاح عام 1994، لماذا انتميت الى الجيش الاسلامي للانقاذ؟ - انك في ظرف كهذا، لا تستطيع ان تكون في حرب او اي فتنة او اي مشكلة ان تكون حيادياً. لان الحيادي، خصوصاً اذا كنت هارباً، هم الذين يدفعون الثمن، وبالتالي الهدف الذي هربت من اجله، عوض ان تقع فيه. لانك لا تستطيع ان تعيش وحدك. ما الذي يجمعك بالآخرين، هل كلهم حملوا السلاح للدفاع عن انفسهم؟ - بصراحة، لا استطيع القول ان كلهم حموا السلاح للدفاع عن انفسهم، ولكن حتماً ان جلهم فعلوا ذلك، دفاعاً عن النفس، لانهم استهدفوا، ولان الانسان، انطلاقاً من غريزة حب البقاء، كل واحد يريد ان يطيل في عمره باية وسيلة يراها. بالنسبة لك كأستاذ جامعي، وككاتب وشاعر، كيف وجدت نفسك ضمن المسلحين؟ - لا اكذب عليك، كان الامر طبيعياً جداً. كيف كانوا ينظرون اليك؟ - في هذه الفترة كنا جميعاً نعرف بعضنا، كنا اصدقاء. هل كنت تقيم لهم امسيات شعرية؟ - كان ذلك من حين لآخر، وكانوا هم يسألونني ذلك، ويلحون في السؤال، وكنت استجيب لهم، والحمد الله كان بعضهم يتذوقون الشعر احسن ممن هم في العاصمة. نحن نعرف ان الجماعات الاسلامية لهم موقف من الشعر ومن الرسم ومن الكتابة في حد ذاتها، فما موقف جماعتك هذه؟ - بصراحة انا وجماعتي هذه، كنا بالعكس، اذ كان موقفهم سليماً في شكل كبير، انا كنت اقول للاخ صالح: "لست ادري، ان كان كل الفقه المتشدد تقصفه العواصف، ونحن هنا في الضواحي ليس لنا فقه متشدد، ليس لنا تكفير، ولا عندنا تظليم، ولا سوء الظن بالناس، إنما الفقه المتشدد هو ما قذفته العاصمة وضواحيها. هنا لنا مواقف طيبة من الاشياء، بل بالعكس يحبون الشعر ويتذوقونه ويقرأونه ويستشهدون به في الوقت الحاسم. وأحكي لك حكاية. مثلاً تجد اخاً يقول لآخر: اقرأ علي قصيدة لما اناخو قبيل الصبح وحملوها وسارت بالدجى الابل وارسلت من خلال السجى ناظرها ترنو إلييَّ ودمع العين ينهمل انا ارى ان أولئك الذين نصبوا انفسهم متحضرين ومتمدنين ربما يخجل ان يقرأ قصيدة غزل بهذا الشكل، وربما حتى سكان العاصمة. لقد استشهد البعض بحديث نبوي شريف من اين جاؤا به؟ لست ادري: "ان يجف احدهم خير من ان يتلي شعراً" وانا اقول اين هذا الحديث من الذي يقول: "اهجوهم والروح القدسي معك". في رسوماتك التي رأيتها وجدت الكثير من المدارس؟ - الرسم جاءني هكذا، مسحة، كنا نجلس، وكانت هناك طاولة واوراق... فاخذت ارسم، تلك التي رأيتها لم تأخذ مني اكثر من ثلاثين دقيقة. رسمتها بعفوية وتلقائية. داخل التنظيم، كيف كنتم منظمين؟ ما هو دورك كمثقف؟ - لا. لا توجد فتوى، ولا شيء من قبيل ذلك، كل ما في الامر، انه قد تكون في شكل كتابة او اقتراح وممكن اشارة... امور كثيرة،، موقف المذاهب الدينية من الجماعات... فهمك لما يجري... المذاهب القديمة والجديدة... كلمني عنها، بصراحة؟ - لا يوجد انسان في الجبل يقول لك انا مالكي، او شافعي، اللهم بعض الاخوة عندما يقلقون او يأسفون الاجترار الممل لكلمة السلفية، فيقولون لك نحن مالكية، كلنا على منهج السلف الصالح سنة واعتقاداً، اما في الامور الاخرى فنحن على مذهب الامام مالك، ولا تجد الا من هم على سلفية او منهجية الاخوان، اقول هذا على منطقتي التي اعيش انا فيها. فتاوى القتل في الجزائر، هل هي نابعة من الجزائر ومن داخل الحركات الاسلامية... ام هي مستوردة؟ - بصراحة، انا ارى فتاوى القتل ناتجة عن فقه معزول عن الواقع وعن ملابساته، وعن ذهنيات الناس وعن المعطيات وعن... وعن.. بل هو فقه مستورد يأتي بالمراسلة يقال عنه فقط: قال ابو فلان، وقال ابو... في لندن. ابو فلان في اسبانيا... فما شأن ابو فلان في انا... وفي واقع هو لا يعرفه، الفتوى شهادة، والشهادة تقضي الحضور، والحضور يعني انك تعيش الواقع، ثم تفتي فيه. فتوى المراسلة هي التي قضت على البلد... هذا هو الحق، لما يعيش الانسان في الواقع الجزائري بكل ملابساته، ويعترك معه وفيه، عندها فقط يحق له ان يفتي بقتل النساء والاطفال والشيوخ، ان كان له الحق في ذلك. بما ان جماعتكم بعيدة عن هذه الفتاوى لماذا لم تقم بمحو للامية...؟ - لا يوجد ذلك، لكنهم قاموا بجهد كبير في هذا الميدان، حاولوا بالاقناع، وبالحوار... ولكن في كل مرة وكنا نقابل بالصدود. خصوصاً ان الطرف الآخر، يختلط عليه الامر، وكانت الفتنة كبيرة، عندما اخذوا يفرقون بين الدين والاسلام، وبين التدين وفقه الاسلام. واعتبروا ذلك مقدساً، ولكل واحد حجته، واصبح قال فلان، وقال فلان تكاد تقريباً ان تتشابه مع قال الرسول، او تكاد تساويها. واصبحت هناك فوضى معرفية. انعكاسات هذه الفوضى المعرفية، أوَلَمْ تؤثر على من هم اقل مستوى داخل التنظيم؟ - لا. لم تؤثر، وان حدث ذلك، فليس على نطاق واسع. هل يوجد في جماعتكم من لم يرحب بالهدنة؟ - لا في جماعتنا لم يحدث... لا اظن... ابداً. هذه المنطقة معروفة انها تابعة للجيش الاسلامي للانقاذ، فكيف يبقى بها عناصر غير تابعة له؟ - اذا قومتها انا فلا اقول انها لم تقترف اخطاء مصيرية فقط. مست اشخاصاً، بل انها ارضت بالدين، فاذا كانت السلفية المسيحية في القرون الوسطى هي المسؤولة عن نشوء العلمانية في اوروبا من خلال تزمتها في فهم الدين وفي تطبيقه والدعوة اليه. فانا ارى انه من الممكن ان هذه التصرفات غير المسؤولة، والتصرفات الشاذة والخطيرة والتفسيرات المشينة للاسلام، ارى انها ستساهم او تكرس ظهور او تثبت جذور العلمانية في الجزائر، وفي غير الجزائر. ما هي الفتوى الظاهرة عند الجيا الجماعة الاسلامية المسلحة؟ - اقول مثلاً فتوى التكفير، لان التكفير شأن الله سبحانه وتعالى ولا يحق لاحد ان يكفر غيره ويقول انه لا يؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم، ايضاً فتوى التضليل، فتوى القتل، فتوى السبي، لان هذه الاشياء تصدم العقل ويصدم الاحساس السليم. بالنسبة لكم داخل التنظيم، كيف كنتم تقومون بالعمليات، فانتم في حال حرب، مثلاً، ووقع عندكم اسير، كيف تتعاملون معه، لا بد من فتوى؟ - الحمد لله نحن لم نتعرض لهذا الشيء، نحن لم نعشه في الواقع، ولا يمكن ان اجيبكم عن احتمال وقوعه. هناك من يقول ان الفرق بين الجيا والجيش الاسلامي، هو ان الجيا لها تصور سياسي وديني للحكم، اما الجيش الاسلامي فقد خرج عناصره للدفاع عن النفس، ولا علاقة له بالتصور السياسي لنظام الحكم؟ - هناك فرق بين الذي يقول انا اقاتل كفاراً، واخر يقول لنا اقاتل غريمي، وبالتالي واحد يقاتل وفي ذهنه الناس كفار، وهذا قطع شعرة معاوية، بينما الآخر يقول انا ظُلمت وانا اعمل من اجل رفع الظلم وادافع عن الحق، وما دام ليس هناك بادرة للهدنة فانا افعل هذا الشيء. حدثني عن عودتك الى البيت، وعلاقتك مع العائلة؟ - منذ ان خرجت لم اعد الى البيت مطلقاً، لكن كانت احياناً الوالدة او الزوجة تتسلل للجبل لرؤيتي فقط، لي ولدان، فاطمة الزهراء ومحمد حيدر. هل اسمك المستعار كشاعر، والاسم المستعار كحامل للسلاح مختلفان... ام هما واحد: حسان بن ثابت؟ - لا هم ينادونني حسان وممكن عيسى. كلمة لحيلح هذه من اين اتيت بها؟ - هي لقبي، عبدالله لحيلح بن بشير، عمري 38 سنة. العلاقة بين السياسي والمسلح والمثقف، هل هي اشياء متناقضة؟ - والله، بعد التجربة، والمطالعة، ادركت فعلاً انها متناقضة، تحضرني هنا كلمة اظن انها لانيس منصور اسألوا لماذا يوجد صراع بين المثقف والسياسي، لان المثقف يريد ان يصير ملكاً، لان الملك يريد نصيراً. علاقة النخبة بالثورة، ولكل ثورة نخبة تخرج من رحمها، ومن المستحيل ان تتشكل نخبة ثورية بعيداً عن المعاناة اليومية الميدانية للثورة، اما الذين اعتبروا انفسهم لجنة الامة والثورة وهم بعيدون عن معاناة الامة والثورة ما هم في الحقيقة الا مرتزقة تقنيون يعرضون خدماتهم، كما تعرض البغي جسدها. كيف ترى العلاقة بين السلفية والسلطة؟ - ليست السلفية الدينية، لان هناك السلفية الوطنية، السلفية الشيوعية، والشيوعية البروتستانتية... تسعى المذاهب والجماعات الى ان تضع يدها على التاريخ والماضي، وكل يدعي انه الاحق ان يتكلم به ويمثله، واول ما تكون الثورة، تكون مجرد مبادئ وافكار يتحمس لها الكثر من الناس، لان كل واحد منهم قد اعطى شكلاً أو تصوراً لتلك المبادئ والافكار ولكن اثناء حركة الثورة تبدأ في التميز والتحدد على شكل واحد وتصور واحد، وهذا التحدد يفقد الثورة حريتها للانطلاقة الاولى، ثم نجد ان الاشخاص الممتطين المعايريين هم الاقدر على التعايش مع اي تحدد او اي تميز وبالتالي سيكونون طليعة التنظيم، بينما الانسان المثقف الثوري يظل محافظاً على ثوريته فيجد صعوبة كبيرة في الانسجام مع الثورة بعد ان التزمها التنظيم، وهذا يفسر لنا ظاهرة انحراف الثورة... وهذا الذي جعل اكثر الثورات تنتهي بلا ثورة.