أُحيل مشروع القانون الدستوري لخفض مدة الولاية الرئاسية في فرنسا من سبع الى خمس سنوات على مجلس الشيوخ لمناقشته، بعدما اقرته اول من امس الجمعية الوطنية البرلمان. وصوّت لمصلحة مشروع القانون الذي اقترحه رئيس الحكومة ليونيل جوسبان اشتراكي وتبناه رئيس الجمهورية جاك شيراك ديغولي، 466 نائباً، من مختلف الاحزاب الممثلة في البرلمان، فيما صوّت ضده 28 نائباً موزعين على مختلف الكتل البرلمانية. ويتوقع ان يقر المشروع الاسبوع المقبل في مجلس الشيوخ، كونه يحظى بأييد رأسي السلطة السياسية، اي شيراك وجوسبان، ولا يندرج بالتالي ضمن اطار المزايدة السياسية بين حزبيهما. لكن الشكوك تحيط بالمرحلة التي يفترض ان تلي اقرار المشروع: هل يطرح على الاستفتاء الشعبي مثلما اراد شيراك، ام على "المؤتمر" وهو التعبير الدستوري المستخدم لانعقاد البرلمان ومجلس الشيوخ في جلسة مشتركة كما يطلب بعض النواب. وكان شيراك برر اختياره الاستفتاء الشعبي، لاقرار مشروع القانون نهائياً، بالقول انه من غير الجائز عدم استشارة الشعب الفرنسي في هذا التعديل. لكن معارضي الاستفتاء يعتبرون ان التعديل المقترح يقابل بعدم حماس تام لدى الرأي العام الفرنسي، الذي قد يصوّت ضده من باب عدم المبالاة، ويفوّت بذلك على المشرّعين الفرصة المتاحة لترتيب اوضاع المؤسسات الدستورية. فالهدف الاساسي، لخفض مدة الولاية الرئاسية وجعلها معادلة لمدة ولاية البرلمان، هو اضفاء المزيد من الانسجام السياسي بين هاتين المؤسستين عبر الحد من تجارب التعايش المتكررة التي تشهدها فرنسا بين رئيس جمهورية ورئيس حكومة ينتمي كل منهما الى قوة سياسية مختلفة. وفيما اعلنت وزيرة العدل اليزابيت غيغو، ان اختيار أحد الاسلوبين يعود الى شيراك، فإن الاخير يواجه معضلة على هذا الصعيد: اذا تمسك بالاستفتاء الذي اقترح عقده في الخريف المقبل، فإنه يرهن الى حد ما شعبيته بالنتيجة التي سيسفر عنها الاستفتاء، مما قد يعرضه للأذى في حال جاءت نتيجة التصويت سلبية. اما اذا تراجع شيراك، وحسم خياره لمصلحة "المؤتمر"، فإنه سيبدو في موقع الخائف من الارادة الشعبية. وأياً كان الخيار الذي سيقدم عليه رئيس الجمهورية، يبقى الانطباع السائد في الوسط السياسي الفرنسي، ان شيراك تعامل بنوع من الخفة مع التعديل المقترح، فلم يبدِ حماساً مفرطاً لتبريره واقناع الفرنسيين به.