صدر في رام الله العدد الثامن من مجلة "الشعراء" الفصلية التي يشرف عليها بيت الشعر الفلسطيني متضمنة الملف الأول من ثلاثة ملفات للشعر العراقي تظهر تباعاً. واشتمل هذا الملف الأول على نصوص لستة عشر من الشعراء "داخل الحصار" وحوارين: الأول مع الشاعر المغترب سركون بولص حاوره محمد الصالحي والعربي الذهبي والثاني مع الشاعر المقيم في الحصار يوسف الصائغ حاوره شاكر نوري.. وذلك ضمن برنامج يشمل - الى الملفات - طباعة عدد من المجموعات الشعرية، في محاولة ل"كسر الحصار المفروض على المثقف العراقي". كما يؤكد رئيس تحرير المجلة الشاعر غسان زقطان في الافتتاحية. وفي الاجابة على سؤال "الحصار"، يقول الصائغ "ما مرّ ويمر به العراق، ليس مجرد ظروف صعبة، بل هو كابوس، وكابوس من نوع خاص، ربما نكون صادقين إذا قلنا إنه لم يسبق له مثيل، والشاعر أمام الكابوس مطالب بأن يفعل المستحيل ليخترق سكونه، في خضم الألم الذي يعيشه من أجل أن يتوازن ويكتب كما كان يكتب سابقاً". وحين يستفزه محاوره بسؤال "هل يمكن القول ان الشاعر يوسف الصائغ أصبح موظفاً؟" يجيب ببرودة "نحن موظفون شئنا أم أبينا، من هو الموظف؟ إنه الانسان الذي يتقاضى أجراً عن عمله لكي يعيش.."، وعن علاقته بالمؤسسة الرسمية يقول "كنت موظفاً في هذه المؤسسة قبل بضع سنوات، وأُحلت الى التقاعد... وكتبت عن ذلك مقالات متسلسلة في مجلة "ألف باء" فيها كثير من الطرافة، تخيلت أن شخصاً مثلي تعجبه وظيفته ويحال على التقاعد لبلوغه السن القانونية، وهو يرفض الخروج من كرسيه ومغادرة وظيفته فينادونه ليقنعوه.. آن الأوان لأن تكون مسرحية مضحكة" و"هل ستكتبها قريباً؟" فيجيب مختصراً "ربما!". وفي العدد "مختارات من الشعر البولندي المعاصر "لثمانية عشر شاعراً، من أبرزهم :تشيسلاف ميلوش، وجوزيف برودسكي وتاديوش كوبياك..، اختارها وترجمها تيسير مشارقة. وفي باب الدراسات يكتب أحمد دحبور عن الشاعر معين بسيسو، ويكتب محمد حسيب القاضي عن المسرح الشعري الفلسطيني، وناجح المعموري في التجربة الشعرية الجديدة. وفي باب الشهادات نقرأ لعزالدين المناصرة وابراهيم نصرالله وحسين البرغوثي ووسيم الكردي وريم حرب. أما حوار العدد فأجراه مراد السوداني مع الفكر الشاعر التونسي سليم دولة. وفي الزوايا كتب كل من محمد خضير ومحمد الجزائري وأحمد رفيق عوض وخضير ميري. وتضمن باب "وجهاً لوجه" قراءة نقدية من الناقد الاسرائيلي البروفيسور غفريئيل موكيد لمجموعة محمود درويش "سرير الغريبة" الذي نقله الى العبرية الشاعر الفلسطيني محمد حمزة غنايم. في فقرة من المقال يرى البروفيسور موكيد "ان السلام الحقيقي بيننا وبين العرب سيصير ممكناً عندما يقوم درويش وزملاؤه من الأدباء العرب بإدخال التاريخ العبري واليهودي الى "البانثيون السامي الكبير" والايراني والتركي والهيليني "للمنطقة، الى جانب العظمة الاسلامية شيطنة الآخر الصهيوني المحتل الذي يظهر في العالم العربي أكثر من مرة على هيئة العفريت اليهودي من بروتوكولات حكماء صهيون"... وفي الباب نفسه نقرأ حواراً مع محمود درويش نقلته المجلة عن مجلة "عتون 77" الثقافية العبرية. في الحوار الذي أجراه يعقوب بيسر ومحمد غنايم، قضايا الحوار والصراع والسلام والحب والأرض والمرأة، وعلاقة ذلك بشعر درويش. ومن ذلك ما جاء في السؤال عن القراءات الموجهة للشعر، إذ يجيب درويش قائلاً "عندما تكون القراءة مشروطة سلفاً، يصعب التغيير في النص، وذلك يضايقني جداً، ولعلني كتبت كتاباً كاملاً عن الحب، لكي أغير الميل الى التعامل الثابت مع أشعاري، الذي يفسر استعاراتي وطنياً وقومياً محاولاً إيجاد الصلة بالأرض والصراع على الأرض. أنا لا أنكر وجود خيط ضبابي وخفي كهذا لكنه ليس الموضوع المركزي". وفي إجابة على رأيه في قول البروفيسور ساسون سوميخ عن كون درويش وأدونيس "أهم شاعرين في العالم العربي اليوم"، يقول "أنا فخور بما قال، وبكوني جديراً بهذه المكانة. وأدونيس يعد طليعياً في شعره، وقد أسهم كثيراً في تطوير الشعر العربي الحديث. لو نظرت الآن الى خريطة الشعر العربي، ستجد شاعرين يؤثران بل يشكلان تيارات في داخل الإطار الحداثي نفسه: أدونيس وأنا..". وعن عدم اندفاع الكتاب العرب والفلسطينيين في النشاط السياسي اتجاه السلام، يعلن درويش".. خيار السلام في اسرائيل ليس واضحاً في وعي المثقفين العرب. إنهم لا يصدقون ان اسرائيل مؤمنة بالسلام.. مع ذلك فإن الفلسطينيين ومعهم الشعوب العربية قبلوا بوجود اسرائيل من الناحية الفكرية. إذا واصلت اسرائيل التصرف كما تفعل، لن يكون هناك سلام قائم على أساس أخلاقي وحضاري. سهل جداً أن تصنع سلاماً بين جميع الدول العربية وإسرائيل. يمكن حل النزاع على الحدود. ولكن في ما يخص العلاقة بين الاسرائيليين والفلسطينيين، فإننا نرفع المزاعم نفسها، ونملك الادعاءات على الأرض نفسها و.. السماء، والهواء، والماء..، نحن لا نعيش كجيران، بل على الطرف الآخر. تحت اسرائيل توجد فلسطين... يجب الاعتراف بالشعب الفلسطيني وحتى طلب الغفران منه... الخ".