راوحت أزمة الحرب الاثيوبية - الاريترية مكانها امس، فيما لم يحصل أي تقدم ملموس في المفاوضات غير المباشرة التي يجريها طرفا النزاع في الجزائر منذ الثلثاء الماضي. وقال مسؤول المكتب السياسي في "الجبهة الشعبية للعدالة والديموقراطية" الاريترية الحزب الحاكم يماني غبري آب: "ان الاثيوبيين يعرقلون المفاوضات لوقف النار، ويصرون على ضمانات امنية جديدة قبل مغادرتهم الاراضي الاريترية". وقال وزير الخارجية الاثيوبي سيوم مسفن، الذي يرأس وفد بلاده إلى مفاوضات الجزائر امس، انه ابلغ كل المعنيين بالوساطة موقف حكومة بلاده عدم الانسحاب من الاراضي الاريترية قبل حصول اديس ابابا على ضمانات دولية، خصوصاً من الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي. وجدد الوزير ما كان اعلنه رئيس الوزراء الاثيوبي ملس زيناوي اول من امس ومفاده أن "الحرب في المنطقة انتهت". واضاف: "ان بقاء قواتنا في الاراضي الاريترية متوقف على الضمانات التي يقدمها المجتمع الدولي حتى لا تكرر اريتريا ما نفذته سابقاً" من احتلال للاراضي الاثيوبية. وعبر عن اعتقاده بأن "ثمة رغبة اريترية في وأد عملية السلام في الجزائر". ورفض مسفن توضيح نوعية الضمانات التي تطالب بها حكومته، وقال: "نترك تحديد نوعية الضمانات للوسطاء الدوليين". لكن زيناوي كان ذكر خلال اجتماع مساء اول من امس مع الديبلوماسيين الاجانب المعتمدين في اديس ابابا، انه يريد ضمانات من الاسرة الدولية بتحديد القدرات العسكرية للجيش الاريتري كي لا يهدد امن المنطقة مستقبلاً. واعتبر ان الحرب انتهت بالنسبة الى اثيوبيا. لكن الناطق الرئاسي الاريترييماني غبري مسكل ابلغ "الحياة" في اتصال هاتفي اجرته معه امس، "ان الحرب لن تتوقف في ظل وجود قوات اثيوبية تحتل اراضينا". ودخلت المفاوضات غير المباشرة فصلاً جديداً بعد انضمام وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان اسماعيل الى الوسطاء. واجتمع لدى وصوله امس الى الجزائر مع الوزير مسفن، ثم التقى لاحقاً وزير الخارجية الاريتري هايلي ولد تنسائي. ويدير المفاوضات المبعوث الخاص للرئيس الجزائري وزير العدل أحمد اويحيى المكلف ملف النزاع، ويشارك فيها المبعوث الخاص للرئيس بيل كلينتون انطوني ليك، وممثل الاتحاد الاوروبي رينو سيري ايطالي. المعارضة الاريترية وعلى صعيد تحركات المعارضة الاريترية، طالب الرئيس السابق ل"جبهة التحرير الاريترية - المجلس الثوري" احمد ناصر بتشكيل حكومة اريترية انتقالية موسعة تضم كل القوى السياسية بما في ذلك "الجبهة الشعبية للديموقراطية والعدالة" الحاكمة في اسمرا. وقال في بيان تلقت "الحياة" نسخة منه امس، :"ان القضية المركزية المطروحة امام شعبنا الان هي انقاذ وطننا وليس في حال من الاحوال اجترار مرارات الماضي ومحاولة محاسبة النظام الاريتري على الاخطاء الجسيمة التي ارتكبها بحق شعبنا ووطننا. ولكن ذلك لا يعني بالضرورة التنازل عن هذه المحاسبة أو تأجيلها. لكن إثارة مثل هذه القضية في هذه المرحلة الدقيقة ستكون بمثابة تضييع للوقت والجهد". واعتبر "ان النظام الحالي في اريتريا اصبح اليوم في وضع لا يؤهله إجراء مفاوضات مع الحكومة الاثيوبية لانهاء النزاع بين البلدين وايجاد حل عادل وإعادة العلاقة بين الشعبين الى طبيعتها. وإنطلاقاً من هذه الحقائق نقترح تشكيل حكومة وطنية انتقالية تتمثل فيها كل القوى السياسية الاريترية بما في ذلك اعضاء الجبهة الشعبية الحاكمة الذين يرفضون نهج النظام الذي قاد البلاد الى ما هو عليه الآن ... وان تدعو هذه الحكومة اديس ابابا الى إعلان وقف النار فوراً تمهيداً لتهيئة مناخ تفاوضي بين الحكومتين للدخول في مفاوضات مباشرة تحت اشراف الهئات الاقليمية والدولية وصولاً الى حسم النزاع وترسيم الحدود بين البلدين". الى ذلك، نفى مسؤول العلاقات الخارجية في "المجلس الثوري" سيوم عقبا ميكائيل ان تكون قوات المعارضة الاريترية متمركزة في المناطق الحدودية الاثيوبية او انها تخطط لملء الفراغ الذي ستتركه القوات الاثيوبية لدى انسحابها من الاراضي الاريترية التي احتلتها منذ 12 من الشهر الماضي. وقال ميكائيل من بون في اتصال هاتفي اجرته معه "الحياة" امس: "ان المعارضة الاريترية لم تحاول في أي شكل من الاشكال استغلال الحرب لمصلحتها، بل ابعدت نفسها عن التورط الى جانب الاثيوبيين وانكفأت عن تنفيذ اي دور عسكري. بل ذهبت ابعد من ذلك بان طالبت اديس ابابا بسحب قواتها من الاراضي الاريترية". واضاف: "علاقتنا مع الاثيوبيين عادية كما هي مع السودانيين، ونحن لدينا استراتيجية خاصة تختلف تماماً عن الحرب التي تقودها اثيوبيا ضد النظام الاريتري. ولدينا استقلالية في قراراتنا ولا نسمح لاثيوبيا بان تكون حارسة لقواتنا او ان تقف خلفها. وفي هذا نؤمن بان العمل لاسقاط نظام اسمرا يجب ان يحصل من الداخل بحماية ابناء البلد، وهو الامر الذي نفعله حالياً".