تتجه أزمة الائتلاف الحكومي الاسرائيلي نحو الحل في ضوء "العرض السخي" الذي قدمه رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك للحيلولة دون انسحاب حزب شاس الديني وذلك على حساب الشريك اليساري في هذه الحكومة ممثلا بحركة ميرتس، فيما دعا وزير خارجيته ديفيد ليفي الى اقامة حكومة "وحدة وطنية" لمواجهة الموقف الفلسطيني. وأعربت مصادر مطلعة قريبة من باراك عن اعتقادها بأن الأزمة مع الحزب الديني "في طريقها الى الحل"، إذ يتضح أن عرض باراك يستجيب معظم مطالب شاس. ويشمل عرض باراك نقل شبكة التعليم التابعة للحزب من وزارة التعليم لتصبح من صلاحيات الوزير متان فلنائي او الى لجنة وزارية برئاسة باراك نفسه وكذلك فتح شعبة دينية تابعة للاذاعة الاسرائيلية بدلا من الاذاعات الخمس غير الشرعية التي تديرها شاس. وقالت الاذاعة الاسرائيلية ان شاس وافقت على عرض باراك ولكنها تطالب ب"ضمانات" بتنفيذ عملية النقل في أقرب وقت ممكن لتتمكن من الانتهاء من الترتيبات الخاصة بالعام الدراسي الجديد. وتقرر عقد اجتماع بين الوزيرين من حزب العمل يوسي بيلين وحاييم رامون من جهة، والوزيرين من حزب شاس ايلي يشاي وشلومو بنعزري في ساعة متقدمة من الليلة الماضية "لبلورة اتفاق" بشأن الاذاعات الدينية الخمس التي تديرها شاس بشكل غير قانوني بما يضمن موافقة حزب شاس. وأثار الاعلان عن عرض باراك عبر وسائل الاعلام الاسرائيلية غضب وزير التعليم رئيس حزب ميرتس اليساري يوسي سريد الذي هدد بالانسحاب من الحكومة اذا ما التزم باراك اقتراحه ونقل شبكة التعليم الدينية الى خارج صلاحيات وزارة التعليم. وشهدت الاسابيع الاخيرة تراشقا بالكلمات النابية بين سريد ومسؤولي حزب شاس كان آخرها اتهام سريد باتباع نهج "النازية" في التعامل مع الحزب الديني، الامر الذي حمل رئيس الكنيست الاسرائيلية على بحث امكانية نقل المسألة الى القضاء الاسرائيلي. واطلق الزعيم الروحي لحزب شاس الديني المتشدد الحاخام عوفاديا يوسف لعنات جديدة على وزير التعليم ساريد امس، وقال مكرراً مقاطع من التوراة في الصلاة اليومية العامة التي يديرها من منزله في القدس: "لتنته ايامه وليخسر زوجته واولاده". وقد نقلت الاذاعة الاسرائيلية الحكومية تصريحاته. وقال الوزير ران كوهين من ميرتس ان عملية نقل شبكة التعليم الدينية "تدل على الفساد والتخلي عن معايير الحكم السليم". واعتبرت المديرة العامة لوزارة التعليم شلوميت أماهاي هذا الاجراء، ان تم، "غير لائق" واضافت في تصريحات صحفية أن المشكلة "ليست سياسية بل مهنية". وقال باراك نفسه في تصريحات للصحافيين اثناء تدشينه خطا جديدا للسكة الحديد أنه عمل منذ انتخابه من اجل حكومة موسعة بأكبر قدر ممكن "حكومة تصطف وراء موقفنا وتضع القضايا الامنية في المقدمة بما يتلاءم وما وعدت به الجمهور". الا ان باراك أبقى الباب مفتوحاً للتكهنات وذلك ليتفادى، في ما يبدو ضربة أخرى من شاس وقال ان "الازمة مع شاس من الممكن ان تحل أو أن لا تحل... شاس تعرف موقفنا وستقدم اجوبتها". ونفى نواب عرب من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والكتلة العربية الموحدة التقاهم الوزير يوسي بيلين امس ان تكون مسألة احتمال انضمامهم الى حكومة ائتلافية ضيقة بزعامة باراك قد طرحت للبحث. وقال النائب عبدالمالك دهامشة ان بيلين قال بوضوح ان هذا اللقاء لا يمت بصلة الى الازمة الائتلافية الحالية. واشار دهامشة الى ان بيلين وعد بانتهاج سياسة نحو "المساواة" اتجاه الجماهير العربية في الدولة العبرية. وكانت احزاب وشخصيات اسرائيلية كثيرة حذرت باراك عبر صفحات الصحف العبرية من الاعتماد على الاحزاب العربية كشركاء في اي حكومة مستقبلية. ويحتل العرب عشرة مقاعد في الكنيست الاسرائيلية ويشكلون 20 في المئة من عدد سكان الدولة العبرية. ورأى وزير الخارجية الاسرائيلي ديفيد ليفي في المقابل ان الاوضاع السياسية وتطورات المفاوضات مع الفلسطينيين تستدعي اقامة حكومة "وحدة وطنية" تشمل حزب ليكود المعارض "لمواجهة التعنت الفلسطيني". وقال ليفي في مقابلة مع الاذاعة الاسرائيلية أن حكومة بهذه المواصفات هي فقط التي تستطيع "مواجهة مطالب العملية التفاوضية". وجاء رد "ليكود" سريعاً "وقاسياً" على زميل سابق وذلك على لسان الناطق باسم الحزب داني نافيه الذي قال أن ليكود لا ينوي الانضمام الى حكومة وحدة لأن حكومة باراك "ورطت نفسها بعروض سخية للفلسطينيين والسوريين الى درجة يستحيل معها على ليكود الانضمام الى مثل هذه الحكومة بل وتستوجب اتخاذ خطوات عملية لتقديم موعد الانتخابات.