وجد رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك نفسه وسط بوادر أزمة جديدة تهدد ائتلافه الحكومي المتضعضع بعدما صعّد حزب "شاس" الديني المتزمت حملته التحريضية على أحد شركائه في الحكومة الذي يمثل نقيضه عقائدياً. ووصف الزعيم الروحي لحزب "شاس" الحاخام عوفاديا يوسف وزير التربية والتعليم الاسرائيلي من حركة "ميرتس" اليسارية يوسي ساريد بأنه "شيطان يجب محو ذاكرته". ودعا خلال احتفالات عيد "بوريم" اليهودي الى "لعن" ساريد "العدو اللدود لليهودية". ووصفت مصادر سياسية اسرائيلية حملة الحاخام يوسف على ساريد بأنها "فضيحة"، فيما نقلت الاذاعة الاسرائيلية عن المستشار القانوني للحكومة نيته فتح تحقيق قضائي بحق الحاخام. وأفادت وكالة "فرانس برس" ان عشرات الأشخاص من اليسار الإسرائيلي تجمعوا أمام منزل الحاخام منددين بتصريحاته، ورددوا "إسرائيل لن تتحول إلى إيران". وأثارت تصريحات يوسف عاصفة من الانتقادات قادها الى جانب حركة "ميرتس" حزب العمل الذي يتزعمه باراك. وقال وزير العدل الاسرائيلي يوسي بيلين حزب العمل ان الحاخام "انتهك اسم الله في كنيس" واصفاً أقوال يوسف بأنها "دعوة الى معاقبة ساريد" فيما اعتبرت وزيرة البيئة داليا اتسيك من الحزب ذاته أن اللعنة الدينية التي دعا اليها الحاخام اليهودي تشبه اللعنة التي اطلقها متطرفون يهود قبل اغتيال رئيس الوزراء السابق اسحق رابين على يد احدهم. وذهب وزير الزراعة حائيم اورون ميرتس الى حد وصفها بأنها "دعوة الى القتل". باراك اتخذ موقفاً "وسطاً" ازاء الفرقاء المشاركين في حكومته، فهو لا يستطيع تجاهل الأقوال الخطيرة التي صرحت بها إحدى الشخصيات الأكثر نفوذاً في المجتمع الاسرائيلي ضد زعيم "ميرتس"، ومن جهة أخرى، لا يستطيع أن يتحمل غضب "شاس" عليه وهو يشكل ثاني أكبر حزب لجهة المقاعد التي يحتلها في الكنيست البرلمان والقوة التي يعتمد عليها في تمرير المخططات السياسية في ما يتعلق بالمسيرة السلمية مع سورية ولبنان والفلسطينيين. ويحتل "شاس" سبعة عشر مقعداً في الكنيست بينما تحتل "ميرتس" عشرة مقاعد. وتعتبر حركة "ميرتس" حليفاً سياسياً استراتيجيا لباراك وحزب العمل الذي يتزعمه، ولكن من دون أصوات "شاس" في البرلمان لن تتمكن الحكومة الحالية من تمرير سياساتها المتعلقة بالمفاوضات على المسارات الثلاثة السوري واللبناني والفلسطيني. ودعا باراك خلال الجلسة الاسبوعية لحكومته امس الى "ضبط النفس" والامتناع عن الادلاء بمثل تلك الاقوال "الخطيرة" التي صدرت عن الحاخام يوسف، مشيراً الى اهمية "الوحدة" بين قطاعات المجتمع الاسرائيلي. وسارع الى الاجتماع مع ساريد "لبحث تفوهات" الحاخام وتهدئة الخواطر، في حين امتنع ساريد عن التعقيب على اقوال زعيم شاس مكتفياً بتأكيد أن "احداً لن يشوش العمل" في وزارته. وحاول حزب "شاس" تهدئة "اللعب" بعد رد الفعل العنيف على تصريحات زعيمه الروحي. واوضح الوزير ايلي يشاي الذي ينتمي الى الحزب أن ما قاله الحاخام "لا يشكل في أي حال تشجيعاً على الاعتداء على شخص ساريد" فيما أكد النائب نسيم زئيف من شاس أن خطاب الحاخام يوسف "اراد ببساطة تأكيد أن ساريد تجاوز كل الحدود". وفي تلويح لباراك أكد يشاي التزام حزبه العملية السلمية "طالما وجد في الاحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي شركاء حقيقيين". ويرى مسؤولون في "شاس" أن ساريد يحاول منذ تشكيل الائتلاف "استفزازهم" واخراجهم من الحكومة بسبب الخلاف المتجذر بين الجانبين. وصوّت نواب الحزب الديني الى جانب اليمين الاسرائيلي المعارض مرتين هذا الشهر على اقتراح بحجب الثقة عن الحكومة، بسبب إمعان ساريد في تجاهل مطالب الحزب الديني بالحصول على صلاحيات اوسع في جهاز التعليم، وبالتحديد في المدارس الدينية. ورفض ساريد بصفته وزيراً للتربية والتعليم تعيين أحد أعضاء حزب "شاس" نائباً له. وأثار قراره الادراج - غير الالزامي - لقصائد للشاعر الفلسطيني محمود درويش في المنهاج التعليمي للمدارس اليهودية غضباً عارماً في اوساط الاحزاب الدينية واليمينية التي اعتبرته محاولة ل"تدمير الهوية اليهودية" لدولة اسرائيل.