قالت مصادر مغربية مطلعة ل"الحياة" إن الشرطة القضائية المغربية بعثت بمذكرة توقيف إلى الانتربول في حق أشخاص نافذين موجودين خارج المغرب وردت اسماؤهم في التحقيقات الجارية في شأن اختلاسات وتلاعبات مالية طالت بعض مصارف القطاع العام. وأشارت المصادر ان من بين هؤلاء الذين فروا إلى الخارج مباشرة بعد فتح التحقيقات القضائية في ملف "القرض الزراعي" مسؤول كبير رشيد الحداوي كان على رأس هذه المؤسسة، وجهت إليه تهمة الفساد المالي بعد أن أبلغ متهمون معتقلون على ذمة التحقيق في المصرف الجهات القضائية بتلقيهم تعليمات شفهية من رئيسهم للافراج عن قروض كبيرة من دون ضمانات. وتقدر قيمة القروض غير القابلة للاسترداد التي خسرها المصرف الزراعي بنحو 660 مليون دولار، في حين بلغ حجم التلاعبات والاختلاسات المالية 350 مليون دولار. ويقدر حالياً مجموع الخسائر التي تكبدتها ثلاثة من مصارف القطاع العام نتيجة سوء الإدارة مبلغ 16 بليون درهم 5.1 بليون دولار منها تسعة بلايين درهم في "القرض العقاري السياحي" و6.6 بليون درهم في "القرض الزراعي" و400 مليون درهم في "الصندوق المغربي للضمان الاجتماعي" الذي يتولى تمويل معاشات المتقاعدين وهو موضع تحقيق أمام لجنة برلمانية بسبب عجوزاته المالية. وكان الصندوق عقد أول من أمس اجتماعاً في الدار البيضاء لدراسة حساباته التي تحفظ أعضاء في المجلس الإداري عن إقرارها. وقالت مصادر صحافية إن بعض المسؤولين السابقين في تلك المؤسسات كانت لهم علاقة قوية بوزير الداخلية السابق ادريس البصري، الذي كان وراء ترشيحهم لتلك المناصب. وجاء في اعترافات أدلى بها متهمون أمام قاضي التحقيق لدى المحكمة الخاصة في فضيحة الصندوق الوطني للقرض الزراعي، انهم كانوا ينفذون أوامر شفهية من أعلى من دون التوقيع على قرارات أو اصدار مذكرات لتقديم القروض التي مولت مشاريع أقارب وعائلات جهات كانت نافذة في المغرب. وتساءل بعض الأوساط المطلعة على الملف ما إذا كان البحث سيشمل كل الأسماء التي وردت في التحقيق أم سيكتفى بالمنفذين للعمليات المشبوهة. وتستبعد هذه الأوساط في الوقت الراهن استدعاء الشهود من "العيار الكبير" والاكتفاء بالمتعاملين مع "القرض الزراعي" كزبائن حصلوا على قروض متفاوتة الأهمية أو كمنعشين عقاريين انجزوا فروعاً للمصرف في عدد من مناطق المغرب، أو أبرموا صفقات مشبوهة، خصوصاً في مجال الأجهزة المكتبية والاعلاميات. وتتفادى الجهات المحققة إشراك الصحافة في معلومات ملفات الفساد المالي في المغرب، لتفادي التأثير في مجرى التحقيقات التي يتوقع لها أن تستمر أشهراً أخرى قبل اصدار الأحكام، خصوصاً أن خيوط التلاعب والرشاوى والقروض الوهمية قد تجر معها شخصيات سياسية ونقابية مؤثرة. وقال وزير العدل المغربي السيد عمر عزيمان إن عمل محكمة العدل الخاصة يختلف عن مهمة لجنة التحقيق البرلمانية التي ينحصر دورها في إحاطة البرلمان بالمعطيات التي تتوصل إليها في شأن قضية "القرض العقاري والسياحي"، بينما أوكل إلى المحكمة الخاصة مهمة اصدار عقوبات في حق المخالفين للقانون، وأكد أنه لا يوجد شخص في المغرب فوق القانون. ويواجه تشكيل لجنة التحقيق البرلمانية في قضيتي "العقاري السياحي" و"الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي" خلافات بين الأعضاء حول تركيبة اللجنة ومجال نشاطها وطريقة عملها. ويتبادل بعض الأحزاب تراشقاً إعلامياً ويتهم بعضها بعضاً بوجود محوسبين عليها لهم علاقة بملفات الفساد المالي الذي طال أربع موسسات كبرى في المغرب، مرشحة فصوله للتفاعل في ظل وجود ضوء أخضر للاستمرار في كشف الخبايا التي امتدت إلى الجماعات المحلية البلديات، والتي لا يستبعد ان تجر معها رؤوساً كبيرة بعضها له مقاعد في البرلمان.