كشفت مصادر مصرفية ل"الحياة" ان حجم القروض الهالكة المستعصية التحصيل المتنازع حولها في المغرب ارتفعت في الربع الثالث من السنة الجارية الى 3.5 بليون دولار نحو 35 بليون درهم استفادت منها شركات، بعضها وهمي، وشخصيات كبيرة في الدولة كانت مقربة من صنع القرار في السابق. اعتبرت المصادر المصرفية ان قيمة القروض الهالكة تقدر بنحو 9 في المئة من اجمالي الناتج الخام ونحو 20 في المئة من الموازنة العامة للدولة المقدرة للسنة المقبلة بنحو 16 بليون دولار. وتتجاوز القروض عشر مرات مجموع أرباح المصارف المغربية، البالغ عددها 16 مصرفاً. وقال مصدر طلب عدم ذكر اسمه، ان المصارف رصدت مخصصات اضافية من احتياطاتها المالية السنة الجارية ما سيؤثر في أرباحها التي كانت ارتفعت العام الماضي 300 مليون دولار، وستدفع تلك الاجراءات بورصة الدار البيضاء الى خفض جديد في المؤشر العام للاسهم الذي فقد تسع نقاط منذ بداية السنة وشمل أسهم المصارف المغربية. وتعرض مئات القضايا والمنازعات على المحاكم المغربية لعلاقتها بملفات الفساد المالي بعضها ضد شخصيات غادرت المغرب واستقرت في فرنسا وكندا وتحمل جنسيات دول أجنبية. وأشار المصدر الى أن جزءاً من تلك القروض حول الى الخارج لشراء عقارات بينما لم تتوافر ضمانات كافية على ديون أخرى كانت تُمنح بتعليمات هاتفية أو تدخلات شفوية عليا خاصة لمصارف القطاع العام. وتقدر القروض غير المستردة في صندوق القرض الزراعي بنحو 1.5 بليون دولار وتباشر محكمة العدل الخاصة في الرباط منذ أشهر تحقيقات في الموضوع وكانت المحكمة استمعت أول من أمس الى المدير العام السابق رشيد الحداوي الذي كان عاد طواعية من باريس وهو يمكث في مستشفى بالرباط ويضرب عن الطعام بعد تحويله الى السجن المركزي في سلا الذي أودع فيه كذلك حوالى 30 شخصاً من المسؤولين السابقين في المصرف. وعقدت اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق في "ملف القرض العقاري والسياحي" اجتماعها المغلق أول من أمس في حضور محافظ المصرف المركزي محمد السقاط والمدير العام لصندوق الايداع والتدبير خالد القادري واستمعت اللجنة الى ست شخصيات لها علاقة بالملف من بينها رؤساء سابقون للمصرف مثل الزين الزاهدي، الذي كان يشغل منصب وزير التخصيص مطلع التسعينات، وعثمان السليماني الرئيس المدير العام السابق للمصرف العقاري. وكانت الحكومة وافقت على منح ضمانات لضخ مبالغ بقيمة 660 مليون دولار لانقاذ المصرف العقاري من الانهيار منها 200 مليون دولار اكتتابات جديدة من كبار المساهمين لإعادة تشكيل رأس مال بعدما فقد المصرف كل رأس ماله وعجز عن تشكيل مؤونة كافية لتغطية قروض هالكة مشكوك في استرجاعها تفوق قيمتها بليون دولار. وقال مصدر في لجنة التحقيق البرلمانية ل"الحياة" اننا "استمعنا الى مسؤولين سابقين في المصرف العقاري على أساس انهم شهود في منح القروض في وقت كان يجب أن نستمع اليهم كمسؤولين عن منح القروض ومصيرها". وطالب المصدر بادراج مصارف أخرى مثل "البنك الشعبي" الذي لا يزال تحت سلطة الدولة في قائمة التحقيقات الجارية والكشف عن حساباته الخارجية خصوصاً فرع باريس. وحسب المصادر فإن القروض غير المستردة لصالح المصارف التجارية التابعة للقطاع الخاص تقدر بنحو بليون دولار بات من الصعب تحصيلها وتحتاج الى ملفات قضائية ومسطرات ادارية معقدة على رغم وجود بنود في القانون التجاري الذي صادق عليه البرلمان عام 1995 يضمن حقوق المقرضين الدائنين. وقالت المصادر ان بعض القروض غدت غير قابلة للاسترداد لأنها محسوبة على شركات أفلست أو غادر أصحابها المغرب أو قدمت فيها ضمانات عينية فقدت قيمتها مع الزمن مثل العقارات والمباني وتشمل هذه الفئة رجال أعمال عرب كانوا مقيمين في المغرب. ولتجاوز الأزمة عمدت المصارف التجارية الى استقطاع مخصصات جديدة لتغطية العجز المالي في الموازنة نحو 3 في المئة بعدما فضلت الحكومة صيغة الاقتراض الداخلي على الاستدانة الخارجية.