ساهم الخلاف مع قناة "الجزيرة" وعمليات "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" بزعامة حسن حطاب في تعزيز التقارب بين العواصم المغاربية، وفي تجاوز التباعد الذي أدى الى برود في العلاقات طيلة الفترة الماضية. وكان لافتاً ان تونس وليبيا اللتين لم تتوصلا الى صيغة لمعاودة تشغيل الخط الجوي المباشر بين عاصمتيهما منذ تعليق العقوبات الدولية على طرابلس العام الماضي، ذللتا الخلافات سريعاً خلال الزيارة التي قام بها الرئيس زين العابدين بن علي أخيراً لليبيا واتفقتا على معاودة تسيير الرحلات المباشرة في سياق اتفاقات اخرى شملت خصوصاً انشاء قناة تلفزيونية فضائية مشتركة. وكانت تونس وليبيا سحبتا سفيريهما من الدوحة الشهر الماضي احتجاجاً على بث برامج اعتبرتاها معادية لهما في قناة "الجزيرة"، فيما وجه اليها بن علي انتقادات لاذعة خلال اجتماع مع مدراء الصحف المحلية بث التلفزيون الرسمي القسم الأكبر منه. وكان بن علي رأس، بعد عودته من ليبيا، مجلساً وزارياً مصغراً خصص لمتابعة تنفيذ الاتفاقات التي توصل اليها مع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، وبينها الاتفاق على انشاء قناة فضائية سيعهد لخبراء من البلدين اعداد الدراسات الفنية اللازمة لإطلاقها. وعلى صعيد العلاقات التونسية - الجزائرية لعبت العملية التي نفذتها "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" على مركز حرس الحدود في منطقة تالة التونسية دوراً مهماً في تسريع التنسيق الأمني بين البلدين، والذي كرسته زيارة رئيس الأركان الجزائري الفريق محمد العماري لتونس الشهر الماضي والمحادثات التي اجراها مع كبار المسؤولين العسكريين والمدنيين التونسيين، وفي مقدمهم بن علي. ويمكن القول ان الهجوم الذي شنته "الجماعة السلفية" على قرية سيدي حمدون قضاء وجدة المغربية في نيسان ابريل الماضي أدى الى نتائج مماثلة على صعيد تكثيف التنسيق الأمني وتسريع وتيرة الاجتماعات بين كبار المسؤولين في وزارتي الداخلية المغربية والجزائرية. يذكر ان السلطات العسكرية الجزائرية أعلنت لاحقاً أنها قضت على اعضاء الجماعة التي نفذت الهجوم على سيدي حمدون. وأفادت مصادر مطلعة ان وزارتي الداخلية عاودتا احياء الاتفاقات الأمنية الثنائية أخيراً وأرستا تقاليد اللقاءات والمشاورات الدورية لتبادل المعلومات في شأن حركة الجماعات المسلحة التي تردد أنها تسعى الى تصدير عملياتها العسكرية عبر الحدود الى البلدان المجاورة. وأشارت مصادر مطلعة في هذا السياق الى ان محكمة وجدة القريبة من الحدود المشتركة مع الجزائر قررت سجن ثمانية مغاربة بتهمة التواطؤ مع الجماعات المسلحة الجزائرية و"تعاطي نشاطات تخريبية" في السابع من الشهر الماضي. ويتوقع ان يشهد التنسيق الأمني مزيداً من التطوير بين البلدان الثلاثة في الأشهر المقبلة. ويشكل هذا الملف أحد المحاور الرئيسية في المحادثات التي يجريها بوتفليقة مع نظيره التونسي خلال زيارته الرسمية لتونس والتي ارجئتمن الخميس الماضي الى موعد لاحق بسبب وعكة صحية المت بالرئيس الجزائري الريارة. وكان بوتفليقة زار تونس في نيسان ابريل الماضي لحضور مراسم تشييع الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة في مدينة المنستير.