عكست محاضر التحقيق في قضية سفاح الطالبات في مشرحة كلية الطب في جامعة صنعاء، السوداني محمد آدم عمر، الكثير من التناقضات. اذ كان اتهم اربعة من الاطباء الاساتذة في كلية الطب عراقيان ويمنيان بأنهم شركاء له في جرائم المشرحة بهدف المتاجرة بأعضاء ضحاياه الطالبات. لكن غياب الأدلة ونتائج المواجهة بين المتهم والاطباء اظهرت للمحققين ان لديه دوافع للانتقام من الاطباء الأربعة. الى ذلك ادعى المتهم انه سافر الى ايران وتركيا وسورية، ودخل الى معسكر تدريب في البقاع لمدة ثلاثة أشهر على نفقة منظمة التحرير الفلسطينية عام 1989، وانه عمل تحت قيادة "أبو نضال" وسجن في سجن الخيام على يد القوات الاسرائيلية لمدة مماثلة، كما أفاد بأن وزير الزراعة الاتحادي في السودان الدكتور الحاج آدم يوسف هو ابن عمه. وسألت "الحياة" الوزير السوداني الدكتور الحاج آدم يوسف عن إدعاء "سفاح صنعاء" أنه إبن عمه فنفى ذلك، قائلاً إن "والدة المتهم تنتمي الى محافظة عد الفرسان في إقليم جنوب دارفور الغربي، الذي أنتمي اليه". وأضاف "بحكم أنني الوزير الاتحادي الوحيد من المنطقة فإن أي شخص منها ينتسب إلي". وزاد : "أعرف أمه لكنني لا أعرفه هو ولا والده. تعرفت على والدته نحو العام 1992 وهي تنتمي الى قبيلتي بني هلبة . أعرفها جيداً وكانت تسكن الخرطوم ثم قررت العودة الى المنطقة بعد وفاة إبنتها في حادث غامض جدا ووفاة ولدها في حادثة سير. تابعت هذا الامر وكنا نساعدها. لم نكن نعرف أن لها ولدا مثل هذا". وزاد ان المتهم "أرسل أخيراً خطاباً من اليمن بعنواني لتسليم أغراض أرسلت في حاوية الى والدته. وصلت هذه الاشياء المطار ولما وجدنا فيها أشياء غير لائقة سلمت الى الاجهزة الامنية. وأعتقد أنها سلمت أخيراً للسلطات اليمنية". وبسؤاله عن محتويات الحاوية قال :"أشرطة أغاني وأفلام. أشياء لا صلة لها بأمه. هناك أيضا ملابس وأجهزة إلكترونية". وقال: "لا أنكر هذه الصلة لكن لا معرفة بيننا. هي والدته ونحن نقدرها ولا نزال نبرّها أحياناً، ومهما كان ما ارتكبه من جرائم فأمه لا تزال محل التقدير". وتابع: "إذا قال انه يعرفني فإن ذلك تم من خلال أمه أو من خلال الانتماء للمنطقة. الرجل ينسب الى والده". وقال في إجابة عن سؤال "لا أعرف شيئاً عن الرجل. والمعلومات المتاحة أنه كان عامل مشرحة عادياً جداً وبلا مؤهلات". وأضاف "لم تحصل جرائم في السودان مما يتردد. هناك تضخيم إعلامي كبير. تحليلي الخاص أنه مصاب بخبل. التحقيقات هي التي ستفضي الى الحقائق". وكشفت التحقيقات ان المتهم محمد آدم عمر سافر الى الكويت عام 1984 حيث عمل ستة شهور بائعاً متجولاً، ثم الى العراق في نهاية عام 1985 حيث عمل بناءً، وعاد الى السودان لينتقل بعد بضعة شهور الى تشاد وافريقيا الوسطى حيث امضى شهوراً عدة من دون عمل، حسب أقواله في محاضر التحقيق التي اتهم فيها طالباً سودانياً بالهرب مع الطالبة العراقية زينب الى السودان قبل اعترافه بقتلها، وان طالباً سودانياً آخر قتل طالبة في المشرحة وساعده في تقطيع الجثة واخفائها. ورغم الاعترافات والتناقضات التي وردت في أقوال المتهم طوال التحقيق والتي تثير شكوكاً بوجود شركاء للسفاح الا ان وقائع التحقيقات والمضبوطات والتحريات لم تثبت شيئاً. وأشارت مصادر أمنية وقضائية ل"الحياة" الى ان ملابسات القضية كشفت في التحقيقات وان الخلل يبقى في تحديد دوافع السفاح لارتكابه جرائمه في المشرحة، والتي تناقضت أقواله فيها مرات عدة. الى ذلك خلصت لجنة طبية يمنية من أربعة اعضاء برئاسة الطبيب الشرعي الدكتور قاسم عبده عقلان في تقريرها يوم 25 ايار مايو الماضي الى النيابة العامة التي كلفتها بحصر الجثث في مشرحة كلية الطب وثلاجة الكلية وحصر العظام البشرية وغير البشرية، الى نتائج مهمة تتمثل في ان الجثث التي عثر عليها وبقايا العظام تعود الى نساء ورجال، ما ينفي الدافع الجنسي للجريمة الا اذا كان الجاني شاذاً جنسياً، بالإضافة الى وجود عظام واشلاء بشرية لأشخاص بالغين ولأحداث وأطفال. وجاء في التقرير: "شاهدنا آثار حروق نارية على بعض العظام الحديثة" ربما بهدف التخلص منها. واستنتج ان عدد الضحايا الذي يطرحه الجاني مبالغ فيه "إذ قمنا بإعادة تجميع وتصنيف العظام والاحشاء والأشلاء، وهي قد لا تصل الى خمس حالات من غير الجثث الكاملة، بالإضافة الى اختفاء بعض القطع المتماثلة للجثث التي يجب البحث والتحري عن مصيرها". واكد التقرير عدم وجود أي سجلات أو بيانات يمكن الرجوع اليها لمعرفة عدد الجثث الداخلة الى المشرحة ومصادرها وايضاً طريقة التخلص من بقايا الجثث بعد التشريح. وتستأنف بعد غد السبت محاكمة المتهم السوداني وسط متابعة واسعة من أوساط المجتمع اليمني كافة. وعلمت "الحياة" من مصادر مطلعة ان جامعة صنعاء ستشهد تغييراً شاملاً لهيئاتها العليا في ضوء ما كشفت عنه قضية السفاح من فساد وسوء تنظيم داخل الجامعة.